احذروا من الربط بين "بتكوين" و"آرك" و"تسلا"!

عملة بتكوين المشفرة - المصدر: بلومبرغ
عملة بتكوين المشفرة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لا بدَّ وأنَّ المنظمين وصانعي السياسات يشعرون في بعض الأحيان أنَّ عملهم لن يجلب لهم الشكر والثناء عندما يتعلَّق الأمر بكبح النشوة التي يقودها المستهلك التي تجتاح العملات المشفرة والأسواق المالية وسط جائحة كوفيد-19.

وفي الحقيقة، فقد كان ردُّ فعل هذا الأسبوع على وصول بورصة تداول العملات الرقمية "بتفينكس" (Bitfinex) إلى تسوية بقيمة 18.5 مليون دولار مع المدعي العام في نيويورك بشأن مزاعم حول إخفائها الخسائر، وكذبها بشأن الاحتياطيات، هو الاستمرار ببساطة على النحو السابق إلى حدٍّ كبير.

فقد قال أحد المستثمرين لـ "بلومبرغ نيوز": "من منظورٍ عام، فإنَّ ما جرى يُعدُّ أقل من الحصول على مخالفة مرور بسبب السرعة الزائدة". أما بالنسبة لهذه البورصة والعملة المستقرة التابعة لها، "تيذر" (Tether) – المربوطة بالدولار الأمريكي التي يتمُّ تداولها على نطاق واسع في آسيا – فقد تمَّ حظرها في نيويورك، ومع ذلك، فإنَّ القيمة السوقية لـِ "تيذر" البالغة 36 مليار دولار هي سبعة أضعاف ما كانت عليه في بداية التحقيق.

كما تكافح التحذيرات التنظيمية حول تقلُّبات أسعار "بتكوين" (Bitcoin) غير المتوقَّعة - انخفضت العملة المشفرة بنسبة 14٪ منذ يوم الإثنين، إلا أنَّها ارتفعت بنسبة 30٪ خلال الشهر الماضي - من أجل دقِّ ناقوس الخطر. فقد وصفتها وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين" بأنَّها طريقة "غير فعَّالة للغاية" لإجراء المعاملات (وهذا صحيح)، في حين قارنها "غابرييل مخلوف" من البنك المركزي الأوروبي بجنون التوليب في هولندا (وهو أمرٌ أكثر إثارة للجدل).

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تجاهل التحذيرات

وفي الواقع، فإنَّه يتمُّ تجاهل هذه التحذيرات في مواجهة كبار المضاربين على الصعود مثل "كاثي وود" من شركة "آرك إنفستمنت منجمنت" (ARK Investment Management)، أو الملياردير "إيلون ماسك" من شركة "تسلا" (Tesla Inc)، وغيرهم ممن يروجون بخبرة لروايات التكنولوجيا الكبرى التي تجذب الخيال بالإضافة إلى النقود؛ في حين تخطف العيون الليزرية لكبار الشخصيات أعين الحشود.

كما أثارت الإجراءات الأكثر صرامة الانتقادات؛ فعندما أمر البنك المركزي النيجيري المُقرضين المحليين بالتوقُّف عن التعامل مع بورصات العملات المشفرة في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، مستشهدين بالمخاطر "الكامنة"، والنشاط الإجرامي، ردَّد أعضاء مجلس الشيوخ صدى ردِّ الفعل العنيف من قبل المستهلكين الذين رأوا أنَّ الحظر مبالغ فيه.

وهذا الأمر لا يرتبط فقط بالعملة المشفرة: فقد هبَّ السياسيون الأمريكيون للدفاع عن متداولي منصة "ريدت" (Reddit) اليوميين بعد أن تمَّ منعهم من تداول "غيم ستوب كورب" (GameStop Corp)؛ وغالباً ما يتردد المسؤولون المنتخبون في إضعاف روح المجازفة، خاصة عندما تكون الرواية السائدة أنَّ النظام يسحق "الرجل الصغير".

مخاطر تحتاج إلى الحذر

وفي هذا السياق، يجب ألا يتخلى المنظِّمون عن حذرهم على الرغم من هذه العقبات. فبالكاد ما تكون هذه منطقة مخاطر نظامية في الوقت الحالي؛ إذ تبلغ قيمة سوق العملات المشفرة حوالي تريليون دولار، أو نصف قيمة شركة "آبل" (Apple Inc)، والقيمة السوقية لشركة "غيم ستوب" البالغة 6.4 مليار دولار هي أصغر أيضاً، إلا أنَّ مكوِّنات طفرة المضاربة تصطفُّ معاً، مع احتمال حدوث أضرار جانبية أكبر إذا ساءت الأمور.

