من المحتمل أن تكون السلع الأساسية في مسارها نحو تراجعات أكثر خلال النصف الثاني من السنة الجارية في ظل تضاؤل النمو الاقتصادي الصيني وانخفاض المعروض الأميركي من النقد. في هذه الأثناء تتنامى القوة الدافعة لشركات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية، ويستمر سعر الأرز في الصعود. ومن المقرر أن تعلن شركة "غلينكور" نتائجها للنصف الأول من العام الحالي غداً.
نستعرض في ما يلي 5 رسوم مهمة تستحقّ المتابعة في أسواق السلع العالمية مع بدء أسبوع التداول الحالي:
مؤشر السلع الأساسية
قد تضغط تداعيات تشديد البنك المركزي العالمي للسياسية النقدية الأكثر قوة في التاريخ على أسعار السلع الأساسية خلال النصف الثاني من السنة الحالية. صعد مؤشر بلومبرغ للسلع الأساسية (ـالذي يتتبع العقود المستقبلية لكل شيء بداية من النفط وصولاً إلى النحاس والقمح) علاوة على بدء تلاشي صعود لم يسبق له مثيل في مؤشر المعروض الأميركي من النقد مقارنة بذروة 2022.
تشهد الأسواق التي تغذيها السيولة النقدية المفرطة غالباً تراجعاً بمجرد بدء انحسار هذه الوفرة، حسب مايك ماكغلون خبير "بلومبرغ إنتليجنس". واتبع المؤشران بصفة أساسية نفس المسار منذ نهاية 1999، ليؤكدا أن الأصول المقومة بالدولار تنزع إلى التقدم في أثناء وفرة المعروض من العملة الأميركية. ما يمكن ملاحظته هو الحالة الانكماشية السائدة للسلع على نطاق واسع كما يتضح من أكبر زيادة لسعر الذهب.
النفط الصخري
يُجري بعض من أكبر شركات إنتاج النفط الصخري الأميركية تحديثات على توقعاتهم لأحجام الإنتاج في أعقاب الارتفاع المفاجئ في تدفق الآبار بفضل تطور تكنولوجيات التنقيب، في الوقت الذي تشهد فيه شركات التنقيب في الآونة الأخيرة هبوطاً قياسياً في تكاليف موادّ أساسية على غرار الأنابيب ومعدات الحفر -علاوة على الأجور- ما يمنحها قوة دافعة في المستقبل.
ورغم حالة التراجع التي سادت أسعار السلع الأساسية منذ بداية السنة الجارية حتى الآن، فإن إمدادات النفط العالمية تتضاءل جراء عمليات تقليص المملكة العربية السعودية وروسيا الإنتاج، مما رفع أسعار النفط الخام خلال الأسابيع الأخيرة. وقد يفاقم ذلك الضغوط على شركات التنقيب لزيادة معدات الحفر خلال النصف الثاني من العام الحالي. وهبطت أعمال الحفر في قطاع النفط بما يفوق 15% السنة الجارية لأدنى مستوى خلال 16 شهراً.
المعادن
أدّت عدة أعوام من الأرباح الهائلة إلى هبوط ديون شركة "غلينكور" العملاقة للسلع الأساسية لتقترب من الصفر، ويترقب المستثمرون ظهور معلومات حول ما تخطط الشركة السويسرية لاستغلال النقود فيه. انطلقت شركة "غلينكور" في طريقها لضمان الوصول إلى أكبر كميات ممكنة من النحاس والليثيوم قبل زيادة محتمَلة للطلب على المعادن المهمة لعملية تحول الطاقة.
ورغم أن عرضها قوبل بالرفض لشراء "تيك ريسورسز" (Teck Resources) خصصت "غلينكور" مؤخراً 475 مليون دولار للاستحواذ على مشروع نحاس بالكامل في الأرجنتين. وقد تُعَدّ هذه صفقة بعيدة النظر، إذ تتوقع "بلومبرغ إن إي إف" أن يتضاعف الطلب على النحاس 4 مرات بحلول 2050.
جرى تداول النحاس بانخفاض أغلب فترات الأسابيع الأخيرة في ظلّ معطيات اقتصادية متفاوتة على صعيد الاقتصادين الأميركي والصيني. ومن المنتظر أن تعلن شركة "باريك غولد" أيضاً نتائجها غداً الثلاثاء.
الزراعة
علينا التركيز على الأرز، العنصر الغذائي الرئيسي لمليارات البشر حول العالم، إذ يمهد قرار الهند حظر تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي الطريق للدول المنتجة الأخرى للاستحواذ على جزء من حصة بالسوق. وصرحت فيتنام -ثالث أكبر بلد مصدّر- بأنها ستتخطى غالباً شحنات التصدير المستهدفة للعام الحالي.
رغم ذلك لا يزال أمامها مسار طويل من أجل اللحاق بالهند. فيما حثت تايلندا، ثاني أكبر دولة مصدّرة، المزارعين على الحد من زراعة الأرز جراء الجفاف، في حين تدرس إندونيسيا اتخاذ إجراءات مشابهة.
وتقدّمَت أسعار الحبوب منذ قرار الهند، إذ قفز سعر الأرز التايلندي إلى أعلى مستوياته خلال 3 أعوام الشهر الماضي. ومن المحتمَل أن تزداد الأسعار.
وقود الطائرات
تتطلع شركات الطيران إلى تقليص الانبعاثات باستخدام ما يُعرَف بوقود الطائرات المستدام المصنَّع من النفايات أو الزيوت النباتية عادة. حسب شركة البحوث "ريدبيرن" (Redburn)، فإن تفاقم تكاليف إنتاج الوقود الأنظف عالمياً سيُبقي سعره أعلى من وقود الطائرات التقليدي وسيتحمل ثمنَه المستهلكون أو الحكومات. أوضح بيتر لو، محلل في شركة البحوث، أن قانون خفض التضخم الأميركي يتضمن إعفاءً ضريبياً لوقود الطائرات المستدام، لكنه لن يسدّ الفجوة تماماً. وتكشف بيانات شركة "أرغوس ميديا" (Argus Media) أنه مع نهاية يوليو الماضي، كانت تكلفة وقود الطائرات المستدام في شمال غرب أوروبا 3 أضعاف الوقود التقليدي.