ارتفعت الأسهم الأميركية وانخفضت عائدات سندات الخزانة في بداية أسبوع حافل بالبيانات الاقتصادية التي ستساعد على تشكيل التوقعات بشأن توجهات بنك الاحتياطي الفيدرالي.
في جلسة تداول هادئة إلى حد ما، استقرّ مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" قرب مستوى 4400 نقطة. وارتفعت أسهم شركة "ثري إم" (3M Co) بعد التقرير الذي نشرته "بلومبرغ نيوز" عن توصل الشركة إلى اتفاق مبدئي تدفع بموجبه أكثر من 5.5 مليار دولار لتسوية دعاوى قضائية تزعم أنها باعت سدادات أذن معيبة للجيش الأميركي. كما قادت أسهم شركة "إنفيديا كورب" مكاسب أسهم الشركات العملاقة، في وقت سجلت فيه مزادات سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين و5 أعوام أعلى العائدات منذ ما قبل الأزمة المالية في عام 2008.
ظهر بعض العلامات على انحسار حالة عزوف المستثمرين عن المخاطرة التي اتّسم بها شهر أغسطس، لكن مع ذلك لا تزال السوق الأميركية في طريقها نحو تسجيل أسوأ أداء شهري في 2023، بعد تبنّيها رواية أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول. وكان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول تَمسَّك بموقفه في خطابه في جاكسون هول يوم الجمعة، حيث قال إن المسؤولين "مستعدون لرفع إضافي لأسعار الفائدة إذا كان ذلك مناسباً"، مشدّداً في الوقت ذاته على أن البنك المركزي "سيمضي قدماً، وبحذر"، وفقاً للبيانات الاقتصادية.
بانتظار البيانات الاقتصادية
ما يريده المتداولون في الأسواق الأميركية حالياً، هو ظهور أرقام اقتصادية تشير إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي بما يكفي لوقف رفع أسعار الفائدة، على أن لا يكون ذك التباطؤ حادّاً إلى درجة تتجه معها الولايات المتحدة إلى الركود، وفقاً لما قاله أنتوني ساغليمبين، رئيس استراتيجية السوق في "أميريبرايز" (Ameriprise). وأضاف أن البيانات الاقتصادية التي ستظهر، ستتصدّر المشهد لبعض الوقت على الأرجح، لانتهاء موسم أرباح الشركات، ولوجود فترة تمتدّ لأسابيع قبل انعقاد اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقبل.
قال توم إساي، مؤسس النشرة الإخبارية "ذي سفنس ريبورت" (The Sevens Report): "إنه أسبوع مهمّ، لأنه سيؤكّد احتمالاً من اثنين: فإما يُعزّز الأسس التي قادت الارتفاعات الأخيرة في السوق، المتمثلة في (الهبوط السلس، أو عدم حدوث هبوط، وتباطؤ التضخم)، وإما يقوّض هذه الأسس". وأضاف: "يُرجَّح أن يؤدي الاحتمال الأول إلى ارتفاع تلقائي في السوق، في حين قد يؤدي الاحتمال الثاني إلى هبوط حادّ للأسهم. سنراقب الوضع من كثب".
قد يكون نمو التوظيف تباطأ، واعتدلت زيادات الأجور في الولايات المتحدة، وهو ما يعني مزيداً من تخفيف حدة مخاطر التضخم، بما يقلل بالتالي من الحاجة الملحَّة إلى رفع أسعار الفائدة مرة جديدة. وتُظهِر أرقام سوق العمل الأخرى عدداً أقل من فرص العمل مقارنة بالشهر الذي سبق، ما يشير إلى أن العرض والطلب أصبحا في حالة من التوازن أفضل مما كانا عليه في السابق. وسيحصل مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً على قراءة جديدة لمقياس التضخم المفضل لديهم، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يستثني الغذاء والطاقة.
ترقّب "الاحتياطي الفيدرالي"
يوجد ما يكفي من الغموض بشأن قوة البيانات الأخيرة المتعلقة بالوظائف والأجور والتضخم لإبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي في حالة من الترقب في سبتمبر، وفقاً لما قالته سيما شاه، رئيسة الاستراتيجية العالمية في شركة "برينسيبال أسيت مانجمنت" (Principal Asset Management). أضافت أنه بحلول نوفمبر، يُفترض أن يكون الاقتصاد أظهر علامات أكثر وضوحاً على التباطؤ.
قالت شاه: "توقعاتنا أن أسعار الفائدة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي بلغت ذروتها الآن. بالطبع، سيحتاج البنك إلى البقاء في حالة تأهُّب لمواجهة أي ضغوط تضخمية. فما دام النمو الاقتصادي قوياً، سيظلّ خطر عودة التضخم قائماً. على هذا النحو، يُرجَّح أن يأتي الخفض الأول من بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في أواخر الربع الثاني من عام 2024".