فشلت الأسهم الأميركية في تعبئة مزيد من القوى الدافعة بعد يوم واحد من صعود أسهم التكنولوجيا العملاقة، مع استعداد المستثمرين لاستقبال نتائج أعمال شركة "إنفيديا"، التي يُنتظر أن تختبر حماس وول ستريت بشأن الضجة التي يثيرها الذكاء الاصطناعي.
واصل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" هبوطه في شهر أغسطس. وانخفضت أسهم البنوك بعد انضمام مؤسسة "إس آند بي غلوبال ريتينغز" إلى مؤسسة "موديز إنفستورز سيرفيس" في تخفيض تقييم بعض البنوك الأميركية وسط مناخ "شديد وقاسٍ". وتراجع سهم "ماسيز" (Macy’s) بنسبة 14% بسبب تسارع حالات التعثر في سداد ديون بطاقات الائتمان (التي تصدرها الشركة)، كما يعطي إنذاراً للمخاطر بشأن أحوال المستهلكين. وانخفض سهم "إنفيديا" بنسبة 2.8% بعد ملامسته مستوىً قياسياً مرتفعاً جديداً قبيل إعلان الشركة عن نتائجها الفصلية. ويعتبر كثيرون أن أرباح هذه الشركة ستحدّد أداء الأسواق إلى جانب كلمة جيروم باول يوم الجمعة.
في إشارة إلى مدى أهمية نتائج أعمال "إنفيديا"، تراهن سوق عقود الخيارات على حركة تبلغ 10% بعد الإعلان عن هذه النتائج. ولأن سهم "إنفيديا" يشكّل ما يزيد على 3% من مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، فإن حركة هذا السهم يُحتمل أن تترتب عليها نتائج واسعة. ومن بين أكبر 10 أسهم في هذا المؤشر، "إنفيديا"، السهم الوحيد الذي ارتفعت فيه أسعار عود خيارات الشراء –التي يحدث الإقبال عليها عند ارتفاع سعر السهم– مقارنة مع عقود خيارات البيع، وفق بيانات صادرة عن شركة "نيشنز إنديكسيز".
اقرأ أيضاً: تراجع مبيعات المنازل القائمة في الولايات المتحدة في يوليو
السوق تنتظر أرباحاً استثنائية
أعطى الارتفاع الأخير في أسهم الشركات العملاقة بعض الأسباب لتشجيع المراهنين على صعود قطاع التكنولوجيا بشأن أسهم هذه المجموعة قبل الإطار الزمني المليء بالتحديات الموسمية في سبتمبر وأكتوبر، ولكنه وضع أيضاً ضغوطاً على سهم "إنفيديا" حتى تخرج الشركة بتقرير أرباح استثنائي، حسب تصريحات مات مالي من شركة "ميللر تاباك+" (Miller Tabak+).
ولاحظ مالي أن "التوقعات ترتفع إلى حدود قصوى، وهذا لا يعني أن تقرير الربحية لن يمثل قوة دافعة لأعلى في أسهم التكنولوجيا مرة أخرى، ولكن كلما زادت التوقعات، أصبح من الصعب تجاوزها. ومع الزيادة المتواصلة في عوائد السندات سيكون من الضروري لشركة (إنفيديا) تحقيق أرباح مذهلة وإرشادات أخرى إذا كان هذا التصحيح في قطاع التكنولوجيا سينتهي في أي وقت قريب".
يتوقع المحللون أن تتجاوز إيرادات الربع الثاني التوقعات التي قدمتها "إنفيديا" قبل ثلاثة أشهر. كان هذا التوقع أفضل بكثير مما كان سائداً في ذلك الوقت؛ مما ساعد على دفع القيمة السوقية لشركة صناعة الرقائق إلى أكثر من تريليون دولار. وقد يكون القيد الوحيد على النمو هو ما إذا كانت شركة صناعة الرقائق العملاقة قادرة على الحصول على إمدادات كافية لتلبية الطلب الذي لا يشبع على ما يبدو على معدات مركز البيانات للذكاء الاصطناعي.
