تعمل الولايات المتحدة على معرفة التفاصيل الكاملة للتقدم الذي حققته شركة "هواوي تكنولوجيز" (Huawei Technologies)، في تكنولوجيا المعالجات، والتي أثارت أخبارها، المشاعر القومية الصينية وأشعلت التكهنات حول فعالية القيود التي تفرضها واشنطن على قطاع التكنولوجيا الضخم في البلاد.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أمس الثلاثاء إن الحكومة تريد معرفة التركيب الدقيق للمعالج المستخدم في هاتف "ميت 60 برو" (Mate 60 Pro) الذي تنتجه شركة هواوي، والذي كشفت الاختبارات الأولية التي أجرتها "بلومبرغ" أنه متأخر ببضع سنوات فقط عن الجيل الحالي وقامت بتصنيعه شركة أشباه الموصلات المدرجة في القائمة السوداء للولايات المتحدة "سيميكوندوكتور مانيوفاكتشرينغ انترناشيونال"(Semiconductor Manufacturing International).
كسر سوليفان صمت واشنطن بعد أن أطلقت شركة "هواوي" هاتفها المحمول بشكل مفاجئ دون ضجة الأسبوع الماضي أثناء زيارة وزيرة التجارة جينا ريموندو للصين. ووصفت وسائل إعلام صينية مدعومة من الدولة يوم الأربعاء مرة أخرى الإعلان عن الهاتف بأنه تقدم في الجهود المبذولة لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية. فقالت صحيفة "إيكونوميك ديلي" إنه يجسد "جوهر الصين"- وهو تلاعب بالتشابه الشديد بين كلمتي "رقاقة" و"قلب" في اللغة.
الهواتف الذكية والحوسبة ترفع مبيعات "هواوي" المعاقبة أميركياً
قال سوليفان خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض أمس الثلاثاء: "سأمتنع عن التعليق على الشريحة المعنية حتى نحصل على مزيد من المعلومات حول طابعها وتكوينها على وجه التحديد. إن ما يخبرنا (المعالج) به، مهما يكن، هو أن الولايات المتحدة يجب أن تستمر في مسارها بفرض مجموعة من القيود على منتجات تكنولوجية تتسم بالمحدودية والحماية الكثيفة، وتركز بشكل دقيق على مخاوف الأمن القومي بمعناها الضيق، وليس على السؤال الأوسع المتمثل في فك الارتباط التجاري".
تأجيج المشاعر الوطنية
تخضع شركتا هواوي و" إس إم أي سي" لعقوبات أميركية تمنعهما من الحصول على أحدث المنتجات من الرقائق والمعدات، بسبب مخاوف من احتمال مساعدة الجيش الصيني. ويشير جهاز "ميت 60 برو"، الذي تم تصميمه بمعالج "كيرين 9000" مقاس 7 نانومتر، إلى تقدم أولي في جهود بكين لتقليص اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية.
وقال بعض المحللين يوم الأربعاء إن الهاتف، إذا تمكنت شركة هواوي من تصنيعه على نطاق واسع، قد يهدد مبيعات هواتف"أيفون" التي تصنعها شركة"أبل" في الصين.
أطلقت شركة هواوي، ومقرها شنزن، هاتفها الرائد دون إقامة احتفال رسمي-ولكن سرعان ما انتشر الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي حيث اجتاحت المشاعر الوطنية موقع "ويبو" (Weibo) والشبكات الأخرى بعد ظهور تقارير أولية بشأن معالجه وقدراته اللاسلكية السريعة.
أدى طرح الهاتف إلى ارتفاع أسعار أسهم الشركات الصينية لصناعة الرقائق واقتناص أسهم الشركات المرتبطة بشركة "هواوي" التي قد تستفيد من تطويرها لمعالج مصنوع في الصين.
اعتماد الصين على التكنولوجيا الغربية لن يطول كثيراً
يرى المحللون، بما في ذلك إديسون لي، من "جيفريز"، أن نموذج الإنتاج الضخم يمكن أن يضر شركة "أبل" في واحدة من أكبر أسواقها. قال لي إن هاتف "ميت 60 برو" يمكن أن يؤثر على مبيعات الجيل التالي من هواتف "أيفون" التي تنتجها شركة"أبل" بنسبة 38%. "لقد أصبح من الواضح جداً أن صناعة أشباه الموصلات تمثل استراتيجية كبيرة لكل دولة في العالم. بسبب التوترات الجيوسياسية، تبذل كل دولة قصارى جهدها لتحقيق الاستقرار وتعزيز عملياتها الخاصة"، حسبما قال أجيت مانوتشا، الرئيس التنفيذي لمجموعة "إس إي إم آي" (SEMI)، لتلفزيون "بلومبرغ". أضاف :"لذا فأنا لست مندهشاً من أن الصين تعمل بالفعل على هذا الأمر منذ سنوات".
التخلص من المخاطر بدلاً من فك الارتباط
حذر بعض الخبراء من أن الحملة العالمية التي تقودها الولايات المتحدة لمنع حصول الصين على التكنولوجيا المتطورة قد تتعثر إذا فشلت الحكومة في التصرف عندما يتحقق انتهاك تلك القيود. وقال المسؤولون الأميركيون مراراً وتكراراً إنهم يسعون إلى التخلص من المخاطر بدلاً من فك الارتباط مع الصين.
تسعى إدارة الرئيس جو بايدن إلى إشراك بكين وتقليل التوترات بين أكبر اقتصادين وقوتين عسكريتين في العالم، في حين تواجه بكين عدم اليقين بشأن اقتصادها.
يلين: علاقة أميركا بالصين ترتكز على "أسس أكثر رسوخاً"
أرسلت واشنطن في الأشهر الأخيرة وفداً من مسؤولين كبار مثل رايموندو ووزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى بكين، رغم أن هذه الزيارات لم تسفر على ما يبدو عن تحقيق نتائج مهمة. "تختبر شركة هواوي الخط الأحمر الأميركي في الوقت الحالي.إذا لم تتخذ الولايات المتحدة أي إجراء، فسوف تعتقد هواوي أنه لا يوجد ما تخاف منه، وستبدأ الشركات الموردة الأخرى، في محاكاة ما تفعله شركة (إس إم آي سي) وسوف تنهار العقوبات الأميركية"، حسبما قال لين تسونغ نان، أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة تايوان الوطنية.