البائعون على المكشوف يهددون مستقبل السيارات الطائرة.. و"الشيك على بياض" ينقذها

إقلاع وهبوط طائرة أرتشر الكهربائية العمودي - المصدر: بلومبرغ
إقلاع وهبوط طائرة أرتشر الكهربائية العمودي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

عندما باعت شركة "إيهانغ هولدينغز" ( EHang Holdings Ltd) أسهمها لأول مرة للجمهور الأمريكي في ديسمبر 2019، لم يكن المستثمرون مقتنعين تماماً بفرص المراهنة على مستقبل السيارات الطائرة. وتصنع الشركة الصينية طائرات "كهربائية عمودية الإقلاع والهبوط"، والتي تعمل بطريقة شبيهة بالطائرات المروحية، ولكن مزودة ببطاريات ولها مراوح متعددة. كما أنها طائرات بدون طيار على عكس معظم منافسيها.

وجمع طرح "إيهانغ" -عبر إدراج تقليدي أداره "مورغان ستانلي" و"كريدي سويس"- 41 مليون دولار فقط، وقيم الشركة عند أقل من 700 مليون دولار. ومنذ ذلك الحين، صعد سهم الشركة بدافع من الحماس بشأن تطوير "التاكسي الطائر". وفي بداية الأسبوع الجاري، أصبحت قيمة الشركة 6.8 مليارات دولار.

ويوم الثلاثاء، عانى سهمها من انهيار خطير، وتبخرت أكثر من 60% من قيمته في الهواء بعدما قام البائع على المكشوف، "وولفباك ريسيرش" (Wolfpack Research)، بنشر تقرير يشكك فيه في علاقات المبيعات، والتكنولوجيا، والموافقات التنظيمية للشركة. وقالت "إيهانغ" إن التقرير يحتوي على "أخطاء عديدة، وبيانات لا أساس لها من الصحة، وسوء تفسير معلومات".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

الحلم يتحول إلى حقيقة

بغض النظر عما هو صحيح أو خطأ في هذا الجدل، فإنه يظهر مخاطر الاستثمار في شركات التكنولوجيا المستقبلية، في الوقت الذي تقوم شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة أو الشيك على بياض بضخ كميات هائلة من الأموال في قطاع التاكسي الطائر الناشئ.

ولكن يوجد شيء على الأقل وراء حماس المستثمرين، وقد تصبح التاكسيات الطائرة -التي لطالما اعتبرت حلماً لا نراه سوى في أفلام مثل "بلايد رانر" (Blade Runner)- واقعاً في وقت قريب بفضل التقدم المحرز في البطاريات، والبرمجيات، والمواد خفيفة الوزن. وقد يحظى القطاع بدفعة نتيجة قيام كاثي وود، نجمة إدارة الأموال، بدراسة إمكانية إضافة "الطائرات بدون طيار والتاكسي الطائر ومركبات الطيران الكهربائية" في صندوق مؤشراتها الجديد الذي يركز على الفضاء، ولكن يتعين على المساهمين أن يقوموا بفحصهم النافي للجهالة كذلك.

توقعات مالية أكثر ثقة

سيكون أمام وود قريباً العديد من شركات التاكسي الطائر الأخرى المدرجة في البورصة لتختار من بينها، بفضل طفرة صفقات الشيك على بياض في الآونة الأخيرة.

ومن منظور الرعاة الماليين لشركات الشيك على بياض، فإن السيارات الطائرة بمثابة زواج يتم في الجنة. وبفضل الثغرات التنظيمية، يُسمح للشركات المستهدفة من قبل كيانات الشيك على بياض بنشر توقعات مالية متفائلة تساعدهم على ضمان تقييمات تدمع لها الأعين في سوق الأسهم. وفجأة، يجد صانعو التاكسي الطائر أنفسهم قادرين على جمع كميات هائلة من رأس المال. ويكلف برنامج التطوير النموذجي لكيان من هذه الكيانات ما يصل إلى مليار دولار.

وربما لن تتكرر محنة "إيهانغ"، ولكن ترتفع التقييمات بشدة عبر القطاع. وأشك في أن المباريات ستكون دائماً مبهجة للمستثمرين الهاويين الذين يشترون رؤى شركات التاكسي الطائر.

وأعلنت شركات "جوبي أفييشن" (Joby Aviation)، و"آرتشر أفييشن" (Archer Aviation)، و"بلايد أوربن آير موبليتي" (Blade Urban Air Mobility)، عن اندماجها بالفعل أو تخطيطها للاندماج مع شركات استحواذ ذات أغراض خاصة. وقد تسعى شركة الشيك على بياض المملوكة للمدير التنفيذي السابق في "بوينغ"، دينيس مويلنبرغ، وراء صفقات في قطاع "النقل المتقدم عبر الجو".

