توسع "ترانس ماونتن" يمنح كندا فرصة جديدة في الأسواق عبر نقل 600 ألف برميل إضافية يومياً

أنبوب كندي عملاق يعد بتغيير خارطة تدفق النفط العالمية

أنابيب لمشروع "ترانس ماونتن" لنقل النفط بالقرب من هوب، بريتش كولومبيا، كندا - المصدر: بلومبرغ
أنابيب لمشروع "ترانس ماونتن" لنقل النفط بالقرب من هوب، بريتش كولومبيا، كندا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تستعد كندا، موطن ثالث أكبر احتياطيات النفط الخام في العالم، لتغيير شكل تدفقات النفط العالمية العام المقبل، حيث يوفر التوسع شبه المكتمل في خط أنابيب "ترانس ماونتن" فرصة لكندا لتلعب دوراً جديداً في الأسواق العالمية من خلال نقل 600 ألف برميل إضافية يومياً، وهو ما يعادل الإنتاج اليومي لأذربيجان، من الرمال النفطية الشاسعة في البلاد إلى ميناء على ساحل المحيط الهادئ.

يوفر المشروع المملوك للحكومة فرصة لتقليص اعتماد المنتجين الكنديين شبه الكلي على التصدير إلى الولايات المتحدة ورفع أسعار نفطهم الخام. أما بالنسبة للأسواق العالمية، فإن توسع خط أنابيب "ترانس ماونتن" يشكل مصدراً جديداً للنفط الثقيل الذي تحتاجه المصافي المتقدمة في الهند والصين لإنتاج وقود النقل والأسفلت.

كان يُتوقع بدء تشغيل المشروع، الذي يشكل نسخة مطابقة تقريباً من خط أنابيب قائم يعود إلى حقبة الخمسينيات، في الربع الأول من العام المقبل، لكن الشركة تواجه تحديات تقنية في حفر أنفاق على امتداد 1.3 كيلومتر (0.8 ميل) أجبرتها على إجراء تغييرات قد تؤخر بدء التشغيل. هذا التأجيل سيكون تطوراً غير مرغوب فيه لمشروع تم تأجيله بالفعل لأعوام، وارتفعت تكاليفه، بسبب معارضة دعاة حماية البيئة وجماعات السكان الأصليين.

فيما يلي نظرة على الخط الأنابيب العملاق مع اقتراب موعد دخوله في الخدمة، عندما يكون ذلك ممكناً.

1) ما هو خط أنابيب "ترانس ماونتن"؟

يُعرف "ترانس ماونتن" بأنه خط أنابيب طوله 715 ميلاً، ويسير من ألبرتا غير الساحلية إلى مدينة فانكوفر على الساحل الغربي، ويمر في طريقة عبر غابات الصنوبر الشاسعة في جبال روكي الكندية. أُنشئ الخط الأصلي، وهو الخط الوحيد في كندا الذي يصل إلى المحيط الهادئ، قبل 70 عاماً ويزود النفط بشكل أساسي لمصافي كولومبيا البريطانية وولاية واشنطن. وستعزز فكرة إنشاء نسخة مطابقة لخط الأنابيب قدرته الاستيعابية من نحو 300 ألف برميل يومياً حالياً إلى 890 ألف برميل.

واجه المشروع تحديات عديدة في الأعوام السبعة التالية للموافقة عليه لأول مرة، وسط معارضة دعاة حماية البيئة القلقين من تأثير زيادة حركة السفن على الحيتان القاتلة، ومجموعات السكان الأصليين الذين يخشون تلويث الخط لأراضيهم.

في 2018، هدد المالك الأصلي لشركة "كيندر مورغان" (Kinder Morgan) بإلغاء مشروع توسعة خط الأنابيب، ما دفع رئيس الوزراء جاستن ترودو إلى شرائه مقابل 4.5 مليار دولار كندي (3.3 مليار دولار أميركي) لإنقاذه من تحويله إلى كومة خردة. ومنذ ذلك الحين، تسببت الفيضانات ونقص العمالة والوفيات، إضافة إلى جائحة كوفيد، في زيادة تكلفة المشروع أربعة أضعاف لتبلغ نحو 31 مليار دولار كندي وتأخير بدء تشغيله بنحو عامين.

