قفزت عائدات سندات الخزانة الأميركية خلال الأسبوع الجاري، مما عمَّق عمليات البيع بأسواق السندات العالمية، فيما يتأهب المستثمرون لارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول.
وصلت عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل في أميركا إلى مستويات سُجلت آخر مرة خلال الأزمة المالية، مدعومة جزئياً ببيانات سوق العمل القوية. فاقم تقرير التوظيف الذي أُعلن في نهاية الأسبوع هذه التطورات، بعدما سجلت الوظائف ارتفاعاً غير متوقع في الشهر الماضي، مما عزز التوقعات برفع "الاحتياطي الفيدرالي" أسعار الفائدة مجدداً.
استفادت الحكومات من تكاليف الاقتراض المنخفضة خلال فترة الجائحة لحماية اقتصاداتها. أما الآن فهي مضطرة إلى إعادة تمويل ذلك بسعر أكثر تكلفة، مما يظهر مخاوف بشأن العجز المالي غير المستدام.
فيما يلي بعض الرسوم البيانية من "بلومبرغ" هذا الأسبوع والتي ترصد آخر تطورات الاقتصاد العالمي:
العالم
حظيت الأسر والشركات والحكومات بتكلفة منخفضة للغاية للحصول على المال حتى وقت ليس ببعيد. في ظل ارتفاع عوائد سندات الخزانة، فإن ذلك يمتد إلى أسواق أوسع، مما يؤثر على كل شيء من قروض السيارات إلى السحب على المكشوف إلى الاقتراض العام وتكلفة تمويل الاستحواذ على الشركات.
على مدى الأشهر الـ 18 الماضية، بذل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول جهوداً حثيثة لكي يتخلص الأميركيون من عادات الاقتراض بهدف الإنفاق. شكّل ذلك عاملاً حاسماً في معركته ضد التضخم. إلا أنه على صعيد كبار التنفيذيين في أميركا، لم يدرك الرؤساء التنفيذيون والماليون فحوى الرسالة من ذلك.
حافظت كلٌ من أستراليا ونيوزيلندا والهند وكينيا ورومانيا وأوغندا وصريبا على أسعار الفائدة عند مستوياتها الراهنة دون تغيير، فيما خفضتها كلٌ من سريلانكا وبولندا وبيرو.
الولايات المتحدة
ارتفعت الوظائف غير الزراعية بمقدار 336 ألف وظيفة في الشهر الماضي-وهي أكبر زيادة منذ بداية العام-بعد مراجعات تصاعدية كبيرة لبيانات الشهرين السابقين. ظل معدل البطالة عند 3.8%، فيما ارتفعت الأجور بوتيرة متواضعة.
عندما تشير كافة التوقعات إلى هبوط سلس، إذاً فلنستعد لتأثير ذلك. وهذا هو الدرس المستفاد من التاريخ الاقتصادي الحديث-وهو درس مقلق بالنسبة إلى الولايات المتحدة في الوقت الحالي.
أوروبا
يُعدّ التيسير الكمي أداة سياسة نقدية متعارفاً عليها على امتداد مجموعة الدول السبع، وتهدف إلى تحفيز الاقتصادات لتخفيف وطأة الأزمة المالية والجائحة، وسرعان ما يتراجع دعمها حالياً في بريطانيا. بدءاً من السياسيين إلى الاقتصاديين ومحافظ سابق لبنك إنجلترا، سرعان ما يهدأ حماس الكثيرين بشأن مزايا هذه الأداة في الوقت الذي أصبحت فيه تكلفتها على دافعي الضرائب وآثارها الجانبية واضحة.
آسيا
يبدو أن نشاط المصانع في الصين استقر في الوقت الراهن، على الرغم من أن الانتعاش كان أبعد ما يكون عن أن يتحقق بسرعة، وقد يواجه زخم النمو أزمة دون المزيد من دعم السياسة النقدية. عاد مقياس رسمي لنشاط التصنيع إلى التوسع في سبتمبر الماضي، لأول مرة منذ ستة أشهر، فيما يُعد علامة على تعمّق التحفيز. لكن المقياس الخاص بنشاط القطاع كان دون المستوى المطلوب.
ظل نشاط التصنيع ضعيفاً في آسيا قبل ذروة موسم العطلات، مما أدى إلى تمديد الركود لفترة أطول هذا العام. سجل نشاط المصانع بالمنطقة مستوى ضعيفاً خلال معظم شهر سبتمبر، إذ أدى ضعف الطلب العالمي على السلع إلى انخفاض الإنتاج والأنشطة الجديدة.
الأسواق الناشئة
خفض البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في دول جنوب آسيا للعام المقبل، على الرغم من أنه لا يزال يتوقع أن تكون المنطقة الأسرع نمواً بين الأسواق الناشئة. من المرجح أن ينمو اقتصاد جنوب آسيا 5.6% في كل من العامين المقبلين، بانخفاض عن 5.8% المُتوقَّعة العام الجاري.
راجعت السعودية توقعاتها بشأن ميزانيتها للعام المقبل، مشيرة إلى أنها ترجح تسجيل عجز بدلاً من تحقيق فائض، في وقت تزيد إنفاقها وتتعامل مع حالة عدم اليقين في أسواق النفط. سيتجنب الاقتصاد السعودي البالغ حجمه 1.1 تريليون دولار الانكماش هذا العام، وفقاً لتوقعات وزارة المالية. على النقيض من ذلك، تتوقع "بلومبرغ إيكونوميكس" أن يؤدي خفض الحكومة السعودية إمدادات النفط إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.7% خلال العام الجاري.
وفقاً للمعايير الاقتصادية، مضى الوقت لكي يحول صندوق النقد الدولي دون انهيار الأرجنتين. لكن التطورات الجيوسياسية تفسر سبب عدم حدوث ذلك—حتى الآن على الأقل. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، أقرض الصندوق الدولة الواقعة في أميركا اللاتينية 43 مليار دولار في شكل حزم إنقاذ متكررة— وهي أضعاف قيمة ما حصلت عليه أي دولة أخرى— وكانت النتائج قاتمة.
