انتعشت مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة خلال أغسطس في ظل عودة المستهلكين إلى المتاجر من جديد بعد استقرار الطقس.
أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية، يوم الجمعة، أن حجم البضائع المباعة في المتاجر وعبر الإنترنت ارتفع بنسبة 0.4% خلال أغسطس. وهذا يعد تعافياً جزئياً من انخفاض معدل بنسبة 1.1% في يوليو، عندما تراجع نشاط المستهلكين بسبب الطقس البارد والممطر. يأتي ذلك بالمقارنة مع توقعات الاقتصاديين زيادة قدرها 0.5% خلال الشهر الأخير.
هذه الأرقام تأتي بعدما أظهر استطلاع منفصل، يوم الجمعة، ارتفاع ثقة المستهلك إلى أعلى مستوى لها منذ يناير من العام الماضي. وتشير البيانات مجتمعة إلى أن الأسر صامدة بشكل معقول في مواجهة موجة تاريخية من زيادات أسعار الفائدة.
قالت هيذر بوفيل، كبيرة الإحصائيين في مكتب الإحصاءات الوطنية، إن "تجارة التجزئة تعافت قليلاً من الانخفاض الكبير الذي شهدته خلال يوليو، وذلك بفضل الانتعاش الجزئي في مبيعات المواد الغذائية والشهر القوي لمبيعات الملابس، رغم أن المبيعات بشكل عام ما تزال ضئيلة".
وتابعت: "تم تعويض ذلك جزئياً بانخفاض مبيعات الإنترنت قليلاً مع عودة بعض المواطنين للتسوق شخصياً بعد شهر يوليو الممطر للغاية. كما انخفضت مبيعات الوقود بسبب ارتفاع الأسعار وتأثير ذلك على الطلب.
[object Promise]انتعشت متاجر المواد الغذائية بنسبة 1.2% بعد تراجع المبيعات في يوليو. وساعد تعافي تجارة التجزئة في الملابس في تعزيز المبيعات خارج المتاجر بنسبة 0.6% رغم أزمة تكاليف المعيشة التي تكبح الإنفاق.
أموال أكثر مقابل سلع أقل
يشير ارتفاع الأسعار خلال الـ18 شهراً الماضية إلى أن المستهلكين يدفعون أموالاً أكثر لشراء سلع أقل. كانت قيمة المبيعات في أغسطس أعلى بنسبة 17% من مستويات ما قبل الجائحة في فبراير 2020، بينما انخفض حجم تلك المبيعات بنسبة 1.5%.
بدأ نمو الأجور يفوق معدلات التضخم، الأمر الذي يخفف بدوره من حدة الوضع المالي للأسر بعد أسوأ أزمة سببتها تكاليف المعيشة منذ عقود.
حصل المستهلكون على دفعة إضافية أمس عندما أبقى بنك إنجلترا أسعار الفائدة كما هي لأول مرة منذ نحو عامين، بعد تباطؤ مفاجئ في معدل ارتفاع الأسعار.
رفعت شركة "نيكست" (Next)، التي تعتبر مؤشراً لصحة قطاع التجزئة، يوم أمس توقعاتها للأرباح للمرة الثالثة في الأشهر الأخيرة. ويعد أداء تجار التجزئة الآخرين أفضل، حيث رفعت مجموعة "ماركس آند سبنسر غروب" (Marks & Spencer Group) توقعات أرباحها للعام المالي الجاري في أغسطس.
قال أليد باتشيت، رئيس قسم التجزئة والسلع الاستهلاكية لدى مصرف "لويدز" (Lloyds)، إن "البداية المعتدلة للأشهر المظلمة وانخفاض سقف أسعار الطاقة قد يؤديان لانتعاش المبيعات مع توفير المستهلكين لتكاليف الطاقة التي قد تنتج عن موجة البرد". وأضاف أنه "من المفترض أن يساهم التراجع الطفيف في تضخم أسعار المواد الغذائية بانتعاش طفيف في ثقة المتسوقين".
تحديات عديدة في انتظار الأسر
بالرغم من أن التوقعات تفيد بتراجع الضغط على مستويات المعيشة بشكل أكبر؛ إلا أن الأسر تواجه تحديات عديدة، حيث تواصل البطالة الارتفاع، ويتوقع ملايين من أصحاب المنازل زيادة حادة في أقساط الرهن العقاري مع انتهاء القروض الثابتة الرخيصة. كما يعتقد بعض الاقتصاديين أن المملكة المتحدة تتجه نحو ركود معتدل.
يبدو أن مبيعات التجزئة في طريقها للانخفاض خلال الربع الثالث ككل، نظراً لتراجعها بحدة في يوليو، لكنها ستحتاج للارتفاع بنسبة 1.4% في سبتمبر لتسجيل مبيعات مماثلة لمستوى الربع الثاني.
قال أليكس كير، من شركة "كابيتال إيكونوميكس"، إنه "بالرغم من تجاوزنا لأسوأ الانخفاضات في الدخل الحقيقي للأسر، فإننا لم نشعر بعد بتأثير ارتفاع أسعار الفائدة الكامل على النشاط الاقتصادي، وبالتالي ما زلنا نعتقد أن الإنفاق الاستهلاكي الحقيقي سينخفض بـ0.5% من ذروته إلى أدنى مستوياته خلال الأرباع السنوية المقبلة".