هبطت أسعار الأسهم الأميركية، فيما ارتفعت عوائد سندات الخزانة إلى مستويات جديدة مقارنة بعدة أعوام، بعد أن عززت أرقام التوظيف موقف الاحتياطي الفيدرالي في الحفاظ على ارتفاع أسعار الفائدة.
انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 1.4% إلى أدنى مستوى منذ أربعة شهور، وتراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 1.8% بعد تقرير كشف عن زيادة غير متوقعة في عدد الوظائف الشاغرة في شهر أغسطس الماضي.
وقد تزداد الشكوك في السوق يوم الأربعاء، بعد تصويت مجلس النواب على عزل رئيس المجلس كيفين مكارثي.
ارتفع مقياس الخوف في وول ستريت فوق مستوى 20 نقطة في منتصف التعاملات، وهو مستوى شديد الأهمية يشير إلى زيادة القلق في الأسواق، كما أنه أعلى مستوى يسجله منذ مايو الماضي. ومقياس الخوف هو مؤشر التقلب في بورصة شيكاغو للخيارات (CBOE Volatility Index) المعروف اختصاراً باسم مؤشر "VIX".
واقترب أيضاً مؤشر "موف" (MOVE)، الذي يرصد تقلب أسعار السندات، من ذروته في شهر مايو.
ومن بين أكبر الخاسرين يوم الثلاثاء كانت شركات السياحة والسفر، بما في ذلك شركة "إير بي إن بي" (Airbnb)، وشركة السفن السياحية "كارنيفال" (Carnival)، بينما تراجعت شركة "ماكورميك" (McCormick) بعد أن تخلفت مبيعات موزعة التوابل عن التقديرات، متأثرة ببطء التعافي الاقتصادي في الصين. وقفز سهم شركة "إنتل" بنسبة 2.6% في تعاملات ما بعد التداول بسبب خطط لفصل قسم الرقائق القابلة للبرمجة.
تأثير أرقام الوظائف الشاغرة
هبطت الأسواق في جميع القطاعات بعد أن ارتفع عدد الوظائف المتاحة إلى 9.61 مليون من أقل من 9 ملايين وظيفة في يوليو، وفقاً لمسح فرص العمل ودوران العمالة الذي أجراه مكتب إحصاءات العمل، أو تقرير "JOLTS". وقد دفع التقرير المستثمرين في عقود المقايضة إلى زيادة الرهان على قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة في ديسمبر إلى مستوى أعلى من احتمال 50-50.
لم يتبن المستثمرون بعد رؤية بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة، وبدلاً من ذلك يتبعون "زخم السوق المتقلبة"، وفقاً لما ذكره لوك تمبلمان، المحلل في "دويتشه بنك": "تتسبب المحفزات الصغيرة في قيام أعداد كبيرة بمحاولة استباق تحركات السوق".
وأضاف: "لذلك فإن الفكرة المهيمنة على السوق هي فكرة لم يضطر العديد من المستثمرين في الأسواق المتقدمة إلى التعامل معها منذ أزمة 2008-2009، هي التقلبات".
نقطة البيانات التالية لسوق العمل هي نشرة قوائم الأجور الشهرية يوم الجمعة، حيث سيبحث المتداولون عن أي علامات على التباطؤ.
قال إدوارد مويا، محلل أول السوق للأميركتين في شركة "أواندا": "ما لم يأتِ تقرير قوائم الأجور غير الزراعية أقل من المتوقع، فمن المرجح أن تبدأ وول ستريت في الرهان الكامل على رفع أسعار الفائدة الفيدرالية مرة واحدة على الأقل قبل نهاية العام".
ارتفاع عوائد سندات الخزانة
بلغت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 و30 عاماً أعلى مستوى لها منذ عام 2007، مع وصول عوائد السندات الأطول أجلاً إلى ما يزيد عن 4.9%. وتتوقع وول ستريت أن تصل عوائد السندات ذات الأجل الأطول إلى 5%. كما أدت قفزة العوائد إلى إثارة القلق في سوق الائتمان حيث قامت اثنتان من الجهات المصدرة على الأقل بإلغاء مبيعاتها يوم الثلاثاء.
كتب إيان لينجن، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في شركة "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets): "إن قوة العنوان مثيرة للإعجاب وتبشر بالتأكيد باستمرار قوة سوق العمل الأميركية". ورغم أن أرقام تقرير فرص العمل ودوران العمالة تعود إلى شهر أغسطس، فإن "المستثمرين يفسرون هذا على الرغم من ذلك باعتباره تأكيداً إضافياً على أن الاقتصاد الأميركي قادر على تحمل تكاليف اقتراض حقيقية أعلى".
يحذر الاستراتيجيون في وول ستريت من تأثير أسعار الفائدة المرتفعة على الأسهم، حيث تقول مصارف "غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي" و"جيه بي مورغان تشيس" إن هناك خطراً أن تشهد سوق الأسهم مزيداً من الهبوط.
وجاءت عمليات بيع سندات الخزانة هذا الأسبوع بعد أن تمكن المشرعون الأميركيون من تجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية، مما دفع المستثمرين إلى زيادة الرهان على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة هذا العام.
زيادة أسعار الفائدة
ضرب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك على طبل "أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة" يوم الثلاثاء، قائلاً إن البنك المركزي بحاجة إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة "لفترة طويلة". وتوقع خفضاً واحداً لسعر الفائدة لعام 2024، قرب نهاية العام.
تعليقات صناع السياسة النقدية الآخرين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي جاءت أكثر تشددا، حيث قالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند لوريتا ميستر يوم الإثنين إنه من المحتمل أن يحتاج البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة مرة أخرى وطالبت عضوة مجلس المحافظين بالبنك ميشيل بومان بإقرار عدة زيادات.
تعافى خام غرب تكساس الوسيط من انخفاض مبكر ليعود إلى الاقتراب من 90 دولاراً للبرميل، بينما وصل مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى له في 10 أشهر. ودفع ارتفاع الدولار الين إلى أضعف مستوى له في عام حيث لامست العملة اليابانية 150 مقابل الدولار قبل أن تتجه إلى الناحية العكسية.