يبدو أن الدور الذي لعبه تطبيق التداول "روبن هود" في موجة المضاربة على أسهم "غيم ستوب" التي حركها مستخدمو شبكة "ريديت"، لم تستطع الإضرار بشكل كبير بشعبية تطبيق التداول الشهير.
وقد استمر التطبيق الذي لا يتطلب أي رسوم في التصدّرِ من حيث عدد مرات التحميل في مجاله من تطبيقات التداول، متحدياً التوقعات بخروج المستخدمين إثر الغضب الذي أثير بعد منع "روبن هود" لعمليات شراء بعض الأسهم ذات الطلب الكبير مؤخراً.
وعملت شركة "روبن هود ماركيتس" مؤخراً على تحقيق الاستفادة القصوى من موجة التداول التي تجتاح الأسواق، حيث عرضت إعلاناً جديداً لها بمناسبة موسم فعاليات الـ"سوبر باول" في الولايات المتحدة. تُخبر فيه العملاء المستهدفين: "لست بحاجة إلى أن تصبح مستثمراً، لقد وُلِدت كذلك".
ومؤخراً، تم تحميل التطبيق أكثر من 600 ألف مرة خلال يومٍ واحد، وفقاً لبحث أجرته شركة "سيميلار ويب" مع "جيه إم بي" للأوراق المالية.
ويعادل هذا الرقم تقريباً أكثر من أربعة أضعاف مرات التنزيل التي شهدها التطبيق في أفضل أيامه خلال شهر مارس الماضي.
كما يُظهر تقدير آخر من شركة "آب توبيا" لبيانات التطبيقات أن تنزيلات "روبن هود" قد قفزت وتفوقت على المنصات المنافسة مؤخراً، وذلك بالرغم من انتشار وسم "امسح روبن هود" (#deleterobinhood) عبر منصة "تويتر".
وبعد الخطوات التي اتخذها تطبيق "روبن هود" مؤخراً لتقييد التداول على بعض الأسهم مثل "غيم ستوب" و"أيه إم سي إنترتانمينت"، وقول بعض المتداولين الذين توافدوا على تطبيق "روبن هود"، إن عمليات السمسرة في منصة التداول تنحاز إلى صناديق التحوّط وأموال المؤسسات. وعلى الرغم أيضاً من أن الشركة قامت بتوضيح الأمر لتقول إنها تأخذ صف المتداولين، وأنها قامت بوضع قيود جديدة بغرض تحقيق الالتزامات التنظيمية، إلا أنّ هذا الرد لم يفعل الكثير لتهدئة الغضب.
مقاطعة "روبن هود"
وكعمل احتجاجي، شارك الكثير من المستثمرين في حملة يتوعَّدون بحذف حساباتهم، والانضمام لشركة تداول أخرى، تكون أكثر استحقاقاً لأعمالهم بحسب قولهم.
لكن الكثيرين منهم اكتشفوا أن الأمر ليس بهذه السهولة. حيث يقول بعض العملاء، إن التطبيقات المنافسة لم ترتقِ إلى مستوى الخدمات المُقدمة من "روبن هود" ذي الواجهة التفاعلية الأنيقة، والمجموعة الواسعة من الخيارات والخدمات التي يقدمها. والأهم من ذلك، أن الانتقال من منصة إلى أخرى قد يستغرق أياماً، أو أسبوعاً أو أكثر.
وإن هذا قد يؤدي إلى ربط الأسهم وحرمانها من تقلبات بنسب متفاوتة قد تحدث خلال أي يوم في فترة الانتقال.
حركة الاحتجاج هذه تستدعي إلى الذاكرة، التعهدات المتكررة (التي لا يتم الالتزام بها) والتي يطلقها مستخدمي "فيسبوك" حول حذف التطبيق، بحجة أن منصة وسائل التواصل الشهيرة باتت بمثابة الرقيب على النقد الثقافي والسياسي. والأمر مشابه أيضاً لقوة منتج "آيفون" من شركة "آبل"، والذي جعل الكثير من المستخدمين يتعاملون مع واجهته ومميزاته، بشكل يصعّب عليهم الانتقال إلى جهاز آخر حتى لو كان يضم ميزات أكثر وبأسعار أقل.
