ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية بنحو 23%، إذ يعيد التجار تقييم مخاطر الإمدادات وسط إشارات على المنافسة العالمية على الوقود، بجانب الموجة الحارة التي تضرب المنطقة.
عقد الغاز القياسي يتجه نحو ختام تعاملات الأسبوع مرتفعاً 38%، ليسجل أكبر صعود منذ أغسطس الماضي، مقترباً من ذروته بأزمة الطاقة في أوروبا. وفي الوقت نفسه، مسجلاً أول مكسب أسبوعي منذ شهر مارس.
يعتبر ارتفاع أسعار الغاز اليوم الجمعة أحدث مثال على التقلب الشديد الذي تشهده السوق هذا الأسبوع، بعد أن بدا أن العقد قد استقر حول مستوى 23 يورو. وبينما انخفضت الأسعار خلال الأشهر الأخيرة بسبب المخزونات المرتفعة والطلب الصناعي المنخفض، فإن المخاوف من تقلص الإمدادات زادت قلق التجار.
تراجع أسعار الغاز يمنح أوروبا الراحة بعد عام من الذعر
مُددت حالات الانقطاعات في النرويج، أكبر مورد لأوروبا. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن تدفقات الغاز الطبيعي المسال القوية -التي ساعدت القارة على تخفيف أزمة الطاقة التاريخية- قد تنخفض خلال الأشهر المقبلة بعد هبوط الأسعار الأخير، وفق جيمس واديل، رئيس قسم الغاز الأوروبي والغاز الطبيعي المسال العالمي في شركة الاستشارات "إنرجي أسبكتس".
من جهته، قال جيمس وادل، رئيس قسم الغاز الأوروبي والغاز الطبيعي المسال العالمي بشركة الاستشارات "إنرجي أسبكتس": "أدت مخاوف إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى ارتفاع الأسعار بقوة لدرجة دفعت الكثير من المتداولين- الذين كانوا يبيعون على المكشوف- إلى التوقف".
أضاف وادل: "منح ذلك عقد الغاز القياسي المتداول في هولندا (تي تي إف) دفعة إضافية".
موجة طقس حارة
تتزامن هذه المخاوف مع ارتفاع درجات الحرارة مع بدء فصل الصيف، مما قد يرفع احتياجات التبريد من أوروبا إلى آسيا ويعزز المنافسة على الغاز الطبيعي المسال. ومن جهة أخرى، تبدو شحنات الوقود الأميركية- الحيوية لأمن الطاقة في أوروبا- حالياً مربحة أكثر لآسيا في يوليو وأغسطس وسبتمبر، وفقاً لـ "بلومبرغ إن إي إف".
من المتوقع أن تنتشر موجة من الطقس الحار عبر مساحات من أوروبا بنهاية الأسبوع الحالي. إذ أصدرت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة تنبيهاً لأجزاء من البلاد اليوم الجمعة، ومن المتوقع أن تصل درجة الحرارة في لندن إلى 27.5 درجة مئوية (81.5 فهرنهايت) يوم السبت. ومن المنتظر أن تكون درجات الحرارة في العاصمة البريطانية وبرلين أعلى من مدريد وروما يوم السبت.
عوامل متزامنة
من المرتقب أيضاً أن تؤدي موجة الطقس الحار بشمال شرق آسيا، خلال الأسبوعين المقبلين، إلى زيادة الطلب على التبريد، وسيكون هناك اهتمام أكبر بالشحنات من المشترين الأكثر تأثراً بالأسعار في المنطقة، وفقاً لما قاله وادل، مضيفاً: "نتوقع أيضاً أعمال صيانة مكثفة لمنشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال هذا الصيف".
ارتفع عقد الغاز القياسي للشهر المقبل في هولندا 21% ليصل إلى 32.52 يورو للميغاواط في الساعة في الساعة 5:03 مساءً بتوقيت أمستردام. وارتفع نظيره في المملكة المتحدة 24%.
من المرجح أن تعزز تحديثات أعمال الصيانة في النرويج أيضاً ارتفاع الأسعار، وقال توم مارزيك مانسر، رئيس تحليلات الغاز في "آي سي آي إس" (ICIS )في لندن: "ربما تلعب تغطية (التداولات) نهاية الأسبوع دوراً أيضاً".
ومع ذلك، لا تزال حالة عدم اليقين قائمة إذ لم يُظهر الطلب الصناعي على الغاز في أكبر اقتصادات أوروبا إشارات على حدوث انتعاش حقيقي، حتى رغم انخفاض الأسعار بنحو 90% من أعلى مستوياتها في 2022.
أدى التباطؤ في الاقتصاد الأوسع، والتحول نحو الطاقة المتجددة، إلى خفض الطلب على الغاز في ألمانيا وإيطاليا وهولندا وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة بنحو 10% في مايو مقارنة بالعام السابق، وفقاً لـ "إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" (S&P Global Commodity Insights).