ارتفع خام برنت متجاوزاً 90 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ نوفمبر بسبب تمديد أكبر دولتين إنتاجاً للنفط في تحالف "أوبك+" خطتهما لتخفيض المعروض بالأسواق حتى نهاية العام.
ففي خطوة تهدد بتنشيط قوى تضخمية جديدة بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، سوف تستمر السعودية في تخفيضها الطوعي لإنتاج النفط بمقدار مليون برميل يومياً حتى شهر ديسمبر، وفق بيان نُشر على وكالة الأنباء التي تديرها الدولة.
هذه الخطوة سوف تحافظ على مستوى الإنتاج عند 9 ملايين برميل يوميا تقريباً لمدة إجمالية تصل إلى ستة أشهر، وهو أدنى مستوى منذ سنوات عديدة.
وأعلن نائب رئيس وزراء روسيا أليكساندر نوفاك في بيان منفصل، أن تخفيض صادرات بلاده بمقدار 300 ألف برميل يومياً سوف يمتدّ لنفس الفترة، في أحدث علامة على أن الرياض وموسكو تتخذان خطوات مرتبطة في ما يتعلق بسياسة النفط.
رغم التشبع الشرائي.. ارتفاع الطلب ونقص المعروض
استقر خام برنت في منطقة التشبع الشرائي على مؤشر القوة النسبية بعد ارتفاعه في الأسبوع الماضي تاركاً المتعاملين يستعدّون لاستقبال تصحيح فني. مع ذلك كانت أسواق النفط تشهد نقصاً في المعروض مع ارتفاع الطلب إلى مستويات قياسية وتراجع المخزون. وحتى المخاوف المتزايدة بشأن النمو الاقتصادي الصيني لم تتمكن من منع صعودها الصيفي.
ربما تثير زيادة الأسعار استياءً في الولايات المتحدة، حيث تسعى إدارة بايدن لدرء تهديد ارتفاع أسعار البنزين إلى 4 دولارات للغالون. وتبلغ الأسعار حالياً أعلى مستوى موسمي لها منذ أكثر من عقد حتى مع عطلة عيد العمال التي تمثّل نهاية موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة. ومن شأن تجدُّد الضغوط التضخمية أن يضغط على المستهلكين ويخاطر بعرقلة الجهود التي يبذلها محافظو البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم لمحاصرة ومواجهة التضخم.
قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان للصحفيين في مؤتمر صحفي بعد قرار "أوبك+" يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة "تتواصل بانتظام مع السعوديين على مستويات متعددة، مع وزير الطاقة ومع القيادة، وسيستمرّ ذلك التواصل، وسنتأكد من أنهم يتفهّمون موقفنا، وسنفهم أين يقفون هم أيضاً".
الرهان الخاسر ضد البنك المركزي للنفط
يأتي القرار بعد أن شهدت الأسواق ارتفاعاً في صادرات الخام الإيراني في أغسطس، إذ يبدو أن الجهود الدبلوماسية غير المباشرة مع الولايات المتحدة تخفف الضغط عن الدولة الشرق أوسطية. مع ذلك، ربما كانت الصادرات التي أبطأت الأسعار في الأسواق العالمية بلغت ذروتها بالفعل لهذا العام، إذ يضعف الطلب في آسيا مع نهاية الصيف.
تجاوزت خطوة السعودية توقعات السوق، فقد توقع 20 من 25 متعاملاً ومحللاً شملهم استطلاع "بلومبرغ" الأسبوع الماضي تمديد تخفيض الإنتاج شهراً.
وقال مايكل تران، العضو المنتدب في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets LLC)، إن "تطوُّر اليوم تذكير صارخ للبائعين على المكشوف بوقف المضاربة ضد توجهات البنك المركزي للنفط، سيميل السعوديون إلى الإفراط في التشدد بدلا من تصحيح المسار في وقت لاحق في ضوء اجتياز الذروة الموسمية العالمية في الطلب على الخام، بخاصة في ضوء أوضاع الاقتصاد الكلي الهادئة في الصين".
قدمت المملكة لأول مرة خفضاً إضافياً للإمدادات في يوليو، مما أدى إلى تعميق التخفيضات التي أُجريَت بالفعل مع الشركاء في تحالف "أوبك+". ومع معاناة معظم أعضاء التحالف من خسائر في الإنتاج بسبب نقص الاستثمار والاضطرابات التشغيلية، اختارت الرياض تنفيذ مبادرة منفردة إلى حد كبير لدعم الأسعار.
اختلال توازن أسواق النفط
يأتي هذا الدفاع عن السوق بأعباء وتكلفة على السعوديين، وعانت المملكة أكبر تخفيض من صندوق النقد الدولي لتوقعات النموّ الاقتصادي بسبب حجم المبيعات التي تخسرها نتيجة تخفيض الإنتاج. مع ذلك، يبدو أن هذه التكلفة مقبولة للمملكة، التي قد تحتاج إلى زيادة سعر النفط إلى 100 دولار تقريبا للبرميل لتغطية مشاريع الإنفاق الطموحة لوليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، وفقا لـ"بلومبرغ إيكونوميكس".
"سيُراجَع قرار الخفض الطوعي هذا شهرياً للنظر في تعميق الخفض أو زيادة الإنتاج"، وفقاً للبيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية. وتهدف المملكة إلى دعم "استقرار وتوازن أسواق النفط".
أسعار عقود النفط
ارتفعت عقود خام برنت تسوية شهر نوفمبر بقيمة 1.04 دولار، مستقرة على 90.04 دولار للبرميل في نيويورك. |
سجلت عقود خام غرب تكساس الوسيط ارتفاعاً بقيمة 1.14 دولار، مستقرة عند 86.69 دولار للبرميل عن إغلاق يوم الجمعة. |
بسبب العطلة الرسمية بالولايات المتحدة يوم الاثنين، تُسجَّل التعاملات يوم الثلاثاء. |