قدمت الصين عدداً من التعهدات في الآونة الأخيرة لإنعاش تعافي الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال مع استمرار تزايد المخاوف بشأن توقعات النمو.
ركزت موجة من التصريحات الصادرة عن الحكومة والحزب الشيوعي منذ يوليو بشكل كبير على تعزيز سوق الأوراق المالية، وتشجيع المزيد من الإنفاق على السلع الاستهلاكية والسيارات، وإقناع الشركات الخاصة بتوسيع الاستثمار.
مع خفض أسعار الفائدة مرتين منذ بداية 2023، فإن بكين لم تطلق العنان لهذا النوع من التحفيز النقدي والمالي الذي تم تنفيذه خلال فترات الركود الماضية.
تتردد حكومة الرئيس شي جين بينغ في تقديم ذلك النوع من المساعدات النقدية للمستهلكين التي غذت التعافي بعد الوباء في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. ولا تملك الحكومات المحلية المثقلة بالديون في الصين الحيز المالي اللازم لتعزيز الإنفاق بشكل كبير.
فيما يلي لمحة سريعة عن الإجراءات الصينية الأخيرة التي تم الإعلان عنها:
الأسواق المالية
خفضت الصين رسوم الدمغة على تداولات الأسهم بمقدار النصف اليوم في أول تخفيض لها منذ عام 2008، وهي خطوة تهدف إلى دعم سوق الأسهم وسط عمليات بيع مكثفة.
كما تعهدت هيئة مراقبة الأوراق المالية في الصين بإبطاء وتيرة الطروحات العامة الأولية وتقييد وتيرة وحجم إعادة التمويل لبعض الشركات ضعيفة الأداء.
في وقت سابق من الشهر الجاري، طلب مسؤولون من بعض صناديق الاستثمار تجنب أن تصبح بائعة صافية للأسهم وشجعوا الشركات المدرجة في مؤشر شركات التكنولوجيا، ببورصة شنغهاي، على إعادة شراء أسهمها، من بين تدابير أخرى.
للحد من انخفاض العملة، صعّد البنك المركزي الصيني دفاعه عن اليوان في الأسابيع الأخيرة من خلال تحديد سعر صرف يومي أقوى ورفع أسعار الفائدة على اليوان في الأسواق الخارجية.
"غولدمان ساكس": الضغط على أسهم الصين قد يمتد إلى آسيا
جاءت هذه التحركات بعد أن تعهد المكتب السياسي للحزب الشيوعي، وهو أعلى هيئة لصنع القرار، في اجتماع رئيسي خلال يوليو بتنشيط أسواق المال والحفاظ على سعر صرف اليوان مستقر بشكل أساسي عند مستوى التوازن.
أسعار الفائدة
في خطوة مفاجئة في 15 أغسطس الجاري، خفض بنك الشعب الصيني سعر الفائدة الرئيسي بأكبر قدر منذ 2020، للمرة الثانية منذ بداية 2023. جاءت هذه الخطوة قبل وقت قصير من صدور بيانات يوليو التي أظهرت ضعف نمو الإنفاق الاستهلاكي وتراجع الاستثمار وارتفاع معدلات البطالة.
شعر بعض الاقتصاديين بالتشجيع بخفض أسعار الفائدة في أغسطس، قائلين إنه يمهد الطريق لمزيد من الدعم المالي. لكن في مفاجأة أخرى، أبقت البنوك الصينية في وقت لاحق على سعر الفائدة الرئيسي الذي يوجه القروض العقارية. سلطت الخطوة، الضوء على المعضلة التي تواجه بكين في سعيها لتعزيز الاقتراض عن طريق خفض أسعار الفائدة مع محاولتها الحفاظ على الاستقرار المالي.
العقارات
أشار المكتب السياسي إلى تخفيف السياسات المطبقة في قطاع العقارات خلال اجتماعه في يوليو.
حذفت القراءة الرسمية، الشعار المميز للرئيس شي جين بينغ والذي يقول المساكن للعيش، وليست للمضاربة، مما أثار تكهنات بأن بعض القيود الصارمة المفروضة خلال السنوات الأخيرة لكبح جماح سوق العقارات سيتم التراجع عنها.
في 25 أغسطس الجاري، اقترحت السلطات أن تقوم الحكومات المحلية بإلغاء قاعدة تستبعد الأشخاص الذين حصلوا على رهن عقاري (حتى لو تم سداده بالكامل) من اعتبارهم مشتري منزل لأول مرة في المدن الكبرى. تركت الحكومة الأمر للمسؤولين المحليين بشأن تبني هذه السياسة.
قال اقتصاديون إن فعالية الإجراءات ستعتمد على ما إذا كانت المناطق الرئيسية في المدن الكبرى ستتبنى هذه السياسة.
في اجتماع لمجلس الدولة برئاسة رئيس الوزراء لي تشيانغ يوم 31 يوليو الماضي، دعت الحكومة المدن إلى تطبيق تدابير مشجعة للتنمية السليمة لأسواق العقارات لديها حسب احتياجاتها الخاصة. كما حث المسؤولون على تعزيز الجهود في مجال البحث وبناء نموذج جديد لتطوير الصناعة.
الصين تخفف قواعد الرهن العقاري لدعم القطاع المتعثر
تخطط الحكومة أيضاً لتجديد ما يُسمى بالقرى الحضرية. قال مجلس الدولة يوم 21 يوليو إن الحكومة تسعى لضخ المزيد من رأس المال الخاص في المشاريع لتوسيع الطلب المحلي ودفع تنمية المدن قدماً.
قام المنظمون الماليون في 10 يوليو الماضي بتمديد تخفيف عبء القروض للمطورين لضمان تسليم المنازل قيد الإنشاء. كما دعا بنك الشعب الصيني البنوك إلى خفض أسعار الفائدة على القروض العقارية القائمة.
السلع الاستهلاكية
وضعت 13 إدارة حكومية ملامح خطة في 18 يوليو الماضي لتعزيز إنفاق الأسر على كل السلع بما في ذلك الأجهزة الكهربائية والأثاث.
يتم تشجيع السلطات المحلية لمساعدة السكان على تجديد منازلهم، وأن يحصل الأفراد بشكل أفضل على الائتمان لشراء المنتجات المنزلية، حسب الإجراءات المعلنة.
في 28 يوليو الماضي، رسمت ثلاث وكالات حكومية خطة لزيادة تصنيع السلع الاستهلاكية الصغيرة- أو ما يُسمى بقطاع الصناعة الخفيفة، الذي يشكل أكثر من ربع صادرات الصين.
يتم اتخاذ خطوات لزيادة مبيعات السلع المنزلية الخضراء والذكية في المناطق الريفية، وتوسيع استخدام منتجات البطاريات في السيارات الكهربائية وتوليد الكهرباء والاتصالات. سيتم أيضاً توسيع بورصة مخصصة لمساعدة الشركات الصغيرة في الحصول على الأموال.
كيف يهدد النمو المتعثر في الصين أسواق السلع؟
أصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أعلى وكالة للتخطيط الاقتصادي في الصين، وثيقة شاملة في 31 يوليو، تكرر العديد من التعهدات التي أعلنتها السلطات حتى الآن، وتركز الوثيقة على إزالة القيود الحكومية على الاستهلاك، مثل حدود شراء السيارات، وتحسين البنية التحتية وإقامة الفعاليات الترويجية مثل مهرجانات الطعام.
السيارات
أصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح خطة من 10 خطوات في 21 يوليو الماضي لزيادة مشتريات السيارات، وخاصة مركبات الطاقة الجديدة، بما في ذلك خفض تكاليف شحن السيارات الكهربائية وتمديد الإعفاءات الضريبية. في يونيو، أطلقت وزارة التجارة حملة مدتها 6 أشهر لتعزيز شراء السيارات وتعزيز اقتناء السيارات الكهربائية في المناطق الريفية.
الشركات الخاصة
قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في مذكرة بتاريخ 10 أغسطس الجاري، إنها ستعزز آلية لتسجيل الممارسات الخاطئة التي ترتكبها الحكومة والقضاء عليها أثناء التعامل مع الشركات الخاصة، مثل تأخير الدفع وخرق العقود المتعلقة بالمشتريات الحكومية وتقديم عطاءات للمشاريع والتعاون الرأسمالي بين القطاعين العام والخاص.
أوضحت اللجنة في بيان إن هذه الخطوة تهدف إلى تحسين بيئة التطوير للشركات الخاصة.في الأول من أغسطس، تعهدت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح بتعزيز الائتمان للشركات الخاصة وتوسيع نطاق إجراءات التمويل الأخرى للشركات الصغيرة. يتضمن ذلك توسيع أداة تعزيز ائتمان السندات التي تدعمها المؤسسات المالية لتشمل جميع الشركات الخاصة المؤهلة، والوعد بزيادة حجم القروض الائتمانية للقطاع.
أصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح خطة في 24 يوليو لتشجيع الشركات الخاصة على الاستثمار في الصناعات الرئيسية مثل النقل والحفاظ على المياه والطاقة النظيفة والبنية التحتية الجديدة والتصنيع المتقدم والمرافق الزراعية الحديثة.
الصين تتعهد بدعم أكبر لقروض الشركات لتحفيز الاقتصاد
قدمت الحكومات المحلية أكثر من 2900 مشروع، بقيمة إجمالية تبلغ 3.2 تريليون يوان (445 مليار دولار أميركي)، يمكن للشركات الاستثمار فيها. تسعى اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح أيضاً إلى تمويل المشاريع من خلال القروض المصرفية والمنتجات الاستئمانية للاستثمار العقاري.
التكنولوجيا
اجتمعت هيئة تنظيم الإنترنت في الصين مع مديرين تنفيذيين من عشرات الشركات الأجنبية في أغسطس، بما في ذلك "ولمارت" (Walmart Inc) و"باي بال"(PayPal Inc)، لمناقشة سبل التعامل مع قواعد أمن البيانات الجديدة في بكين، وهي محاولة لطمأنة الشركات متعددة الجنسيات القلقة بشأن قدرتها على العمل في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم بموجب ظل أحدث اللوائح.
أصدر الحزب الشيوعي والحكومة تعهداً مشتركاً نادراً في 19 يوليو لتحسين ظروف الشركات الخاصة بعد الانتهاء من حملة تنظيمية استمرت نحو عامين على قطاع التكنولوجيا.
حددت بكين 31 إجراءً تضمنت وعوداً بمعاملة الشركات الخاصة مثل الشركات المملوكة للدولة، والتشاور بشكل أكبر مع رواد الأعمال بشأن صياغة السياسات، وخفض حواجز دخول السوق أمام الشركات.
في 13 يوليو، أصدر أعلى منظم للإنترنت 24 دليلاً إرشادياً للخدمات على غرار "تشات جي بي تي" مما خفف بعض القيود التي اقترحها قبل عدة أشهر. في 27 يوليو، طلب البنك المركزي من البنوك والأسواق المالية تقديم المزيد من الدعم للابتكار وعمليات الاستحواذ المتعلقة بالتكنولوجيا، وتعزيز الاستثمار في الشركات الناشئة.