صعدت الأسهم المصرية إلى مستويات مرتفعة جديدة هذا الأسبوع على الرغم من تزايد التوترات في الشرق الأوسط، وذلك بفضل إقبال المستثمرين المحليين عليها للتحوط من تراجع مرتقب جديد للجنيه المصري، فضلاً عن التضخم القياسي في البلاد.
خفضت مصر قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ أوائل 2022، وفقدت العملة نصف قيمتها مقابل الدولار الأميركي تقريباً. كما حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي هذا الشهر من أن مصر "ستستنزف" احتياطياتها النقدية الثمينة ما لم تسمح بتعويم العملة من جديد. ودخلت القاهرة أيضاً في محادثات مع الصندوق لرفع قيمة برنامج الإنقاذ الخاص بها إلى أكثر من 5 مليارات دولار.
ساعد انتعاش البورصة المصرية في ارتفاع مؤشر "إيجي إكس 30" (EGX30) بنسبة 52% هذا العام، مع تعزز المكاسب هذا الأسبوع بسبب ما أسماه بعضهم بـ"شراء الأسهم بدافع الذعر". ويعد "إيجي إكس 30" ثاني أفضل مؤشر أداءً هذا العام عند تقييمه بالعملة المحلية من بين 92 مؤشراً تتبعه "بلومبرغ". ومن حيث القيمة الدولارية، ارتفع بنسبة 21%.
المصريون ينعشون البورصة
شكٌل المتداولون المصريون 85% تقريباً من قيمة التداولات في البورصة هذا العام، وفقاً لبيانات البورصة التي تستثني الصفقات.
يرى حسنين مالك، الخبير الاستراتيجي المقيم في دبي لدى شركة "تيليمر" (Tellimer) المختصة بتقديم أبحاث وتحليلات بيانات عن الأسواق الناشئة للمستثمرين أن "الأخبار التي نُشرت حول الجهود المبذولة لرفع قيمة قرض الصندوق أعطت دفعة إضافية للأسهم المصرية، لكن حتى الآن ما يزال الدافع الرئيسي للمستثمرين المحليين هو التحوط من التضخم في مصر المرتفع للغاية". كما تعد المشاركة المحلية المرتفعة ظاهرة شائعة في الأسواق الناشئة الأخرى مثل تركيا ونيجيريا كوسيلة لحماية المدخرات.
من جانبه، أوضح عبد الخالق محمد، محلل الأسهم لدى شركة "برايم سيكيورتيز" (Prime Securities)، أن انخفاض العملة خلال العام الماضي دفع المستثمرين المصريين للتخلي عن الحذر التقليدي تجاه الأسهم، وأقبلوا عليها كملاذ آمن أخير. فيما يشير ديفي أرورا، وهو مدير محفظة أول في شركة "ضمان للاستثمارات" إلى أن معظم التدفقات تذهب إما إلى العقارات أو الشركات التي توفر دخل دولاري قوي.
معاناة الاقتصاد المصري
تستمر معاناة مصر، وهي من أكبر مستوردي القمح حول العالم، جراء الغزو الروسي لأوكرانيا في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ومن المقرر أن تجري البلاد انتخابات رئاسية مبكرة في ديسمبر المقبل، حيث تواجه السلطات ضغوطاً كبيرة لاتخاذ خطوات تساهم في إعادة فتح منافذ التمويل من جانب الصندوق، بما في ذلك خفض جديد لقيمة الجنيه.
دفعت هذه الظروف المعقدة المستثمرين الأجانب إلى تحاشي الأسهم المصرية، وقد يؤدي الصراع بين إسرائيل وحماس إلى تعقيد أكبر في التوقعات الاقتصادية للبلاد.
برزت مصر كلاعب رئيسي في الأزمة الجيوسياسية مع تدهور الوضع الإنساني في غزة، ورفضت الحكومة المصرية أي مقترحات حول ترحيل سكان غزة إليها، بعدما نزحوا من القطاع بسبب القتال المستعر بين إسرائيل وحماس.
اختتم مالك من "تيليمر": "المستثمرون الأجانب غير مستعدين بعد لضخ رأس مال جديد في مصر قبل الخفض الجديد الكبير المتوقع لقيمة الجنيه، فضلاً عن تحديات إعادة الأموال إلى دولهم الأم".