2) أين سيذهب النفط؟

ما يزال من غير المعروف ما إذا كان "ترانس ماونتن" سيحقق هدفه في تقليل اعتماد كندا على شراء الأميركيين لنفطها.

وبالرغم من أن التوسع يهدف إلى نقل الخام الكندي إلى آسيا، إلا أن بعض المتداولين والمحللين قالوا إن الوجهة الأقرب احتمالاً للنفط الخام هي عشرات مصافي التكرير الواقعة على طول ساحل المحيط الهادئ الأميركي، والمملوكة لشركات مثل "شيفرون" و"بي بي" و"ماراثون بتروليوم".

هذه المرافق تستورد حالياً كثيراً من المواد الخام من المملكة العربية السعودية أو العراق، وهي خطوة تستغرق 30 يوماً للوصول إلى المحيط، مقابل نحو أربعة أيام من الإبحار من فانكوفر، حيث ينتهي خط "ترانس ماونتن".

قال جون كولمان، مدير الأبحاث في شركة "وود ماكنزي"، إن الساحل الغربي الأميركي "أكثر ملاءمة لمعظم كميات النفط في البداية". وأضاف أن الخام الكندي سيواجه على المدى القريب صعوبة في دخول السوق الآسيوية التي يغمرها النفط الروسي حالياً.

3) كيف سيؤثر "ترانس ماونتن" على تدفقات النفط العالمية؟

إذا اشترت مصافي كاليفورنيا النفط الخام من "ترانس ماونتن"، فقد تقل احتياجاتها من أماكن أخرى مثل الإكوادور والبرازيل وغويانا، مما يدفع تلك البراميل للانتقال إلى أماكن أخرى على ساحل الخليج الأميركي، وفي آسيا وأوروبا.

يمكن أن يؤثر ذلك أيضاً على تدفقات النفط داخل الولايات المتحدة، مما يقلل حجم النفط المنقول عبر الأنابيب إلى الغرب الأوسط وتكساس.

استأثرت كندا خلال العام الماضي بـ100% من النفط المستورد من قبل مصافي الغرب الأوسط وثلث النفط الأجنبي المستخدم في ساحل الخليج الأميركي، موطن أحد أكبر مراكز التكرير في العالم.

كما يمكن أن يعيق "ترانس ماونتن" تدفقات النفط في مونتريال، التي تحصل أساساً على النفط الخفيف الكندي عبر خطوط الأنابيب العاملة على أساس غير ملزم. إذا أعيد توجيه هذه الكميات عبر "ترانس ماونتن"، فقد تضطر مصافي التكرير في مونتريال إلى استيراد مزيد من النفط الخفيف من الولايات المتحدة.

يمكن أيضاً تعطل تدفقات الخام من منحدر ألاسكا الشمالي، الذي يمثل نحو نصف استهلاك مصافي كاليفورنيا. لا تخضع محطة فالديز في ألاسكا لقيود حجم مماثلة لـ"ترانس ماونتن" في ميناء فانكوفر، بالتالي قد يبدأ نفط ألاسكا في الإبحار إلى الأسواق الآسيوية بينما يحل محله النفط الكندي في مصافي كاليفورنيا.

لكن على المدى الطويل، لن يستوعب الميناء النفطي الواقع في نهاية خط "ترانس ماونتن" سوى السفن التي تحمل 600 ألف برميل من النفط فقط. فيما أوضح كولمان أن الناقلات العملاقة التي تحمل ثلاثة أضعاف هذه الكمية ستكون اقتصادية بشكل أكثر في رحلاتها إلى آسيا. مع ذلك، لا يعتقد الجميع أن الوجهة الرئيسية ستكون الولايات المتحدة.

يقول مارتن كينغ، كبير محللي النفط لدى شركة "آر بي إن إنرجي" (RBN Energy)، إن "غالبية النفط ستتجه إلى آسيا لأن كاليفورنيا ليست مهيأة لتكرير النفط الخام الثقيل الكندي". وتأتي شركة التجارة الصينية "بتروتشاينا" (PetroChina) ضمن شركات الشحن الموجودة على خط الأنابيب، حيث حجزت مساحة كافية على "ترانس ماونتن" لملء ناقلة عملاقة شهرياً.

