بدأ أسبوع محوري في الأسواق بزيادة صغيرة في أسعار الأسهم مع استعداد المستثمرين لاستقبال قرارات أسعار الفائدة من البنوك المركزية الكبرى وموجة من تقارير أرباح الشركات.
في الفترة السابقة على اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، تَذكَّر المستثمرون الآثار الجانبية للتقشف العنيف في السياسة النقدية.
الأرقام المحبطة من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو عززت الرهان على أن المسؤولين يقتربون من نهاية دورة رفع أسعار الفائدة بهدف منع ركود الاقتصاد.
بعيداً عن الصورة الاقتصادية الكلية، تستعد شركات عالمية يبلغ مجموع قيمتها السوقية 27 تريليون دولار للإعلان عن النتائج، ومن بينها عمالقة مثل "مايكروسوفت كورب" و"إل في إم اتش" و"سامسونغ إليكترونيكس".
قال جون ستولتزفوس، رئيس استراتيجية الاستثمار في "أوبنهايمر أسيت مانجمنت": "سيوفر هذا الأسبوع فرصاً كثيرة لاختبار ارتفاع الأسهم الذي بدأ في 12 أكتوبر، سيسعى المستثمرون للحصول على معرفة وأفكار إضافية حول الاتجاه المرجح أن تتخذه الأسواق".
ارتفع مؤشر "داو جونز الصناعي" لليوم الحادي عشر على التوالي، في أطول سلسلة مكاسب له منذ عام 2017. تُدووِل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بالقرب من 4550 نقطة، في حين كان أداء مؤشر "ناسداك 100" ضعيفاً بعد "إعادة تعيين الأوزان" التي دخلت حيّز التنفيذ يوم الاثنين. ارتفع العائد على السندات الأميركية لأجل عامين إذ اجتذب مزاد أعلى عائد منذ عام 2007. ولم يطرأ تغيُّر يُذكر على الدولار. انخفضت عملة بتكوين لفترة وجيزة إلى أقل من 29000 دولار. وتجاوز خام غرب تكساس الوسيط 78 دولاراً للبرميل. وارتفع القمح والذرة عندما هاجمت روسيا واحداً من أكبر مواني نهر الدانوب في أوكرانيا.
أخبار الشركات
من بين أبرز أخبار الشركات، تقدمت شركة "تسلا"، بعد الكشف عن مبيعات قوية خارج الولايات المتحدة والصين، وحققت شركة "أبل" تقدماً، إذ ذكرت "بلومبرغ نيوز" أن الشركة تحافظ على مبيعات "آيفون" ثابتة رغم اضطرابات عام 2023.
التأثير المتأخر للزيادات القوية في أسعار الفائدة من البنوك المركزية العالمية، وتضاؤل مدخرات المستهلكين والخلفية الجيوسياسية "المقلقة للغاية"، تستعدّ لتحفيز انخفاضات جديدة في السوق وتجديد التقلبات، وفقاً لما ذكره ماركو كولانوفيتش، الخبير الاستراتيجي في "جيه بي مورغان تشيس".
أشار كولانوفيتش أيضاً إلى أنه من المتوقع أن يكون ردّ فعل أسعار الأسهم على تقارير الأرباح ضعيفاً إذ كانت السوق قوية في موسم تقارير الربع الثاني.
تجاهل المستثمرون في الغالب مفاجآت الأرباح الإيجابية من الشركات التي أعلنت عن نتائجها حتى الآن، وفقاً للمحلّلين في "بنك أوف أميركا". كانت التحركات في المتوسط أعلى بمقدار 1.3 نقطة مئوية مما تشير إليه سوق الخيارات، لكن الاتجاه كان يميل إلى الجانب السلبي.
أضاف استراتيجيو "بنك أوف أميركا" بقيادة سافيتا سوبرامانيا: "هذا يشير إلى زيادة مخاطر الاستثمار، وقد وُضعت الأخبار الجيدة في الحسبان".
بالنسبة إلى كريس لاركن في شركة "إي * تريد" (E * Trade) التابعة لبنك "مورغان ستانلي"، قد "تحمل التكنولوجيا المفتاح" لاستمرار الحماسة التفاؤلية على المدى القريب لمستثمري الأسهم، إذ تستعد الشركات الكبيرة لإعلان أرقامها الفصلية.
والواقع أن الفرص مرتفعة لشركات التكنولوجيا الكبيرة، التي قادت تقدماً بأكثر من 40% لمؤشر "ناسداك 100" هذا العام. ويجري تداول "السبعة الكبار" ("أبل" و"أمازون" و"إنفيديا" و"ميتا بلاتفورمز" و"ألفابت" و"تسلا" و"مايكروسوفت") بعلاوة قياسية مقارنة بأدنى 493 سهماً مُدرَجاً على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" وفقاً لتصريحات سوبرمانيان من "بنك أوف أميركا".
قال جيمس ديميرت، رئيس شؤون الاستثمار في شركة "مين ستريت ريسيرش" (Main Street Research): "نتوقع أن تكون أرباح التكنولوجيا الكبيرة مختلطة، وسيكون الاختبار الحقيقي للشركات التي لديها استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي، إذ يتوق المستثمرون إلى معرفة ما إذا كان بإمكان هذه الشركات تحقيق نتائج قوية بما يكفي لدعم أسعار أسهمها المرتفعة بشكل كبير في الأشهر الأخيرة".
القيمة العادلة
يقول محلّل بنك "غولدمان ساكس غروب" إن التقييم المرتفع لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" معقول، ويمكن أن يرتفع أكثر هذا العام إذ ينضمّ المتقاعسون في المؤشر إلى موجة الزيادة في الشركات الفائزة من الذكاء الاصطناعي.
في حين أن سيناريو الحالة الافتراضية هو أن يتقلص مضاعف ربحية السهم في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بشكل طفيف إلى 19 مرة من المستوى الحالي البالغ نحو 20 مرة بحلول نهاية عام 2023، فإن المخاطر على التقييمات تميل الآن إلى الاتجاه الصعودي، حسب استراتيجيي البنك بقيادة ديفيد جيه كوستين.
في الوقت نفسه يُظهِر نموذج غلينميد للعوائد العالمية المتوقعة أن تقييمات الأسهم الأميركية الكبيرة تقع حالياً قرب النسبة المئوية 77، مما يعني انخفاضاً بنسبة 22% إذا عادت التقييمات إلى القيمة العادلة.
قال جيسون برايد، رئيس استراتيجية الاستثمار والبحوث في غلينميد: "الركود الذي يبدأ في وقت لاحق من هذا العام أو أوائل العام المقبل لا يزال هو الحالة الافتراضية، وهو احتمال لا ينعكس في تقييمات الأسهم"، من المرجح أن تتوقف التوقعات بالنسبة إلى أكبر اقتصاد في العالم على استعداد بنك الاحتياطي الفيدرالي لتحمُّل التضخم أعلى بشكل ملحوظ مما يُفضَّل. بعد أخذ استراحة من التشديد الشهر الماضي، يبدو أن الرئيس جيروم باول وزملاءه محاصَرون في رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء.
اقرأ أيضاً: هل ركود الاقتصاد الأميركي لا يزال محتملاً.. الإجابة نعم