حقق البائعون على المكشوف أرباحاً من المراهنة على جزء من سوق الأسهم الأميركية يتجاهله معظم المستثمرين وهو أسهم الشركات الصغيرة.
حقق هؤلاء أرباحاً سوقية قاربت 13 مليار دولار هذا العام من خلال الرهان على انخفاض أسعار أسهم الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر، وفق تقدير شركة "إس 3 بارتنرز" (S3 Partners) استناداً إلى متوسط حجم المراكز البيعية في السوق. ما حدث في أسهم الشركات الصغيرة يتناقض بشدة مع خسائر تقارب 140 مليار دولار من البيع على المكشوف لأسهم الشركات المتوسطة والكبيرة، والتي ارتفعت طوال معظم العام مع تحدي الاقتصاد التوقعات القاتمة، واقتراب مجلس الاحتياطي الفيدرالي من إنهاء دورة رفع أسعار الفائدة. وأدى ارتفاع أسعار الفائدة والتقدم المذهل في مجال الذكاء الاصطناعي إلى حدوث تدافع على شراء أسهم شركات التكنولوجيا.
مكاسب ضخمة لشركات التكنولوجيا
يسلط الفارق الضوء على الفجوة المتعمقة في سوق الأسهم، حيث حققت شركات مثل "إنفيديا" و"ميتا بلاتفورمز" وتسلا" الكثير من المكاسب. بينما انخفض أكثر من نصف أسهم مؤشر (Russel 2000)-وهو مقياس للشركات الأصغر حجماً-هذا العام، مما قَصَر ارتفاعه على 5%، وهو أقل بكثير من القفزة البالغة 16% لأسهم مؤشر "ستاندرد آند بورز 500".
قال ستيف سوسنيك، كبير الخبراء الاستراتيجيين في شركة "إنترأكتيف بروكرز": "يتعلق الكثير من الأداء القوي هذا العام بحماس الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي أفاد أكبر أسهم التكنولوجيا".
انضمت الأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة إلى موجة ارتفاع سوق الأسهم في الفترة من يونيو وحتى يوليو. لكنها تضررت بشدة من التراجع الأخير، مع تحقيق نحو 9.7 مليار دولار من الأرباح المقدرة للبائعين على المكشوف منذ أغسطس، وفق بيانات "إس3".
ومع تراجع الأسهم، سحب المستثمرون 1.5 مليار دولار من الصناديق التي تركز على هذه الشريحة الأسبوع الماضي، وهو أكبر حجم منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، بحسب محللين استراتيجيين في "بنك أوف أميركا"، نقلاً عن "إي بي إف آر غلوبال"، وعلى النقيض من ذلك، سُحبت من صناديق الأسهم الأميركية التي تستثمر بالشركات ذات رأس المال الكبير 5.5 مليار دولار.
التمويل والطاقة هما الأسوأ أداءً
قال روب هاورث، كبير استراتيجيي الاستثمار في "يو إس بنك ويلث مانجمنت"، إن أحد أسباب ضعف أداء الشركات الصغيرة هو الأوزان القطاعية التي حدت من تفاعلها في ظل تركيز المستثمرين بشدة على صناعات معينة. حيث تراجعت المراهنات على تراجع أسهم التكنولوجيا، وهو القطاع الأفضل أداءً في السوق هذا العام، بينما كان الرهان أكبر على تراجع قطاعي التمويل والطاقة، وهما من الأسوأ أداءً. كما أن الشركات الصغيرة هي الأكثر تضرراً من التباطؤ الاقتصادي وتشديد السياسة النقدية.
أضاف هاورث: "الشركات الصغيرة تميل أيضاً لأن تتحمل العبء الأكبر لتشديد شروط الائتمان ومعايير الإقراض الأكثر صرامة. أعتقد أن هذا أوجد هذه البيئة التي فرضت الكثير من الضغط على هذه الشركات".
وبالمثل، نصح مايك ويلسون من بنك "مورغان ستانلي"، الذي كان يتوقع انخفاض سوق الأوراق المالية، المستثمرين بالابتعاد عن الأسهم الصغيرة، التي أصبحت هوامش أرباحها أكثر عرضة لخطر التآكل بسبب التضخم.
لا تشكل الرهانات على بيع الأسهم الصغيرة سوى أقل من 10% من إجمالي عمليات البيع على المكشوف، بحسب "إس3". ويتوقع بعض واضعي الاستراتيجيات أن الشركات الصغيرة لديها مجال للانتعاش. فعلى سبيل المثال، قالت جيل كاري هول من "بنك أوف أميركا"، إن قطاعات السوق التي كانت تتوقع حدوث ركود من المرجح أن تتفوق في الأداء إذا استمر الاقتصاد في النمو.
البنوك الإقليمية
مع ذلك، لا يزال البائعون على المكشوف يتزايدون. ففي الثلاثين يوماً المنصرمة، استثمروا 658 مليون دولار في رهانات انخفاض أسهم شركات صغيرة، وهي زيادة عن الشهر السابق، بحسب "إس3". وضخ البائعون على المكشوف أكبر قدر من الأموال في الرهان على أسهم شركات "أرتشر أفييشن" (Archer Aviation)، و "إير ترانسبورت سيرفسيز غروب" (Air Transport Services Group)، و "ألتيريكس" (Alteryx)، و"سيج ثيرابيوتيكس" (Sage Therapeutics) في الشهر الماضي، حسبما أظهرت بيانات "إس 3".
كانت أكثر صفقات البيع على المكشوف ذات رأس المال الصغير ربحية هذا العام هي البنوك الإقليمية المتعثرة. وقالت "إس3" إن الرهانات على أسهم "لومين تكنولوجيز" و"فوت لوكر" و"بيم ثيرابيوتيكس" أتت بثمارها أيضاً.