رغم كل التفاؤل بشأن استئناف السفر مع طرح لقاحات كورونا، إلا أنه لا يزال أمام أسهم شركات الطيران طريق طويل لتعويض ما فقدته في الوباء. وقد يتطلب الأمر علامات انتعاش لرحلات السفر الطويلة لتحقيق مزيد من المكاسب.
مؤشر بلومبرغ العالمي لشركات الطيران ارتفع بنسبة 15% هذا الشهر ، لكنه لا يزال أقل بنسبة 17% عن ذروته المسجلة في يناير 2020، قبل تفشي فيروس كورونا الذي ضرب العالم. ويبدو أن السفر الترفيهي سينتعش بشكل حاد في الأشهر المقبلة، لو تمّ اعتبار حجوزات الفنادق دليلاً، لكن عودة النشاط لرحلات الأعمال وتلك العابرة للقارات يبدو بعيداً بعض الشيء.
فتح الحدود
يَعتبر هيلان بيكر، محلل شركة "كوين" (Cowen) في نيويورك، أن "الدول لا تزال بحاجة إلى إعادة فتح حدودها، وكذلك إعادة فتح مناطق الجذب السياحي، قبل الحديث عن سفر الناس دولياً. فالخطوط الجوية بحاجة إلى إعادة فتح الوجهات والحدود، وستحل مشكلة الإيرادات نفسها".
كان كبار الفائزين بين شركات الطيران الأوروبية هم "ريان إير" (Ryanair)، الناقلة الإيرلندية الاقتصادية، و"وويز إير" (Wizz Air)، الشركة الشرق أوروبية والتي بنت هيكليتها على غرار "رايان إير"، واستفادتا من التركيز على مسافري العطلات بدلاً من رجال الأعمال.
السفر لأغراض "البزنس"
سجلت شركة "آي إيه جي" (IAG SA)، الشركة الأم للخطوط الجوية البريطانية، أول خسارة سنوية لها منذ ما يقرب من 10 سنوات، لكنها أعلنت عن تفاؤلها بشأن بدء انتعاش النشاط هذا الصيف، ومع ذلك، قد تكون عودة السفر لأغراض "البزنس" أبطأ، لأن العديد من الشركات أصبحت أكثر راحة مع العمل عن بُعد ومؤتمرات الفيديو.
وكتب روب بارنيت وكونري غانور، من بلومبرغ إنتليجينس في تقرير الأسبوع الماضي: "نعتقد أنه مع تخفيف قيود السفر في بريطانيا وأماكن أخرى، سيتعافى الطلب بشكل أسرع بالنسبة لكل من "ريان إير" و"ويز إير" وشركات الطيران الاقتصادي الأخرى. لكن من المحتمل أن تكون هناك وتيرة أبطأ لشركات الطيران كاملة الخدمات مثل "آي إيه جي"، حيث قد لا يكون التعافي في مجال السفر لمسافات طويلة بالسرعة نفسها".
يشكك المحللون في الانتعاش. ومن بين شركات الطيران الأوروبية الكبرى، ترى شركات الوساطة أن ناقلتين فقط ستزودان المستثمرين بأداء إيجابي لناحية أسعار الأسهم خلال العام المقبل. أما بالنسبة إلى "لوفتهانزا" و"إير فرانس – كيه إل إم"، فيشير متوسط السعر المستهدف إلى تراجع يزيد عن 40%.
أما في آسيا، حيث ظهر كورونا لأول مرة في أوائل العام الماضي، فقد ارتفع مؤشر بلومبرغ إنتلجنس لشركات الطيران الآسيوية بنسبة 5.4% هذا الأسبوع، متجاوزاً المؤشر القياسي في المنطقة بأكبر نسبة منذ أكثر من عقد. واستعاد المؤشر جميع الخسائر التي تكبدها الشهر الماضي، عندما هزت عودة انتشار الفيروس في آسيا أسهم قطاع السفر. وسجل القطاع أعلى مستوى له منذ يناير 2020، عندما بدأ تفشي كورونا وأجبر المسافرين على إلغاء الرحلات.
توزيع وفعالية اللقاح
تعتقد لويا يو، المحللة في "بوكوم إنترناشيونال" (Bocom International) هونغ كونغ، أن "أخبار اللقاح مبالغ فيها، ومن أجل أن ترتفع أسهم شركات الطيران أكثر، نحتاج حقاً إلى معرفة مدى توزيع وفعالية اللقاح على مدى العام الحالي".
وأضافت أنه في "حال تم توزيع اللقاح على نطاق واسع، فإن الشيء التالي الذي يجب مراقبته هو ما إذا كانت دول آسيا ستستخدم ما يسمى بجوازات السفر الصحية، وهي عبارة عن شهادات لإعفاء المسافرين الذين تلقوا اللقاح من الحجر الصحي أو قضاء وقت أقصر في الحجر.. سيكون هذا حافزاً كبيراً للقطاع".
ولدى لويا يو توصيات بشراء أسهم شركات طيران في الصين، حيث تم احتواء فيروس كورونا إلى حد كبير، بما في ذلك شركة "خطوط جنوب الصين الجوية"، و"شركة طيران الصين"، و"شركة طيران شرق الصين". إذ ترى أن هذه الشركات تتمتع بإمكانية الحصول على حصة في السوق العالمية بمجرد استئناف السفر الدولي.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فقد ارتفعت أسهم شركات الطيران منذ أغسطس وسط ازدياد التفاؤل بشأن لقاحات كورونا. ومن بين أكبر الرابحين شركة "هاوايان هولدينغز" (Hawaiian Holdings) و"ألاسكا إير غروب" (Alaska Air Group) و"سكاي ويست" (SkyWest) و"جيت بلو إيروايز" (JetBlue Airways) و"دلتا إيرلاينز" (Delta Air Lines).
كما أن الميزانيات العمومية القوية تدعم تعافي القطاع، حيث دعم المساهمون الاحتياجات النقدية المفاجئة للصناعة من خلال 17 عرضاً لبيع الأسهم على الأقل خلال الوباء، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ. ويجري التداول الآن بأسهم شركات الطيران التي استخدمت عوائد بيع أسهم كشريان حياة بنسبة 87% أعلى من متوسط أسعار عرضها.
مع ذلك، قد يكون حماس المستثمرين مفعماً بالتفاؤل، بينما محللو وول ستريت أكثر حذراً. ورغم انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز لأسهم شركات الطيران بنحو 14% فقط منذ بداية عام 2020، إلا أن متوسط تقديرات أرباح عام 2021 لشركات الطيران بقي عند نفس المستوى تقريباً منذ مايو، بعد انخفاضه بشكل حاد في أوائل مارس من العام الماضي.