تدهورت كبريات أسواق السندات في العالم، وزاد تدهورها عمقاً مع انخفاض أسعار الأسهم قبيل صدور تقرير الوظائف في الولايات المتحدة، الذي ينتظر أن يقدم علامات على الإجراءات التالية المتوقعة لبنك الاحتياطي الفيدرالي.
في نهاية جلسة التداول، قفز سهم "أمازون" بعد توقعات متفائلة للإيرادات، بينما انتظر المستثمرون صدور نتائج الأعمال من شركة "أبل".
تتأهب سندات الخزانة طويلة الأجل الآن لاستقبال أسوأ أسبوع أداءً في عام 2023 وسط علامات على أداء قوي غير متوقع للاقتصاد، ومخاوف تتعلق باتساع عجز الموازنة.
شدد تقرير صدر يوم الخميس على قوة الطلب على الأيدي العاملة، بينما كشفت بيانات منفصلة عن قفزة في إنتاجية العمل ساهمت في تعويض ارتفاع تكلفة الأجور.
تستبق هذه الأرقام صدور بيانات الحكومة عن التوظيف التي ينتظر أن تكشف عن إضافة الولايات المتحدة 200 ألف وظيفة في شهر يوليو. وعلى الرغم من أن تلك الزيادة تمثل أضعف قراءة منذ نهاية عام 2020؛ فإنَّها ماتزال تمثل تقدماً كبيراً من الناحية التاريخية.
قال إدوارد يارديني، مؤسس شركة أبحاث تحمل الاسم نفسه: "الأمر الإيجابي هو أن الجميع تقريباً متفقون على استبعاد احتمال ركود الاقتصاد في المدى القريب. ويترتب على ذلك انخفاض مخاوف هبوط أرباح الشركات، غير أنه يزيد من احتمالات هبوط مضاعفات تقييم الأسهم إذا استمر ارتفاع عائد السندات".
انخفض مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" لليوم الثالث على التوالي.
شركات التكنولوجيا العملاقة، التي تحملت العبء الأكبر من عمليات البيع الأخيرة في سوق الأسهم، سجلت أداءً فائقاً.
بلغت عوائد سندات الخزانة لأجل 30 عاماً 4.3%، مواصلة ارتفاعها الذي دام ثلاثة أيام بنحو 30 نقطة أساس.
لم يشهد الدولار تغييراً يذكر، بينما تأرجح الجنيه الإسترليني مع تحذير بنك انجلترا بأن معركته ضد التضخم قد تحتاج إلى مزيد من التقشف لفترة أخرى.
تقرير الوظائف
أظهر استطلاع أجرته شركة "22في ريسيرش" (22V Research) أن المستثمرين يتوقعون تقريراً قوياً للتوظيف، وزيادة ضعيفة للأجور.
كما أنَّ ما يقرب من 65% من المشاركين في الاستطلاع يراهنون على أن قوائم الأجور ستكون أكبر من إجماع المحللين. وفي الوقت نفسه؛ يتوقع 55% منهم أن يتخلف متوسط الدخل في الساعة عن التقديرات، وقد لاحظت الشركة أن ذلك يساعد على تفسير سبب توقعهم أيضاً أن يكون رد فعل سوق الأسهم ضعيفاً.
بالنسبة إلى جيسون دراهو من شركة "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت" (UBS Global Wealth Management)؛ ربما تأتي حركة الأسواق في الواقع فاترة خلال الشهر القادم في غياب أي محفز كبير وبعد صعود قوي.
وأشار دراهو إلى أن "الأسواق تقوم بالفعل بالمراهنة على هبوط الاقتصاد هبوطاً سلساً، وبشكل متزايد مع الاعتقاد بأن هناك حاجة إلى أن يأتي نمو الاقتصاد ضئيلاً نسبياً حتى يعود التضخم تدريجياً إلى 2%. إنَّ الأسواق عرضة للتأثر بأي علامات على أن الاقتصاد، في ظل قيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي، معرض لخطر عدم التمسك بذلك الهبوط السلس".
انحدار منحنى العائد
في غضون ذلك، يدفع المتعاملون في عقود الخيارات الخاصة بأسعار الفائدة ثمناً باهظاً للحماية من مزيد من الزيادة في عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل.
يظهر مقياس يقارن الطلب على خيارات البيع الهبوطية بالطلب على خيارات الشراء الصعودية أوسع تباين منذ سبتمبر لخيارات العقود الآجلة لسندات الخزانة الأميركية التابعة لمجموعة "سي إم إي غروب" (CME Group)، التي تتعقب حالياً سندات تستحق في عام 2039. ويشار إلى أن الفجوة أقل تطرفاً بالنسبة للخيارات على العقود الآجلة لسندات الخزانة الأقصر أجلاً.
أدى انحدار منحنى العائد إلى تمديد الاتجاه الذي بدأ منذ أن فاجأ بنك اليابان الأسواق الأسبوع الماضي بتعديل السياسة النقدية. عند 4.88%، تصبح عوائد السندات لأجل عامين أعلى بمقدار 71 نقطة أساس من العائد على السندات لأجل 10 سنوات. وذلك مقارنة بفجوة قدرها 102 نقطة أساس قبل أسبوعين.
قال بيتر بوكفار، مؤلف "تقرير بوك": "ما زلت حذراً من المخاطرة بالمدة، وما زلت أفضل السندات قصيرة الأجل. ففقاعة السندات السيادية هذه تستمر في التراجع، والمشكلة الآن هي أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي فقط إلى تفاقم زيادة الديون السيادية، حيث تبدأ مدفوعات الفائدة في الارتفاع، في كل مكان، وليس في الولايات المتحدة فقط، وهو ما أبرزه تخفيض (فيتش) للتصنيف الائتماني".
قال بيل أكمان، مؤسس شركة "بيرشينغ سكوير كابيتال مانجمنت" (Pershing Square Capital Management)، إنه يوصي ببيع سندات الخزانة لأجل 30 عاماً على المكشوف - كتحوط ضد تأثير ارتفاع أسعار الفائدة في المدى الطويل على الأسهم، وكرهان قائم بذاته أيضاً.
أشار بيل غروس، رئيس شؤون الاستثمار السابق في شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management) لإدارة الاستثمار، إلى أنه "متشائم بشكل عام" بشأن عوائد السندات لأجل 10 سنوات، في حين أكد رئيس شركة "بيركشاير هاثاواي" وارن بافيت لشبكة CNBC أنه كان يشتري سندات الخزانة، ومن المرجح أن يستمر في ذلك.
على صعيد آخر؛ ارتفعت أسعار النفط بعد أن مددت المملكة العربية السعودية خفض الإنتاج من جانب واحد لمدة شهر آخر، وألمحت إلى أن تخفيضات أعمق قد تكون في الطريق.