تضاعف سعر أسهم "إنفيديا" أكثر من ثلاثة مرات عام 2023، مما أدى إلى مكاسب في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، الذي ارتفع بنسبة 15%، وارتفع مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات بنسبة 40% في هذه الفترة.
تراجع سوق السندات
تراجعت الحركة في سوق سندات الخزانة يوم الثلاثاء، مع تغير طفيف في العوائد لأجل 10 سنوات. ووصلت العوائد المعيارية إلى أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من 16 عاماً يوم الاثنين، إذ دفعت قوة الاقتصاد المستثمرين إلى اتخاذ مراكز تعتمد على حفاظ الاحتياطي الفيدرالي على ارتفاع تكاليف الاقتراض.
كان الارتفاع في عوائد سندات الخزانة الأميركية هو السبب الرئيسي في انخفاض الأسهم خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ "تَخلَّى" المستثمرون عن تحديد موعد تخفيض أسعار الفائدة المتوقَّع وبدأوا قبول فكرة أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يُبقي أسعار الفائدة "مرتفعة لفترة أطول"، وفقاً لتوم إساي، مؤسس النشرة الإخبارية "ذي سفنس ريبورت" (The Sevens Report).
وأشار إساي إلى أن "ارتفاع الفائدة ليس هو المهم بقدر ما يهم كم من الوقت تبقى مرتفعة. إذا رأينا جيروم باول يلمح إلى الارتفاع لفترة أطول يوم الجمعة، فسنحتاج إلى الاستعداد لمزيد من تقلبات سوق الأسهم".
أما أليكس كوفي من شركة "تي دي أميريتريد" (TD Ameritrade)، فيرى أنه في حين أننا ربما شهدنا آخر رفع لسعر الفائدة في دورة التقشف الحالية، فلا يعني هذا أننا سنشهد قريباً تخفيضاً لهذه الأسعار، و "لا يعني بالضرورة أن جيروم باول سيعلن ذلك".
حديث جيروم باول
من المقرر أن يتحدث باول يوم الجمعة في ندوة السياسة الاقتصادية في بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي. سيتطلع المستثمرون إلى الخطاب المرتقَب للغاية بحثاً عن إشارات حول توقعات أسعار الفائدة، التي رفعها بنك الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي إلى نطاق من 5.25% حتى 5.5%، وهو أعلى مستوى في 22 عاماً.
ربما يدور بعض الحديث حول سعر الفائدة المحايد (أو r-star)، وهو سعر الفائدة "التعادلي" الذي لا يحفز النشاط الاقتصادي ولا يُضعِفه، وفقاً للورين غودوين من شركة "نيويورك لايف إنفستمنتس" (New York Life Investments).
وقال غودوين: "فكرة أن الاستثمار وبالتالي النمو الاقتصادي المحتمل قد يرتفعان، نتيجة للتحول المناخي أو البنية التحتية الرقمية المطلوبة للذكاء الاصطناعي، يمكن أن يُنظر إليها على أنها فكرة متشددة، لأنها تشير إلى أن سعر الفائدة الأساسي يمكن أن يستقر عند مستوى أعلى".
ورجّح كريشنا غوها من شركة "إيفركور" (Evercore)، إن يركز باول على الأرجح على التوقعات قصيرة إلى متوسطة الأجل، ويتجنب إجراء أي حديث حول سعر الفائدة الحيادي.
وقال غوها: "توقعوا تقييماً متوازناً بلا تَشدُّد مفاجئ، ولكن دون إعلان عن إنجاز المهمة، فلم يصل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى هذا الحد للسماح للتضخم بالإفلات من قبضته. إذا كنا على حقّ، فقد تنهي عوائد سندات الخزانة الأسبوع على انخفاض، وليس أعلى، مما يعزّز حركة الأسهم".