رفعت "ستاندرد آند بورز غلوبال ريتينغز" التصنيف الائتماني لدولة اليونان إلى الدرجة الاستثمارية، في أول خطوة من نوعها تقدم عليها إحدى وكالات التصنيف الثلاث الكبرى منذ أن ضربت البلاد أزمة ديون قبل أكثر من عقد.
وضعت المؤسسة أمس الجمعة تصنيف اليونان عند "BBB-" بنظرة مستقبلية مستقرة. وبذلك، تنضم "ستاندرد آند بورز" إلى "ريتينغ آند إنفستمنت إنفورميشن" (Rating and Investment Information) اليابانية، و"سكوب ريتيتغز" (Scope Ratings )، و"دي بي آر إس مورنينغ ستار" (DBRS Morningstar) الكندية في رفع اليونان من التصنيف غير المرغوب فيه أو غير الاستثماري. ويأتي ذلك بعد فوز رئيس الوزراء الإصلاحي كيرياكوس ميتسوتاكيس بفترة ولاية جديدة في يونيو الماضي.
الحفاظ على الانضباط المالي
تعهَّد ميتسوتاكيس بالحفاظ على سياساته الداعمة للأعمال، في حين أوضح للأسواق أنه لن يعرِّض انضباط الميزانية للخطر، على الرغم من النفقات الإضافية خلال الصيف بسبب حرائق الغابات. كما وعد بخفض حصة الدين إلى أقل من 140% من الناتج بحلول 2027، من 206% في 2020.
وقالت "ستاندرد آند بورز" في بيان: "ضبط الميزانية إلى حد بعيد وضع موقف اليونان المالي على مسار تحسّن ثابت. تمكنت الحكومة اليونانية بدعم من التعافي الاقتصادي السريع للغاية من تجاوز أهداف ميزانيتها بانتظام على الرغم من الزيادة التدريجية في التحويلات الاجتماعية".
وتتوقع الحكومة أن ينمو الاقتصاد اليوناني 2.3% في 2023، و3% في 2024، متفوقاً على معظم نظرائه الأوروبيين. وما تزال السياحة مساهماً رئيسياً في النمو، وتتجه نحو تسجيل عام قياسي آخر.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن تفتح خطوة "ستاندرد آند بورز" الباب لتحقيق السندات مكاسبها، خاصة إذا اتبعتها وكالة "فيتش" أو "موديز"، ثلاثي وكالات التصنيف الكبير. تحتاج اليونان إلى الحصول على تصنيف حده الأدنى " BBB-" أو ما يعادله من اثنتين من الوكالات الثلاث لتتسنى معاودة قبولها في مؤشرات السندات ذات الدرجة الاستثمارية، وهو إدراج من شأنه أن يتيح للبلاد خيارات استثمار بتريليونات الدولارات.
مكاسب جمة للسندات
ومن المثير للاهتمام أن مجرد توقعات رفع تصنيف اليونان الائتماني عاد عليها بمكاسب في واحد من أسوأ الأعوام على الإطلاق بالنسبة لأسواق الدين العالمية. وليس أدلّ على ذلك من أن سنداتها هي الأفضل أداء في منطقة اليورو هذا العام.
وفي علامة أخرى على ثقة المستثمرين، أصبحت العوائد على الديون اليونانية لأجل عشر سنوات أقل الآن بأكثر من نصف نقطة مئوية عن نظيرتها الإيطالية. ولم تصل الفجوة إلى هذا الحد من قبل.
من جانب آخر، أبقت "ستاندرد آند بورز"، في مراجعة منفصلة يوم الجمعة، تصنيف إيطاليا السيادي "BBB"، أي أعلى بدرجة واحدة من تصنيف اليونان.
ويعد سحب الدولة للاستثمارات من البنوك المحلية أحدث علامة على أن الاقتصاد اليوناني يعود بالتدريج إلى طبيعته. فقد أتم "هيلينيك فايننشال ستابيليتي فند" (Hellenic Financial Stability Fund ) -أو صندوق الاستقرار المالي اليوناني- بيع حصته في "يوروبنك إيرغاسياس سيرفسيز آند هولدينغز" ( Eurobank Ergasias Services and Holdings) في أوائل أكتوبر، بينما يخطط لبيع 20% من أسهم "ناشيونال بنك أوف غريس" (National Bank of Greece) الشهر المقبل.
هل تكون "إس أند بي" البداية؟
قالت "ستاندرد آند بورز": "بدأت اليونان ببيع حصصها المتنوعة في النظام المصرفي". وبالنظر إلى أداء أسهم البنوك اليونانية القوي للغاية في 2023، إلى جانب التحسينات الواضحة الأوسع في جودة الأصول على مستوى النظام؛ "فإننا نرى أن خطط بيع الحصص المتبقية بحلول 2025 تكتسي مصداقية على نطاق واسع".
وكانت "موديز" رفعت في الآونة الأخيرة تصنيف اليونان درجتين لتصبح على بعد خطوة واحدة من الدرجة الاستثمارية. وستكون "فيتش ريتينغز" آخر وكالات التصنيف الثلاث الكبرى تحديثاً لمراجعتها لوضع اليونان عقب الانتخابات الوطنية التي جرت في الصيف، إذ من المقرر أن تصدر تصنيفها في الأول من ديسمبر.