محت الأسهم الصينية جميع المكاسب التي حققتها منذ عملية إعادة فتح الاقتصاد الضخمة التي انطلقت في أواخر العام الماضي، إذ ساعدت المخاوف المستمرة بشأن صحة قطاع العقارات على تسجيل تدفقات أجنبية خارجة غير مسبوقة في سوق البر الرئيسي.
انخفض مؤشر "سي إس آي 300" (CSI 300) بنسبة 0.7% إلى 3508.22 نقطة اليوم الجمعة، ليهبط عن مستوى إغلاقه في 31 أكتوبر من العام الماضي، أي اليوم السابق للتكهنات التي انتشرت حول تخلي بكين عن قيودها الصارمة المتعلقة بفيروس كورونا، مما أدى إلى ارتفاع كبير استمر حوالي ثلاثة أشهر. ومنذ ذلك الحين، أدى تشاؤم المستثمرين بشأن التعافي الاقتصادي غير المتكافئ وانتعاش الاستهلاك الأضعف من المتوقع إلى إقحام الأسهم في اتجاه هبوطي.
تحديات غيَّمت على الانتعاش
هبط المؤشر 16% من الذروة التي بلغها في 30 يناير وسط عمليات بيع متواصلة من قبل الصناديق العالمية، التي اعتبر الكثير منها أزمة الإسكان المستمرة في الصين، والتوترات مع الغرب، أكبر المخاوف. وتظهر الأرقام الأخيرة أن الاستثمار العقاري -المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في الصين- استمر في التراجع، مما يقلص التفاؤل الذي حفزته بيانات أخرى تشير إلى أن جهود التحفيز الحكومية قد ترسخت.
قال تشارو تشانانا، استراتيجي الأسواق لدى "ساكسو ماركتس": "من المرجح أن تُبقي التحديات الناجمة عن قطاع الإسكان في الصين أي انتعاش في إنفاق المستهلكين أو الشركات فاتراً، ما لم يتم رؤية إصلاح أوسع نطاقاً.. محا مؤشر (سي إس آي 300) جميع مكاسبه التي حققها منذ إعادة الفتح، إذ فشلت طائرة الاستهلاك في الإقلاع، وذلك في المقام الأول لأن التحديات الهيكلية غيّمت على ما بدا وكأنه انتعاش دوري".
انخفض مؤشر "بلومبرغ إنتليجنس" لأسهم شركات التطوير الصينية بنحو 44% في عام 2023، إذ أثبتت جهود السياسة الاقتصادية لإنقاذ سوق العقارات أنها غير كافية. وما يزال مشترو المنازل حذرين، في ظل استمرار معاناة كبار المطورين من مشاكل السيولة.
"مورغان ستانلي" لا ينصح باقتناص الأسهم الصينية
كتب استراتيجيو "مورغان ستانلي"، بما في ذلك لورا وانغ، في مذكرة، أن تدفقات المستثمرين الأجانب فيما يسمى بسوق الأسهم الممتازة قد دخلت "مرحلة غير مسبوقة"، مشيرين إلى أن التدفقات الخارجية التراكمية البالغة 22.1 مليار دولار في الفترة من 7 أغسطس إلى 19 أكتوبر هي الأكبر في تاريخ برنامج الوصول المتبادل (لأسواق هونغ كونغ والبر الرئيسي).
تعكس عمليات البيع التشاؤم الراسخ تجاه الأسهم الصينية، كما أنها تذكرنا بالكآبة التي اجتاحت السوق في الوقت نفسه تقريباً من العام الماضي حينما دفع قلق المستثمرين بشأن قواعد كوفيد الصارمة في البلاد -وتعزيز قبضة الرئيس شي جين بينغ على السلطة- مؤشر "سي إس آي 300" لتسجيل خسائر للشهر الرابع على التوالي في 31 أكتوبر. وبعد هذا اليوم، أدت التكهنات المتزايدة حول استعداد صناع السياسات الاقتصادية للخروج تدريجياً من سياسة"صفر كوفيد" إلى ارتفاع ارتفاع المؤشر بنسبة 20% تقريباً على مدى ثلاثة أشهر تقريباً.
يتجه المؤشر الآن لتسجيل الشهر الثالث من التراجعات على الرغم من سلسلة الخطوات التي اتخذها صناع السياسة الاقتصادية على مدار الأسابيع الأخيرة لإنعاش ثقة المستثمرين. وأدت إجراءات مثل زيادة حصص الصندوق السيادي الصيني في كبار المقرضين، وضخ السيولة من قبل البنك المركزي، فضلاً عن تشديد القيود على أنشطة البيع على المكشوف، إلى تحفيز الرهانات على حدوث انتعاش تكتيكي في السوق، التي لم تتحقق بعد.
وأدى هبوط الأسهم العالمية الناجم عن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط إلى تفاقم الأمور بالنسبة للسوق الصينية هذا الأسبوع، إذ باع الأجانب يوم الخميس أسهم البر الرئيسي بأكبر قدر منذ أكثر من شهرين.
خسائر غير مسبوقة
يرى بعض مراقبي السوق أن موسم الأرباح، بالإضافة إلى اجتماعات السياسة القادمة بما ذلك اجتماع المكتب السياسي والجلسة الثالثة (للجنة المركزية الحادية عشرة للحزب الشيوعي الصيني)، يمكن أن تقدم بعض المحفزات الإيجابية.
انخفض مؤشر "سي إس آي 300" بنسبة 10% تقريباً في 2023، ليُعد أحد أسوأ المؤشرات الرئيسية أداءً في العالم، ويسير في طريقه لتسجيل خسائر غير مسبوقة للعام الثالث على التوالي. ويتداول المؤشر عند 10.3 أضعاف من تقديرات الأرباح الآجلة لعام واحد، أي أقل بأكثر من نقطتين من متوسط خمس سنوات.
ولكن على الرغم من أن الهبوط جعل الأسهم رخيصة، ينصح "مورغان ستانلي" المستثمرين بعدم اقتناص الأوراق المالية في أوقات الهبوط، محذراً من أن معنويات السوق من المرجح أن تظل هشة، وأن تدفقات الأموال الأجنبية إلى الخارج يمكن أن تتواصل على المدى القريب.
قال ويليام فونغ، رئيس إدارة أسهم هونغ كونغ والصين لدى "بارنغ أسيت مانجمنت آسيا" (Baring Asset Management Asia): "يحث بعض المشاركين في السوق الحكومة على التيسير أكثر، لكنني أعتقد أن التنفيذ أكثر أهمية لأنه على الرغم من وضع الكثير من السياسات الاقتصادية؛ لكن التأثير الإيجابي لم يصل بعد إلى الاقتصاد أو أرباح الشركات".