أثارت التحركات الحادة بسوق السندات الحكومية الأميركية الأسبوع الماضي تساؤلات لدى الناس حول الآثار المترتبة، ليس على آفاق الأصول المالية الأخرى فحسب، بما فيها الأسهم، ولكن أيضاً على الاقتصاد والسياسة النقدية. في ما يلي عدد من أبرز النقاط في هذا الصدد، من وجهة نظري، وتبعاتها:
تباين التقلب الأسبوع الماضي مقارنة بما حدث في عام 2022 وما حدث في وقت سابق من العام الجاري، لأنه لم يكن مدفوعاً بالسياسة الحساسة قصيرة الأمد لمنحنى العائد (مثل سندات الخزانة لأجل عامين)، ولكن بسبب السندات طويلة الأجل.
ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات من 3.92% إلى 4.19%، وتراجع إلى 4.03% الجمعة الماضية، بينما ارتفع العائد على السندات لأجل 30 عاماً من 4.03% إلى 4.2%، مسجلاً أعلى مستوى أسبوعي عند 4.31%.
يشير هذا التحول في العوامل إلى تقارب أقوى داخل الأسواق على المسار المحتمل الذي سيتبعه "الاحتياطي الفيدرالي" لسعر الفائدة في المستقبل القريب، جنباً إلى جنب مع مجموعة واسعة من العوامل التي تؤثر على آجال الاستحقاق الطويلة.
تشمل المجموعة الأوسع من العوامل أربعة عوامل محلية، بالإضافة إلى إطار دولي من عدم اليقين.
من المحتمل أن يكون العاملان المحليان المهيمنان لهما تأثيرات أكثر استمرارية، وهما تكيّف السوق مع آفاق صفقات بيع ديون مرتفعة بشكل كبير من قبل الحكومة الأميركية، وتحول "الاحتياطي الفيدرالي" من التيسير إلى التشديد الكمي؛ وإدراك متزايد بأن ديناميكيات التضخم الحالية ستنعكس من خلال أسعار فائدة أعلى لفترة أطول مما توقعته الأسواق. من المرجح أن يستمر هذان العاملان في تحفيز التقلبات في المستقبل.
أميركا تعتزم بيع سندات بـ103 مليارات دولار ومواصلة زيادة الإصدارات
عاملان يمثلان أهمية أقل
من المحتمل أن يكون العاملان المحليان الآخران أقل أهمية، بشكل خاص العامل الخاص بخفض تصنيف الديون السيادية الأميركية من قبل وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، والتي قلّل العديد من الاقتصاديين والمشاركين في السوق من أهميتها. أما توقعات النمو الاقتصادي، وهو العامل الرابع، فإن معظمها يعكس بالفعل الاحتمال الأكبر بتجنب الولايات المتحدة الركود هذا العام، شريطة عدم ارتكاب خطأ آخر في السياسة.
الإطار الدولي تهيمن عليه شكوك كبيرة تشوب الآثار غير المباشرة الناجمة عن خروج بنك اليابان تدريجياً من سياسة التحكم في منحنى العائد. بدأت هذه العملية بالفعل في إظهار علامات مألوفة لأولئك الذين لاحظوا خروجاً حتمياً من ربط سعر الصرف الثابت مع مرور الوقت، مما أدى غالباً إلى مواجهة السوق اختبارات متكررة لقدرة السلطات على إدارة خروج بشكل منظم.
تشير هذه العوامل مجتمعة إلى ثلاثة آثار للتقلب الحالي في سوق سندات الخزانة، إذ من المرجح أن يتضاءل التقلب ولكن لا يزول؛ ومن المتوقع أن يدر عوائد محدودة النطاق بشكل عام، ما لم يتعثر بنك اليابان في الخروج من منحنى العائد أو يتبع بنك الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من السياسة التشددية؛ ومع توفر هذا العامل المهم أمام البنك المركزي، يمكن للاقتصاد ومعظم قطاعات الأسواق المالية التعامل معه بسهولة نسبية، شريطة ألا يُثقل كاهلها بالاستدانة بشكل مفرط.