وقال متحدث باسم الشركة: إن "روبن هود" اشترت مكاناً إعلانياً في فعاليات "سوبر باول" الأمريكية منذ ديسمبر الماضي، رافضاً الإفصاح عن المبلغ الذي دفعته لقاء ذلك.
كما عرضت الشركة إعلانات على صفحة كاملة في عدة صحف بالولايات المتحدة مؤخراً.
وقالت كريستينا سميدلي، رئيسة التسويق في "روبن هود"، "نحن نركز على عملائنا وتزويدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها، ونلتزم بإتاحة وصول الجميع إلى فرص الاستثمار"، كما أضافت: "أصبح تداول الأفراد ظاهرة ثقافية حالياً".
تطبيقات منافسة لـ"روبن هود"
ظهر تطبيق "ويبول" (Webull) ، ليمثل المنافس الصيني لشركة "روبن هود". وصعد في الترتيب من حيث مرّات التحميل على الهواتف الذكية؛ حيث اشترك فيه مجموعة من العملاء الجدد. وحصل على المركز الثاني في قائمة "آبل" للتطبيقات المجانية الأكثر تنزيلاً مؤخراً، قبل أن يتراجع بعدها بفترة قصيرة إلى المركز 12.
وطوال الوقت، ظلت "روبن هود" في المرتبة الأولى. واعتباراً من أول شهر فبراير، ظلّ التطبيق ضمن المراكز العشرة الأولى في الولايات المتحدة، وظل كذلك أعلى من أي من منافس له.
وأظهرت البيانات أن الكثير من العملاء يستخدمون التطبيق بشكلٍ مكثف. حيث ارتفع عدد المستخدمين اليوميين للتطبيق -في قياس تقريبي لإجمالي عدد الأشخاص- بأكثر من 800% في أوائل فبراير من العام الحالي، وذلك مقارنة بالعام السابق. وهو ما يمثل ستة أضعاف النمو الذي لوحظ لدى المنصات المنافسة، وفقاً لموقع "سيميلار ويب".
وأحد هؤلاء المستخدمين، مارك كولين، 35 عاماً، من إلينوي. والذي فتح حساباً في منصة "ويبول" بعد أن أصيب بخيبة أمل بسبب قرار "روبن هود" بتقييد التداولات على بعض الأسهم. وكان يعتقد أنه سيغادر التطبيق إلى الأبد.
وقال كولين: "أرغب بالتخلص من "روبن هود" بسبب المبادئ التي أؤمن بها، لكن من الصعب أن أجد منصة أخرى قريبة منها من حيث سهولة الاستخدام والراحة لما يقدمه روبن هود". وأضاف كولين أن "ويبول" لا يقدم مثل مرونة "روبن هود"، حيث يستغرق الأمر به وقتاً أطول لتصفية الودائع، ولم يكن قادراً على وضع أوامر معينة مختصة بالتداول في فترة عطلة نهاية الأسبوع وإغلاق الأسواق.
كما وجد أن اختيار الأسهم والعملات المشفرة أكثر محدودية بـ"ويبول". ذلك مع أن "ويبول" لديه مدى أفضل لساعات التداول. وقد رفض ممثلو "ويبول" التعليق على الأمر.
الانتقال لتطبيق آخر ليس سهلاً
يبدو أن التحول من "روبن هود" إلى وسيط آخر أمر سهل بما يكفي من الناحية الفنية، حيث لا يكلفك الأمر سوى بضع نقرات في تطبيق الشركة الجديدة.
ولكن قد تواجهك بعض المفاجآت والتأخيرات. ويحتاج العملاء إلى تزويد المنصة الجديدة برقم حسابهم ورقم (DTC) الخاص بهم في شركة "روبن هود" إلى شركة الوساطة الجديدة، وطلب التحويل.
ويمكن للمستخدمين نقل الأسهم والأوراق المالية والحصص في الصناديق المتداولة في البورصة دون دفعات ضريبية إضافية. ومثل العديد من منافسيها، تتقاضى "روبن هود" رسوماً قدرها 75 دولاراً مقابل التحويل منها إلى منصة أخرى، ولكن غالباً ما تقوم شركة الوساطة الجديدة بسداد هذه الأموال، في حال طلبت ذلك.
لكن لا يمكن نقل الأسهم المشفرة والكسور، أي الحصص الجزئية. فعلى سبيل المثال إذا كنت تمتلك ما قيمته 100 دولار من أسهم "أمازون" لن تتمكن من نقلها. وبدلاً من ذلك، سيبيع "روبن هود" تلك الأسهم والعملات الرقمية بدلاً عنك. وقد ينتهي بك الأمر إلى دفع ضريبة على مكاسب رأس المال، ويعتمد مقدار الضريبة على المدة التي احتفظت فيها بالسهم.
وبالإضافة لهذا العيب، هناك الوقت المستغرق للنقل والذي قد يكلفك أموالاً، حيث أن تجميد الأسهم لأيام هو أمر سيء بالنسبة لأي متداول.
وبالنسبة لجيل المستهلكين في الولايات المتحدة ممن اعتادوا على التحويلات المالية الفورية من خلال شركات مثل "زيلي" (Zelle)، قد تبدو العملية بطيئة للغاية.
وبشكلٍ عام، يستغرق الأمر حوالي ستة أيام، وفقاً لهيئة تنظيم الصناعة المالية. ذلك على الرغم من أن بعض شركات السمسرة تحذر من أن الأمر قد يستغرق ما يصل إلى 16 يوماً. وفي غضون ذلك، قد يكون حسابك مغلقاً وغير متاح للتداول. ثم تقوم "روبن هود" بإغلاق أي حسابات بعد إفراغها تماماً.
ويقول دانتي مونالدو، 24 عاماً، من سان فرانسيسكو، إنه سينقل جزءاً من محفظته الاستثمارية من "روبن هود"، وهو يفكر في إغلاق حسابه، لكن لم يتخذ الخطوة بعد. وهو غالباً ما يقوم بالتداول من السرير بمجرد استيقاظه وفتح الأسواق.
وأضاف مونالدو: "سأُبقي حسابي على التطبيق مفتوحاً على الأرجح، وذلك فقط لأني أحب مدى السرعة والسهولة في عمل التداولات الصغيرة من خلاله".
كما أضاف أنه إذا قام بنقل أمواله كليّاً، فإنه يفضِّل العثور على شركات سمسرة تمتلك الأسهم ولا يتعين عليها الاعتماد على غرف المقاصة للموافقة على الضمانات والودائع.
البعض يصرُّ على مغادرة "روبن هود"
ولكن فيما يبدو أن هناك أخرون أكثر إصراراً على مغادرة "روبن هود". ومنهم كيلين مور، 27 عاماً، وهي تعمل كـ"معالجة بيانات" وتعيش في ولاية كارولينا الشمالية. وكانت قد تداولت في "روبن هود" لمدة ثلاث سنوات، وتقول، إنها تقدمت بطلبٍ للحصول على حساب "ويبول" وتريد تغيير التطبيق، لأنها لا توافق على مبادئها. حيث لم يعجبها تفسير "روبن هود" لما حدث عندما قامت بتقييد التداول على بعض الأسهم خلال الشهر الماضي.
وكانت الشركة أصدرت بياناً حول تقلبات السوق دون الإشارة إلى حاجة شركتها للمقاصة لطلب مزيد من الضمانات. وهو ما أدى إلى خلق فجوة في المعلومات، ملأها الناس بنظريات حول ما إذا كانت "روبن هود" تنحاز لصناعة صناديق التحوط.
وقالت مور: "أنا متفقة كثيراً مع أهمية إخراج من أخطأ بحقك (شخص أو شركة) من حياتك إلى الأبد".
كما أضافت: "عليك أن تستخدم أموالك للأفضل مع الناس، والشركات. ومع كل ما حدث، وكيفية تعامل "روبن هود" مع الأمر، لا أرى مبرراً بالنسبة لي للاحتفاظ بحسابي".