ضخ 250 مليار متر مكعب من الإمدادات الجديدة بدءاً من 2025 بقيادة الولايات المتحدة وقطر

هل يوشك مشترو الغاز الطبيعي على التحكم في السوق؟

صهاريج تخزين الغاز الطبيعي المسال - المصدر: بلومبرغ
صهاريج تخزين الغاز الطبيعي المسال - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تستند استراتيجية الطاقة في أوروبا إلى حد كبير الآن على آمال بقاء الطقس المعتدل في القارة، وذلك للشتاء الثاني على التوالي، في ظل انخفاض الطلب من القطاع الصناعي، واستمرار تحرك أسعار الغاز في نطاق 50 يورو (53 دولاراً) لكل ميغاواط للساعة، أي أكثر من ضعف متوسط الأسعار خلال العقد الذي سبق غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا.

رغم ذلك، يمكننا أن نبدأ من الآن في تصور مستقبل أقل يأساً والتخطيط له، وبدلاً من عالم يعاني بسبب شح المعروض، سيظهر آخر مليء بإمدادات وفيرة من الغاز الطبيعي المسال التي توفرها الولايات المتحدة وقطر.

لتحقيق ذلك، يجب أن تسير الأمور حسب الخطة المقررة تماماً. وبعد عامين من الأزمة المستمرة، أصبح الالتزام بـ"تنفيذ الخطط المقررة" ذا أهمية كبيرة. بالطبع هناك أمل، ولكن على مدار العام ونصف العام المقبلين على الأقل، سيظل الأمر "مجرد آمال" غير محققة.

توازن مرتقب في أسواق الغاز

قالت وكالة الطاقة الدولية هذا الأسبوع إنه "بدءاً من عام 2025، من المتوقع أن تؤدي الزيادة غير المسبوقة في مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة إلى إعادة التوازن في الأسواق مع تقليص المخاوف بشأن إمدادات الغاز الطبيعي"، وتردد وجهة النظر هذه أصداء التوقعات التي تكتسب زخماً في السوق خلال الوقت الراهن، ومفادها أنه "من المقرر أن تعيد موجة من مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة تشكيل أسواق الغاز".

لدرجة أن فاتح بيرول، رئيس الوكالة، ذهب إلى أبعد من ذلك وقال إن "سوق الغاز بصدد التحول إلى سوقٍ يتحكم فيها المشترون".

على عكس خطوط أنابيب الغاز، التي تربط المشترين والبائعين فعلياً، تقوم محطات تصدير الغاز الطبيعي المسال بتبريد الغاز بشكل فائق وتحويله إلى شكل سائل، قبل تحميله على السفن الضخمة. يستغرق بناء كل محطة سنوات وتكلّف عدة مليارات من الدولارات. وفي الطرف الآخر من السلسلة، هناك حاجة إلى محطة إعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى حالته الغازية قبل شحن السلعة عبر خط الأنابيب المحلية إلى المستهلك النهائي.

يعتبر الغاز الطبيعي المسال أمراً بالغ الأهمية لتحقيق التوازن في سوق الغاز الأوروبي، حيث إن شراء الغاز الروسي عبر خط الأنابيب، والذي كان يمثل قبل غزو أوكرانيا أكثر من ثلث واردات القارة، أصبح غير وارد. ووصلت خطوط الأنابيب الممتدة من دول أخرى، كالنرويج والجزائر بالفعل إلى الحد الأقصى. وأعرب أندرس أوبيدال، رئيس شركة "إكوينور" (Equinor) النرويجية، عن الأمر بإيجاز في مؤتمر الطاقة الأخير، بقوله: "الجميع يحاول تعزيز الإنتاج، ولكن في نهاية المطاف سوف تعتمد أوروبا على إمدادات الغاز الطبيعي المسال".

قفزة الطلب الأوروبي على الغاز

قبل خمس سنوات، كانت أوروبا تحتاج إلى ما يقل عن 50 مليون طن سنوياً من إمدادات الغاز الطبيعي المسال لتلبية الطلب. وتعتقد شركة "شل"، أكبر شركة لتجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم، أن أوروبا تحتاج الآن إلى ما يقرب من 100 مليون طن، وبحلول عام 2030، تحتاج إلى حوالي 140 مليون طن.

منذ أن توغلت الدبابات الروسية في أوكرانيا، أدرك صناع السياسات الأوروبيون أن هناك ضوءاً في نهاية النفق، والذي يتمثل في موجة من مشاريع الغاز الطبيعي المسال المقرر لها أن تبدأ الضخ بحلول منتصف العقد، ومن شأنها أن تغير ميزان العرض والطلب.

من أجل استيعاب الزيادة في واردات الغاز الطبيعي المسال، سارعت ألمانيا إلى إنشاء سلسلة من محطات إعادة التغويز أيضاً في بحر الشمال وبحر البلطيق. لكن خلال شتاء 2021-2022، و2022-2023، كانت السوق في حالة صراعٍ من أجل البقاء، وتقاتل للحصول على شحنات الغاز الطبيعي المسال مع مجال ضئيل للتفكير في عالم الوفرة الذي بدا في ذلك الوقت حلماً بعيد المنال.

علاوة على ذلك، أدرك صناع السياسات أن المشاريع تميل إلى التأخير وتجاوز الميزانية المخصصة لها. وفي بعض الحالات، لم تكن هناك ضمانة بأنه سيجري بناؤها فعلاً.

اليوم، لم يعد الضوء أقرب كثيراً فحسب، بل أصبح أكثر تأكيداً بشكل حاسم. فالمشاريع تسير قدماً. ومن عام 2025 فصاعداً، سيجري طرح حوالي 250 مليار متر مكعب من إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديد في السوق. وهذا رقم مذهل، ويساوي حوالي 45% من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي المسال اليوم.

قطر تبيع 40% من إنتاج الغاز الجديد

بالفعل، وقعت الشركات الأوروبية في الأسابيع الأخيرة سلسلة من صفقات الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل مع شركة "قطر للطاقة" المملوكة للدولة. اتفقت شركات "توتال" و"إيني" و"شل" على شراء 8 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بموجب عقود تمتد حتى خمسينيات القرن الحالي. وفي وقت سابق، وقعت شركة الطاقة الأميركية "كونوكو فيليبس" (ConocoPhillips) عقداً آخر يناهز مليوني طن سنوياً لتزويد ألمانيا من قطر.

بالنسبة لقطر، يعد هذا انتصاراً هائلاً للمبيعات. وتمتلك البلاد حوالي 48 مليون طن من إمدادات الغاز الطبيعي المسال المتوقعة في إطار توسعة أكبر حقل للغاز لديها. وبفضل العقود الأوروبية، بالإضافة إلى العديد من الصفقات مع الصين، باعت قطر بالفعل حوالي 40% من إنتاجها الجديد. كما يمثل نجاح البيع ومدة العقود شهادةً على رغبة العالم في تأمين الغاز الطبيعي المسال.

مع ذلك، فإن التكلفة لن تكون رخيصة. فمن المرجح أن تصل أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى مستويات أعلى بكثير مما كان عليه الغاز أثناء الأزمة، وأوروبا على بعد فصل شتاء أو فصلين من ذلك. لذلك لا تتخلص من الأوشحة والسترات الصوفية الخاصة بك بعد.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

Javier Blas

Javier Blas

Energy and commodities columnist at Bloomberg.
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JavierBlas