والسماح للشركات المستهدفة من قبل كيانات الشيك على بياض بنشر توقعات مالية لسنوات عديدة -بغض النظر عن مدى جموح هذه التوقعات- يعطيهم ميزة هائلة لأن أغلبها لا يزال في طور التطوير والاختبار، ولا تسمح الطروحات الأولية العامة بمثل هذه التوقعات.

وقد يستغرق الحصول على التصريحات التنظيمية اللازمة في مجال التاكسي الطائر سنوات، ما يجعل تقديرات التوقعات المستقبلية جزئياً نوعاً من التخمين. وحققت شركة "فولوكوبتر" (Volocopter) السنغافورية تطورات متقدمة نسبياً، ولكنها لا تتوقع تقديم خدمات تجارية قبل نهاية 2023.

وتتوقع شركة "آرتشر" المستحوذ عليها من قبل شركة شيك على بياض بثقة أن تحقق إيرادات تزيد على 12 مليار دولار بحلول 2030، وتدفقات نقدية حرة بقيمة 3 مليارات دولار سنوياً، رغم أنها لم تصنع بعد أو تسلم أي طائرة للعملاء، وبالتالي، فإن وجود بعض الشك له ما يبرره.

المصدر: "آرتشر أفييشن"
المصدر: "آرتشر أفييشن"

تقييمات شركات التاكسي الطائر تتصاعد

بلغ تقييم "آرتشر" عند اندماجها مع "اطلس كريست انفستمنت كورب" (Atlas Crest Investment Corp)، المملوكة للمصرفي، كين موليس، 3.8 مليارات دولار إذا أضفنا المليار دولار من النقدية التي تم جمعها، ووفقاً لمستوى تداول أسهم شركة الشيك على بياض حالياً، فإن قيمة "آرتشر" ارتفعت إلى 5.2 مليارات دولار، أما قيمة شركة "بلايد" فتبلغ 1.5 مليار دولار.

وتتوقع "جوبي"، المتقدمة إلى حد ما في عملية التصاريح الضرورية، أن تصل قيمتها إلى 6 مليارات دولار، حسبما نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز"، بينما تبلغ قيمة أكبر صانعة طائرات مروحية إيطالية "ليوناردو" (Leonardo SpA) 3.6 مليارات يورو (4.4 مليارات يورو).

وللإنصاف، قد يكون التاكسي الطائر أكثر نظافة وأرخص وأقل صخباً من المروحيات، وهو ما يعني أن سوقه سيكون أكبر، كما أن احتوائه على عدة مراوح سيقلص مخاوف السلامة.

وليست الشركات الناشئة مثالية الأيدلوجية هي فقط المتحمسة بشأن هذه التكنولوجيا، فعمالقة الطيران أيضاً مثل "ايرباص" و"بوينغ"، وشركات السيارات مثل "هيونداي موتور"، و"جنرال موتورز"، و"ستلانتيس"، وشركات التكنولوجيا مثل "تنسينت هولدينغز"، و"انتل"، يستثمرون جميعاً في مستقبل على غرار المسلسل الكرتوني "ذا جيتسونز" (Jetsons).

وانضم المدير التنفيذي السابق في "ايرباص"، توم إندرز، لمجلس إدارة شركة "ليليام" (Lilium)، وتخطط شركة البنية التحتية الإسبانية "فيروفيال" ( Ferrovial SA)، لإنشاء شبكة "مطارات رأسية" في فلوريدا.

وفي ظل تطوير عشرات النماذج من التاكسي الطائرات، ستحظى الشركات التي تجمع أكبر قدر من الأموال بأفضل فرص النجاة، ومع ذلك، لا تضمن النقدية وحدها النجاح. ويثبت حريق البطارية الذي نشب في نموذج شركة "ليليام" العام الماضي مقدار المخاطر.

كما أن المنتج المعقد الذي تحاول هذه الشركات تطويره، بجانب عملية التصريحات التنظيمية الطويلة، يعني أن أغلب الشركات ستبتلع أكوام من النقدية، ولكن المستثمرين في الشركات المدرجة في البورصة معتادين على تحسن البيانات المالية كل ربع ولا يشتهرون بالتحلي بالصبر.

المصدر: مركز ابتكارات "لوفتهانزا"
المصدر: مركز ابتكارات "لوفتهانزا"

وكتب مؤسسو "آرتشر"، بمصداقية لافتة: "أحد مشكلات "عالمنا الصعب" هي تكاليف رأس المال العالية، والأجهزة التكنولوجية المتطورة، والجدول الزمني الطويل، والأعمال شديدة التحدي ذات فرص النجاح المنخفضة".

ومع ذلك، لا يزالون يستحقون فرصة المحاولة.

وفي بيان يرثي، فشل رأس المال المغامر في دعم التكنولوجيات الجريئة، قال المستثمر بيتر ثيل آسفاً: "أردنا سيارات طائرة وبدلاً من ذلك حصلنا على 140 حرفاً (الطول الأقصى حينها للتغريدة)"، وفي كل الأحوال، ربما تغير شركات الشيك على بياض المعادلة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات