تراجعت الأسهم الأميركية بعد أن أبدت العقود المستقبلية للأسهم الأميركية في الصباح بادرة على التعافي من تراجعها يوم الأربعاء، وسط تفاقم حدة موجة البيع الكثيف التي شهدتها أسواق السندات في أرجاء العالم.
كانت عقود مؤشر (S&P 500) مرتفعة في الصباح 0.2%، فيما تراجع مؤشّر الأسهم الأوروبية لليوم الثالث. بعد توقعات عديد من المستثمرين بانتهاء بنك "الاحتياطي الفيدرالي" من رفع أسعار الفائدة، وهو ما لم يعُد مؤكداً بعد أن أشار محضر الاجتماع الأخير إلى أن مسؤولي البنك يدرسون زيادة تشديد السياسة النقدية.
كانت التحركات في أسواق السندات هذا الأسبوع حادة وسريعة؛ ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية أجل 10 سنوات 4 نقاط أساس ليبلغ 4.29% في منتصف اليوم الخميس، مقترباً من أعلى مستوياته منذ 2007. أما في المملكة المتحدة فلامست السندات ذات تاريخ الاستحقاق المكافئ معدل 4.71%، وهو أعلى عائد لها منذ الأزمة المالية في 2008. كذلك ارتفعت عائدات السندات اليابانية أجل 20 عاماً بعد مزاد لبيع السندات قوبل بطلب فاتر من المستثمرين.
قالت أنيكا غوبتا، مديرة بحوث الاقتصاد الكلي بشركة "ويزدوم تري"، في مقابلة مع تليفزيون "بلومبرغ": "فرضية الخفض الكبير لأسعار الفائدة واستقرار معدل التضخم لم تعد موجودة. الأرجح أن يتواصل تداول عائدات سندات الخزانة بمعدل أعلى لفترة أطول".
تعد عمليات البيع على سندات الخزانة دافعاً أساسياً لموجة مبيعات الديون العالمية، إذ إن مرونة أكبر اقتصاد في العالم خالفت التوقعات بأن يؤدّي مسار "الاحتياطي الفيدرالي" لرفع أسعار الفائدة إلى ركود. أما في المملكة المتحدة، فإن ارتفاع عائدات السندات يأتي بعد أن أفضى التضخم المستمر وبيانات الأجور القوية إلى زيادة رهانات المستثمرين على حاجة "بنك إنجلترا" إلى رفع آخر في أسعار الفائدة لتبلغ 6%، والإبقاء على هذا المعدل لفترة أطول.
أما أنباء الشركات، فوافقت "بي إيه إي سيتسمز" (BAE Systems PLC) على شراء ذراع الطيران المملوكة لـ"بول كورب" (Ball Corp.)، عملاقة تصنيع عبوات المياه الغازية، مقابل 5.6 مليارات دولار. شهدت أسهم "بي إيه إي" أكبر انخفاض لها في 9 أشه، إذ شكّك المستثمرون في سعر الشراء، فيما ارتفعت أسهم "بول" بنحو 5.5% خلال معاملات ما قبل التداول في البورصة الأميركية.
ارتفع سهم "سيسكو سيستمز" بما يقارب 2.9% خلال معاملات ما قبل التداول في البورصة الأميركية، بعدما قدمت شركة صنع معدات الشبكات توقعاً ساعد على تهدئة المخاوف المحيطة بتراجع المبيعات.
تأثير الصين
واصلت الصين التأثير في الاتجاه السائد، فالصورة التي ترسمها شركات الوساطة العقارية وجهات توفير البيانات الخاصة تشير إلى أن التدهور في سوق العقارات قد يكون أسوأ مما توضحه التقارير الرسمية. تُظهِر تلك البيانات انخفاض أسعار المنازل القائمة بنسبة 15% على الأقلّ بالأحياء المميزة في المدن الكبرى مثل شنغهاي وشنزن.
عزّزَت الصين جهودها لوقف خسائر عملتها يوم الخميس، بتقديم التوقع الأقوى منذ أكتوبر عبر السعر المرجعي اليومي لعملتها المُدارة. ووجهت السلطات البنوك الحكومية إلى زيادة التدخل في سوق العملة في الأسبوع الجاري، في إطار الجهود لمنع زيادة التقلب في سعر اليوان، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
واصل اليوان الخارجي ارتفاعه، إذ يُتداول أعلى من سعر 7.30 يوان مقابل الدولار بنسبة 0.5%، فيما ارتفع 0.4% في السوق المحلية.
قال فلويان إيلبو، مدير بحوث الاقتصاد الكلي بشركة "لومبارد أودير أسيت مانجمنت": "تواجه أسواق الأسهم حالياً عائقين: الأول ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية مجدداً، إذ يظهر الاقتصاد الأميركي معدلات تتسق مع حدوث تعافٍ اقتصادي. والثاني أن الصين بدأت بثَّ إشارات مُقلِقة، لا بد أنها تذكر المستثمرين بالصيف المُريع في 2015، مع تعثُّر سوق العقارات ونظام الظلّ المصرفي.
على صعيد آخر، أنهى خام برنت تراجعاً تَواصَل لثلاثة أيام، ويُتداول مرتفعاً بنسبة 1% عند 84.25 دولار للبرميل.