4) من سيشحن النفط على "ترانس ماونتن"؟

التزمت عشر شركات، بما فيها "بي بي" و"بتروتشاينا" بشحن نحو 710 آلاف برميل نفط يومياً عبر خط "ترانس ماونتن"، وهذا يعادل 80% تقريباً من طاقته الإجمالية.

ونظراً لأن العقود تطلب من الشركات دفع رسوم حتى إذا لم تستخدم خط الأنابيب، فإنها قد تنقل نفطها بعيداً عن خطوط الأنابيب غير المتعاقد عليها، بما في ذلك مشروع "ماين لاين" التابع لشركة "إنبريدج" (Enbridge)، وهو أكبر شبكة أنابيب لتصدير النفط في كندا. وقد تنخفض أحجام النفط المنقول عبر خط "ماين لاين"، الذي يزود مصافي الغرب الأوسط الأميركي، بمقدار 300 ألف برميل يومياً بمجرد تشغيل "ترانس ماونتن" بالكامل، بحسب "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets).

كانت الشركات المتعاقدة على خط أنابيب "ترانس ماونتن" تتوقع في الأصل دفع رسوم ثابتة قدرها 4.33 دولار كندي للبرميل. لكن الرسوم المؤقتة الثابتة قفزت منذئذ إلى 10.88 دولار كندي للبرميل بسبب ارتفاع تكاليف الإنشاء بشكل كبير، مما يقوض قدرة المشروع على توفير طريق رخيص إلى الأسواق الآسيوية.

مع ذلك، لم تُحسم قضية الرسوم بشكل كامل بعد، حيث تضغط شركات مثل "كنديان ناتشورال ريسيورسز" (Canadian Natural Resources) على الجهات التنظيمية لتقييم الرسوم.

في ظل ارتفاع الرسوم إلى هذا الحد، ربما يفشل "ترانس ماونتن" في جذب شركات الشحن غير المتعاقد عليها، والتي عادة ما تدفع أكثر من نظيرتها المتعاقدة. ويقدّر المتداولون أن أقل من 70% من القدرة الاستيعابية الجديدة ستُسخدم بشكل فعال، مما يعني أن خط الأنابيب قد ينتهي به المطاف بإضافة 440 ألف برميل جديدة يومياً فقط.

5) ماذا يعني "ترانس ماونتن" بالنسبة لإنتاج الخام الكندي؟

عانى منتجو النفط في كندا، الذين يتمركزون في الرمال النفطية النائية في شمال ألبرتا، من نقص خطوط أنابيب التصدير، الأمر الذي يقيد قدرتهم على النمو.

لكن خط أنابيب "ترانس ماونتن" يُتوقع أن يوفر قدرة أكبر مما تحتاجه الصناعة، على الأقل لبضعة أعوام، مما دفع شركات مثل "كنديان ناتشورال" و"سينوفوس إنرجي" (Cenovus Energy) للتخطيط لزيادة الإنتاج. ربما يرتفع إنتاج النفط الكندي بأكثر من 900 ألف برميل يومياً إلى أكثر من 6 ملايين برميل يومياً بحلول نهاية العقد، وفقاً لهيئة تنظيم الطاقة الكندية (Canada Energy Regulator).

قال وزير الطاقة والمعادن في ألبرتا بريان جين، في مقابلة أجراها خلال حدث تابع لـ"بلومبرغ إن إي إف" في كالجاري يوم الثلاثاء، إن "خط أنابيب (ترانس ماونتن) سيؤثر بشكل كبير على المدى القصير والطويل.. وأعتقد أننا بحاجة لمواصلة البحث عن فرص لتوزيع منتجاتنا على العالم".

6) كيف يؤثر "ترانس ماونتن" على أسعار النفط؟

يُتوقع تقلص الخصم الكبير الذي يُفرض على النفط الكندي بمجرد بدء تشغيل "ترانس ماونتن". يجري تداول النفط الكندي الغربي حالياً بخصم قدره 17 دولاراً للبرميل مقارنة بالخام الأميركي القياسي، ويمكن أن ينخفض هذا الخصم ليصبح مكوناً من رقم واحد، وفقاً للمتداولين.

يمكن أيضاً للأهمية المتزايدة لـ"ترانس ماونتن" كمنفذ للصادرات الكندية أن تجعل نقطة انطلاق خط الأنابيب في محطة إدمونتون في ألبرتا مركزاً جديداً مهماً لتسعير النفط الخام.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك