جدَّد ارتفاع أسعار الأرز إلى أعلى مستوى في نحو 15 عاماً المخاوف من صعود تكاليف الغذاء بقوة على الدول الأكثر احتياجاً حول العالم.
الأرز يُعتبر مكوناً أساسياً في الوجبات الغذائية للمليارات في آسيا وأفريقيا، كما أنه يساهم بما يصل إلى 60% من إجمالي السعرات الحرارية لقاطني أجزاء من جنوب شرق آسيا وأفريقيا، وترتفع هذه النسبة إلى 70% في دول مثل بنغلاديش.
زادت القفزة الأخيرة في الأسعار من الضغوط على أسواق الغذاء العالمية التي تعاني بالفعل من تطرّف الطقس والصراع المتصاعد في أوكرانيا. ارتفع سعر الأرز الأبيض التايلندي الذي يحوي كسراً 5%، وهي نسبة معيارية في آسيا، إلى 648 دولاراً للطن هذا الأسبوع مع تهديد الطقس الجاف لمحصول تايلندا، وبعد أن عززت الهند-التي تمثل 40% من تجارته العالمية- قيود التصدير لحماية سوقها المحلية.
يقول جوزيف غلوبر، الباحث لدى المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية في واشنطن: "ستسهم أسعار الأرز المرتفعة في تضخم كلفة الغذاء، خاصة للأسر الفقيرة في أكبر الدول استهلاكاً لتلك السلعة الأساسية في آسيا. وعندما تحظر دولة واحدة التصدير، تحذو دول أخرى حذوها غالباً. وفقراء العالم هم الخاسر الأكبر".
خطر الحمائية التجارية
تغذي المخاوف المتنامية بشأن شح الإمدادات العالمية مخاطر اندلاع موجة جديدة من الحمائية التجارية مع تطلّع الحكومات إلى ضمان احتياطيات غذائية وفيرة. وتتأجج هذه المخاوف في ظل عودة ظاهرة "إل نينيو"، التي قد تؤدي إلى جفاف محاصيل الأرز المعتمدة على المياه في آسيا.
قال بيتر تيمر، الأستاذ الفخري بجامعة هارفارد -الذي درس الأمن الغذائي لعقود-: "زاد سعر الأرز عمّا كان عليه قبل ظهور ظاهرة "إل نينيو"، وتصعيد روسيا هجماتها على صادرات القمح والذرة في أوكرانيا"، مرجحاً زيادة الأسعار 100 دولار إضافية للطن في غضون 6 إلى 12 شهراً.
"السؤال الكبير هو ما إذا كان ارتفاع الأسعار سيكون تدريجياً، مما يمنح المستهلكين وقتاً للتكيّف دون ذعر، أو ما إذا كان سيصعد بسرعه إلى 1000 دولار للطن أو أعلى"، وفق تيمر، الذي عمل مع حكومات آسيوية على وضع سياسات للتعامل مع أزمة الغذاء عام 2008، وكان ذلك عندما ارتفع سعر الأرز فوق تلك المستويات بعد حظر كبار المنتجين التصدير، ولا سيما الهند وفيتنام.
مخاطر إل نينيو
يُزرع معظم أرز العالم ويُستهلك في آسيا، حيث يعاني المزارعون بالفعل من موجات الحر والجفاف. تشجع تايلندا، ثاني أكبر مصدر للأرز في العالم، المزارعين على التحول إلى المحاصيل التي تحتاج إلى كميات أقل من المياه، بينما يعمد المزارعون في كبرى المناطق المنتجة للأرز في إندونيسيا إلى زراعة الذرة والملفوف تحسباً للجفاف.
من جهته، يرى تشوا هاك بين، كبير الاقتصاديين في "مايبانك إنفستمنت بانكينغ غروب" (Maybank Investment Banking Group) في سنغافورة، إن الخطر الأكبر سيكون ما إذا كانت ظاهرة إل نينيو وتغير المناخ سيعطلان الإنتاج الزراعي ويدفعان تضخم الغذاء الإجمالي إلى الارتفاع.
وأضاف: "قد يؤدي ذلك إلى مزيد من السياسات الحمائية، بما في ذلك قيود التصدير، والتي يمكن أن تزيد بدورها من نقص الغذاء العالمي وضغوط الأسعار. اقتصادات الأسواق الناشئة أكثر عرضة لصدمات أسعار الغذاء هذه نظراً للأوزان الغذائية الأكبر في سلة المستهلكين".
ومع ذلك، فإن ضوابط الأسعار الصارمة التي تفرضها الحكومات، وكذلك دعم المواد الغذائية في العديد من البلدان المستهلكة، يمكن أن تساعد في الحد من التضخم. قال تشوا من "مايبانك" إن الوضع الحالي يبدو "أهدأ نسبياً" مقارنة بما كان عليه في ذلك الوقت.