حصل المتعاملون في السندات خلال الأسبوع المنصرم على لمحة عما قد تبدو عليه نهاية دورة رفع أسعار الفائدة التي بدأها الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي.
فوسط ظروف تداول متقلبة، شهدت سندات الخزانة أفضل أسبوع لها منذ منتصف يوليو، بعدما لاحظ العديد من مسؤولي البنك المركزي الأميركي أن موجة بيع -دفعت العوائد إلى أعلى مستوياتها في سنوات عدة - قد عززت أهداف البنك بطريقة قد تمنع المزيد من التشديد. وانخفضت العوائد بينما رسمت تلك التعليقات إلى جانب زيادة الطلب على أصول الملاذ الآمن، الذي أججه صراع الشرق الأوسط، خلفية أكثر دعماً للسندات الأميركية.
تحوّل حاد
مثّل ذلك تحولاً حاداً. وبدا أن الارتفاع في العوائد في الأسابيع القليلة الماضية لا يمكن إيقافه، توقعاً ببقاء سعر الفائدة الأساسي الذي يحدده الاحتياطي الفيدرالي مرتفعاً إلى أجل غير مسمى. ولكن على الرغم من الارتفاع الذي شهده الأسبوع، فإن العديد من المستثمرين متمسكون بتوقعاتهم بشأن أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول، ويرون أن المكاسب الأخيرة هشة. وراحوا بتشجيع من ضعف الطلب على مزادات سندات الخزانة يبحثون عن ارتفاع العوائد طويلة الأجل أكثر، والعودة في النهاية إلى تلك القصيرة الأجل، التي يتداولون فيها تاريخياً.
قال غريغ بيترز، كبير مسؤولي الاستثمار المشارك في "بي جي آي إم فيكسد إنكوم" (PGIM Fixed Income)، لتلفزيون بلومبرغ يوم الخميس: "الأمر المهم هو أن تكون في بيئة مقيّدة. سيستمر المنحنى في العودة إلى طبيعته. ستلاحظ بالتأكيد أن عوائد السندات طويلة الأجل تتحرك نحو الأعلى، وربما يكون هناك مجال بسيط خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة لتراجع السندات قصيرة الأجل، ولكن ليس كثيراً. أعتقد أنه يتعين علينا الانتقال إلى هذه البيئة الأكثر طبيعية".
توقعات برفع "الفيدرالي" للفائدة إثر زيادة هائلة في التوظيف
كانت هشاشة ارتفاع سوق سندات الخزانة واضحة للعيان يوم الخميس، عندما تبددت المكاسب على وقع البيانات التي أظهرت أن التضخم في الولايات المتحدة لا يزال مرتفعاً، فضلاً عن الطلب الضعيف على مزاد السندات لأجل 30 عاماً، رغم تقديمها أعلى عائد منذ 2007. وزادت احتمالات رفع أسعار الفائدة مرة أخرى بمقدار ربع نقطة مئوية في وقت لاحق من هذا العام أو بحلول يناير، في حين تراجعت فرص تخفيضات أسعار الفائدة في 2024.
أيضاً، وعلى الرغم من أن رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة للمرة الثانية عشرة لا يزال غير مؤكد، فإن العديد من صناع السياسة النقدية قالوا خلال الأسبوع المنصرم إنهم منفتحون على رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر إذا لزم الأمر.
رأي "بلومبرغ إنتليجنس"...
"نصيب الأسد من الارتفاع الأخير في عوائد السندات طويلة الأجل، يمكن تفسيره بالتغيرات في تصوّر المشاركين في السوق لموقف السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. كما تلعب معنويات المخاطرة والمخاوف من اضطرابات العرض المتزايدة دوراً أيضاً".
"ستوفر مزادات منتصف الشهر في أكتوبر لمحة أخرى عن شهية المستثمرين للمخاطرة مع استمرار تأثير المعروض من سندات الخزانة على الأسواق".
— آنا غالفاو، كبيرة الاقتصاديين في "بلومبرغ إنتليجنس"
أصول الملاذ الآمن
دعم الطلب على أصول الملاذ الآمن السوق يوم الجمعة مع تصاعد الحرب في الشرق الأوسط، مما أثار مخاوف الركود العالمي. ومع ذلك، لا تزال أساسيات الاقتصاد الأميركي تمثل تحدياً في الوقت الحالي، كما أن المعروض من سندات الخزانة يشكل مصدراً مستمراً للقلق.
فقد أظهرت بيانات يوم الخميس أن نمو أسعار المستهلكين لم يتراجع بقدر ما توقع اقتصاديون في سبتمبر، في حين أن معدل التضخم المنفصل الذي يحاول الاحتياطي الفيدرالي إعادته إلى 2% تسارع إلى 3.5% في أغسطس.
العجز التجاري الأميركي يتقلص إلى أدنى مستوياته منذ 2020
قالت أوكسانا أرونوف، رئيسة استراتيجية السوق للدخل الثابت البديل في "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت"، لـ"تلفزيون بلومبرغ" يوم الخميس، إنه حتى عند الذروة الأخيرة البالغة 4.88%، فإن العائد على السندات لأجل 10 سنوات "لا يزال مسعراً إلى حد بعيد بالنسبة إلى عالم التضخم عند 2%. لذلك لن أُفاجأ إذا تجاوزت السندات لأجل عشر سنوات 5%".
أما بالنسبة إلى العرض، فقد زاد حجم مزادات سندات الخزانة للربع الممتد من أغسطس إلى أكتوبر للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، كما أن جولةً أخرى من الزيادات متوقعة في الفترة من نوفمبر إلى يناير، على أن يكون الإعلان عنها في الأول من نوفمبر .
زيادة الاقتراض مقلقة
قال جين تانوزو، الرئيس العالمي للدخل الثابت في "كولومبيا ثريدنيدل" (Columbia Threadneedle)، إن زيادة الاقتراض في وقت انخفاض معدلات البطالة "وضع مقلق للغاية وغير عادي حقاً في هذه المرحلة من الدورة". وأضاف أنه يشعر بالقلق إزاء احتمال استمرار أسعار النفط في الضغط التصاعدي على التضخم وعوائد السندات طويلة الأجل.
مع ذلك، سلطت فترة التقاط الأنفاس القصيرة في الأسبوع المنصرم الضوء على المخاطر الكامنة في الاحتفاظ بالأموال النقدية انتظاراً لوصول عوائد السندات طويلة الأجل إلى ذروتها، وهو المسار المربح لمعظم السنوات الثلاث الماضية.
بقاء أسعار الفائدة مرتفعة يثير القلق
قال بايلور لانكستر صامويل، كبير مسؤولي الاستثمار في "أميرانت إنفستمنتس" (Amerant Investments): "أشعر أن العملاء ما زالوا يفضلون الآجال الأقصر لأن الدخل الثابت (نوع من أنواع الاستثمار الذي يُلزم المقترض أو المُصدر بدفع دفعات مؤلفة من مبالغ ثابتة ووفق جدول زمني ثابت) يواجه مصاعب منذ فترة طويلة". وأضاف "ستكون هناك لحظة ترغب فيها أن تكون لديك سندات طويلة الأجل. وعلى الرغم من أننا لا نعرف بالضبط متى سيحدث ذلك، فإنني لم أكن يوماً متحمساً للدخل الثابت طوال العقدين الذين أمضيتهما في هذا المجال".