يعطي تقدُّم شركة "كوين بيز غلوبال إنك" (Coinbase Global Inc) بطلب كي تصبح شركة عامة، لمحة على الدائرة الصغيرة بشكل لافت، والمكوَّنة على الأغلب من الرجال الذين يسيطرون على مشهد العملات المشفرة المربح بشكل لا يصدق.
وتبدأ قائمة القوة المتمركزة في الولايات المتحدة ببرايان أرمسترونغ، الملياردير والمدير التنفيذي لِـ"كوين بيز"، والمؤسس المشارك، فريد ايهرسام، الذي أنشأ شركة الاستثمار في العملات المشفرة "بارادايم اوبريشنز" ( Paradigm Operations)، ثم يأتي أصحاب رأس المال المغامر الملياردير، فريد ويلسون، مؤسس شركة "يونيون سكوير فنتشرز" (Union Square Ventures)، وكريس ديكسون من "أنديرسين هورويتز" (Andreessen Horowitz)، الذين قد يجنون أرباحاً هائلة من الإدراج المباشر في البورصة.
قلة مسيطرة
وبرغم القفزة في أعداد مستخدمي "كوين بيز"، أكبر بورصة لتداول الأصول المشفرة في الولايات المتحدة، بنسبة 34% إلى 43 مليون العام الماضي في ظل تضاعف سعر "بتكوين" أكثر من 4 أضعاف، فإنَّ السيطرة على أكبر عملة مشفرة لا تزال في يد قلة قليلة، وتسيطر 2% من حسابات الملكية مجهولة الاسم التي يمكن تتبُّعها على "بلوكتشين بتكوين" على 95% من الأصل المشفر، وفقاً لشركة الأبحاث "فليبسايد كريبتو" (Flipside Crypto).
ومن بين المجموعة المسيطرة من الملاك الأمريكيين، دان مورهيد، الذي أسس شركة "بانتيرا كابيتال ماندجمنت" (Pantera Capital Management) في 2003، وأطلق أوَّل صندوق عملة مشفرة في 2013، كما خلق باري سيلبرت، مؤسس "ديجيتال كارنسي غروب" (Digital Currency Group)، إمبراطورية تلمس كلَّ جانب من جوانب العالم المشفر.
واشترى كاميرون، وتايلور وينكليفوس أوَّل حصة لهم في "بتكوين" في 2012، عندما كانت تتداول بـِ8 دولارات، ثم أسسا "جيميني تراست كو" (Gemini Trust Co)، أوَّل شركة عملات مشفرة يتمُّ تنظيمها في ولاية نيويورك على أنَّها صندوق ائتمان.
ومثله مثل الكثير في دائرة النخبة، يبدو إيهرسام مستعداً بشدَّة لتبني العالم المشفر الجديد، وكان يلعب ألعاب الفيديو باحتراف في المدرسة الثانوية، ثم درس علوم الحاسب في جامعة ديوك قبل أن يصبح متداولاً في العملات الأجنبية في مجموعة "غولدمان ساكس غروب" في نيويورك، ومع ذلك شعر بالملل في البنك، وبحث عن أشياء مسلية يقوم بها بعد العمل، واكتشف "بتكوين" عبر مدونة لأستاذ في جامعة جورج تاون، وأغرم بها فوراً.
وقال إيهرسام في مقابلة: "كنت حرفياً أتداول "بتكوين" في الحمام على هاتفي في "غولدمان"، وكانت "بتكوين" تبلغ حوالي 6 دولارات في ذلك الوقت، مقارنة بمستوى قياسي 58 ألف دولار الأسبوع الماضي، وحينها كانت الطريقة الوحيدة لشرائها هي عبر البورصة المفلسة حالياً "إم تي غوكس" (Mt. Gox) أو عبر الوسطاء، وأدرك إيهرسام الحاجة لطريقة أسهل لشراء وبيع العملة المشفرة.
مخاطر ضخمة
وبعد لقائه أرمسترونغ في منتدى خاص بـ"بتكوين"، أسسا شركة "كوين بيز" في 2012 من شقة في سان فرانسيسكو، ورفض أرمسترونغ التعليق على الأمر،
ويتذكَّر مورهيد الأيام الأولى لشركة "كوين بيز"، في حين كان يؤسس صندوق "بتكوين" في "بانتيرا" في 2013، وكان قد أصبح مستثمراً منذ فترة، وتحمَّل مخاطر كلية ضخمة في استثمارات مثل الخصخصة الروسية، والمزارع في الأرجنتين، وهي رهانات عالية المخاطر، ولكنَّ أرباحها هائلة إذا نجحت.
وقال مورهيد: "انجذبت لـِ"بتكوين" في البداية كاستثمار، وكانت شيئاً مثيراً للاهتمام بالنسبة لي"، ومع ذلك في 2013، لم يكن جمع حصة كبيرة في العملة المشفرة الجديدة سهلاً.
وذكر مورهيد: "أرسلت 2 مليون دولار إلى "كوين بيز"، وبدأت أحاول أن أشتري "بتكوين" بقيمة 2 مليون دولار، وكان حدُّ التداول اليومي لي 50 دولاراً".
وأصبحت "بانتيرا" واحدة من أكبر حاملي العملات المشفرة، واستثمرت في أكثر من 50 شركة ناشئة مثل "سيركل" (Circle)، و"باكت" (Bakkt)، و"بولي تشاين كابيتال" ( Polychain Capital)، و"شيب شيفت" (Shapeshift)، و"زي كاش" (Zcash)، وفقاً لموقعها الإلكتروني.
ومع ذلك، في الأيام الأولى، اضطر مورهيد أن يتعامل مع قصص المخدرات والمجرمين التي لازمت "بتكوين"، وذهب إلى كل صناديق منح الجامعات في 2018 عندما كانت "بتكوين" بـ100 دولار فقط؛ ليخبرهم أنَّها أصل يجب أن يمتلكوه في محافظهم.
وقال مشيراً إلى السوق السوداء التي أغلقتها السلطات الأمريكية: "كان الحديث كله يتعلَّق بسوق "سيلك رود" أو المخدرات وما شابه".
ومع ذلك، لم يردع هذا الجانب المظلم ويلسون من "يونيون سكوير" وسيلبرت من "ديجيتال كارانسي غروب DCG"، وكلاهما كانا يستثمران في جولة التمويل الأولى لـ"كوين بيز".
وتمَّ تداول أسهم "كوين بيز" في معاملات خاصة في الآونة الأخيرة بمستويات تقدر الشركة عند ما يقرب من 100 مليار دولار، وفقاً لشخص مطَّلع على الأمر.
وركَّزت "يونيون سكوير" نقديتها على حوالي 15 شركة في مجالين رئيسيين، وهما: مزودو البنية التحتية مثل "بروتوكول لابس" (Protocol Labs)، و"هيليوم" (Helium)، وفي صناديق الاستثمار في العملة المشفرة الأخرى، مثل "بولي تشاين كابيتال"، و"أوتونومس بارتنرز" (Autonomous Partners)، ورفض ويلسون التعليق على الأمر.
عالم افتراضي قائم على إيثريوم
ويتناقض بشدة مع ما فعله سيلبرت في "DCG"، ومن بين استثماراتها البالغة 300 استثمار واستحواذ؛ لمست كل جانب من جوانب سوق الأصول المشفرة، ولديها حصص في "إيثرسكان"، مستكشفة الصفقات في "بلوكشتين" عملة "إيثريوم"، وشركة "كوين ديسك" (Coindesk)، لخدمة أنباء العملات المشفرة، و"جنيسيز غلوبال تريدينج" (Genesis Global Trading)، أحد أكبر متداولي ومقرضي العملات المشفرة خارج السوق، و"تشين أناليسيز" (Chainalysis)، شركة تحليلات البلوكتشين، و"ديسينترالاند" (Decentraland)، عالم افتراضي قائم على "إيثريوم" يبيع وحدات من الأرض المشفرة، ولديه عملته المشفرة الخاصة به "مانا" (Mana).
وأسس سيلبرت أيضاً "غراي سكيل بتكوين تراست" (Grayscale Bitcoin Trust) في عام 2013، وهو أكبر منتج استثماري للعملات المشفرة بأصول تبلغ حوالي 31 مليار دولار، وامتنع سيلبرت عن التعليق.
وقال كاميرون وينكليفوس، إنَّ الافتقار إلى الحياة المهنية في "وول ستريت" ساعده هو وتوءمه على التعامل مع "بتكوين" بعقل متفتِّح.
قال: "لم يكن لدي أنا وتايلر 20 عاماً من الخبرة في أسواق رأس المال، عندما دخلنا عالم "بتكوين".. وكنَّا منفتحين للغاية على هذه الاحتمالية، وكان الفضول هو ما يدفعنا دوماً".
واشتهر الأخوان بخوضهما معركة ضد مارك زوكربيرج حول المصير المبكِّر لفيسبوك، وهي تجربة علمتهم دروساً أفادتهما عند الاستثمار في "بتكوين".
قال وينكليفوس: "في الأيام الأولى لفيسبوك، رأينا أثناء مشاهدتنا عن كثب- لأننا جزء من تلك الرحلة- قوة الشبكات، ورفض الكثير من الناس الشبكات الاجتماعية باعتبارها بدعة"، ومع ذلك فقد رأى كاميرون اشتراك 90٪ من طلاب جامعة هارفارد في "فيسبوك" في غضون 48 ساعة، وعندما ظهرت عملة "بتكوين"، أدرك فيها التوءم القوى المؤثرة نفسها.
وأضاف وينكلفوس قائلاً: "إنَّها بمثابة شبكة أموال.. وماذا يحدث عندما تضع حافزاً اقتصادياً حول تلك الشبكة؟ ربما تكون هذه هي أكثر الشبكات فعالية في العالم".
أما بالنسبة إلى إيهرسام من "بارادايم"، فقد تجاوز حجم "بتكوين"، والعملات المشفرة بشكل عام أحلامه، وقال، إذا أخبرت أحداً في عام 2012 أنَّ عملة "بتكوين" ستتجاوز تريليون دولار كما حدث في وقت من الأوقات الأسبوع الماضي، كان سيعتقد أنَّك "مجنون تماماً".
وقال إيهرسام: "بدت فكرة النقود المشفرة الجديدة غريبة جداً لمعظم الناس؛ لأنَّه لم يحدث في حياتنا أبداً أن ظهرت أموال جديدة، على الأقل بالنسبة للأمريكيين..لذا فأنت لست معتاداً على رؤية ظاهرة لم ترها من قبل، ولكن سيتغيّر ذلك في النهاية، مضيفاً، "يستغرق الأمر وقتاً لكي تتغلغل فكرة جديدة قوية مثل تلك في المجتمع، وتكسب ثقته".