وما من شكٍّ في أنَّ المحتالين يزدهرون وسط الضجيج؛ فقد تعلَّق ثلثا تقارير الاحتيال في الاستثمار النمساوي العام الماضي بالعملات المشفرة؛ كما يتزاحم المتداولون اليوميون، إذ يندفع الملايين من المقامرين نحو تطبيقات الوساطة مثل "روبن هود" (Robinhood)، التي تُقدِّم صفقات بدون عمولات، وقروض الهامش للتداول في العملات المشفرة والأسهم، وكل ذلك تحت ستار "إضفاء الطابع الديمقراطي على التمويل" – وهو بالضبط نوعٌ من المبالغة التي شهدت دعم السياسيين للتدفق المتهور للائتمان السهل إلى قطاع الإسكان في منتصف العِقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تغريدات "إيلون ماسك" المثيرة

كما أنَّ مشتريات "بتكوين" من شركات مثل "تسلا"، و"آرك" تعني أنَّ عمليات بيع العملات المشفرة لديها القدرة بشكل متزايد على إحداث تأثير في سوق الأسهم. ونُشير إلى أنَّ صندوق "آرك" الرئيسي قد عانى مؤخراً من أسوأ تدهور له على مدى يومين منذ سبتمبر.

كما أنَّ تغريدات "ماسك" المثيرة للجدل، ترسل عادةً التجار إلى شاشاتهم، كما هو الحال عندما تحدَّث عن أسعار العملات المشفرة واصفاً إياها أنَّها "مرتفعة".

ويقول "بيتر غارنري" من "ساكسو بنك" (Saxo Bank) إنَّ "الرابط بين "تسلا وبتكوين وآرك" يمكن أن يخلق حلقة من ردود الفعل السلبية عبر الأسواق.

كما حدَّد "ويليام كوين"، و"جون تيرنر" من جامعة "كوينز بلفاست"، في تاريخهما الشامل للفقاعات المالية لعام 2020 (التي لا تشمل التوليب)، ثلاثة عوامل يجب على المنظِّمين مراقبتها دائماً: قابلية التسويق، أي السهولة التي يمكن بها شراء الأصل أو بيعه؛ والمال، أي وفرة الائتمان في النظام؛ والمضاربة، أي الرغبة في الشراء فقط من أجل البيع بسعر أعلى. ومن ثمَّ يتطلَّب الأمر محفِّزاً لإطلاق الفقاعة، الذي عادة ما يكون الابتكار التكنولوجي (مثل الإنترنت أو السكك الحديدية) أو سياسة الحكومة.

ونظراً لإحجام محافظي البنوك المركزية المفهوم عن تشديد شروط الائتمان في منتصف الجائحة، لا سيَّما بالنظر إلى تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي "جيروم باول" هذا الأسبوع، فقد يكون من المنطقي التركيز على كبح جماح السوق والمضاربة.

كما يتعيَّن على المنظِّمين الاستمرار في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الاحتيال أيضاً. ويجب تطبيق قواعد الإفصاح عبر وسائل التواصل الاجتماعي حتى يعرف المعجبون والمتابعون متى يكون لدى شخص ما مصلحة كبيرة على المحك.

وقد تكون الضريبة على المعاملات المالية - ربما هي نوع من ضريبة "روبن هود" إذ تمارس "روبن هود" ضغوطاً ضدها - بمثابة إجراءات قد تُسهم في كبح جماح الواقع الحالي.

ولا شيء من هذا واضح، فدائماً ما يكون لكبح حيوية السوق تكلفة، سواء من خلال التصرف باكراً للغاية، والإطاحة بالثقة، أو التصرف بعد فوات الأوان، ومواجهة فاتورة كبيرة لإزالة الفوضى.

ولكن في أوقات المال الرخيص، تكون عادةً الأكاذيب باهظة الثمن ليست بعيدة، ربما تكون هذه المرة مختلفة، إلا أنَّها على الأرجح ليست كذلك.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك