13 شركة غامضة تملك ما يبلغ 20% من أسهم "أداني غروب".. والجهة التنظيمية تشتبه أن وراءها إما عائلة أداني وإما الصين

من يملك الشركات الهندية؟.. حان الوقت لنعرف

لافتة "أداني غروب" على مقرها في مومباي، الهند - المصدر: بلومبرغ
لافتة "أداني غروب" على مقرها في مومباي، الهند - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يبدو أن جهة الرقابة على البورصة الهندية في مهمة عاجلة لإنقاذ مصداقيتها عبر اقتراحٍ جديدٍ مثيرٍ للجدل بتعقب الأموال الأجنبية إلى مصدرها، والمؤكد أنها ستواجه معارضة من أصحاب المصالح الخاصة. لكن الجهة التنظيمية لا يمكنها ادعاء أنها تدير سوقاً نظيفة دون تلك الصلاحيات.

لم تتمكن لجنة عينتها المحكمة العليا في نيودلهي مؤخراً من إثبات الفشل التنظيمي في حق مجلس الأوراق المالية والبورصات في الهند (SEBI). لكن وصف اللجنة تحقيقات المجلس المستمرة في أكبر شركة للبنية التحتية في البلاد على أنها "بلا نهاية" لا يوحي بالثقة أيضاً.

أخطرت الجهة التنظيمية لجنة الخبراء بأنها تحقق في أمر نحو 13 شركة تتسم بغموض هيكل الملكية، وتقع مقراتها في موريشيوس وقبرص، وتملك، حسب أرقام شهر مارس 2020، ما بين 14% و20% من أسهم 5 شركات تابعة لـ"أداني غروب" (Adani Group)، الواقعة في مدينة أحمد آباد.

هل عائلة أداني وراء الكيانات الأجنبية؟

يمثّل هذان الرقمان حصة كبيرة. يريد مجلس الأوراق المالية والبورصات تحديداً التحقق مما إذا كان الاثنان وأربعون مستثمراً الذين ضخّوا رأس المال في تلك الكيانات الاستثمارية الثلاثة عشر، والمكونة من 12 صندوقاً وشركة خارجية للخدمات المالية، مجرد واجهة لقطب الأعمال غوبتا أداني وعائلته. واستنكرت المجموعة بشدة تلك المزاعم التي ساقتها شركة "هيندنبرغ ريسيرش" (Hindenburg Research)، ومقرها نيويورك، في تقريرها الذي صدر في 24 يناير. وقالت المجموعة إن "التلميح" إلى أن أياً من المساهمين العامّين "طرف مرتبط بأي شكل بمؤسِّسي المجموعة غير صحيح".

رغم أن "أداني غروب" هي الحالة الأبرز لتحقيق ثروة كبيرة من البورصة بدعم من مصدر غامض للتمويل الأجنبي، فهي ليست الحالة الوحيدة، فكيف ستتمكن الهند من تتبُّع رأس المال بأشكاله المختلفة والمتغيرة إلى الملاك الفعليين، لا سيما وأن خطة مجلس الأوراق المالية والبورصات التي طرحها للمشاورة العامة، تبدو في ظاهرها بسيطة وقائمة على القوانين؟

ما طبيعة الشركات المستثناة من المقترح؟

ستستثني الخطة كل صناديق التقاعد، وصناديق الاستثمار العامة ذات القاعدة المتنوعة من المستثمرين الأفراد، كما ستستبعد المستثمرين الأجانب المرتبطين بحكومة أو بنك مركزي، مثل صناديق الثروة السيادية. عدا ذلك، ستعتبر جميع حملة الأسهم مصدراً للمخاطر، وإذا صادف أن حجم محافظهم الاستثمارية المحلية أكبر من 250 مليار روبية (3 مليارات دولار)، أو إذا تركزت استثماراتهم في أي مجموعة شركات هندية بما يزيد على 50%، فسيتعيّن عليهم "تقديم بيانات تفصيلية عن كل الكيانات التي لهم فيها أي ملكية، أو مصلحة اقتصادية، أو حقوق سيطرة، على أساس الشفافية/ إمكانية الإطلاع الكامل" حتى تكشف الإفصاحات عن أسماء الأفراد، أو صناديق استثمار الأفراد، أو الشركات الكبرى المطروحة للتداول العامّ.

نتائج إيجابية زائفة للمقترح

سيشير المعارضون إلى أن ذلك النهج الآلي سيسفر عن نتائج إيجابية مزيفة، إذ ستسوء سمعة السوق الهندية لعدم ترحيبها بالأجانب. أما الأمر الآخر فيتعلق بالتطبيق العملي؛ لنفترض صندوقاً متنوعاً شرعياً ساقه حظه العاثر إلى أن يُصنَّف على أنه مرتفع المخاطر، فسيُفرَض عليه تقديم معلومات عن مصدر كل دولار استُثمر فيه. وإذا لم يتمكن مجلس الأوراق المالية والبورصات من كشف حقيقة الاثنين وأربعين مستثمراً في "أداني غروب" الموجودين في جزر الكايمان، ومالطة، وكوراساو، وجزر العذراء البريطانية، وبرمودا، وأيرلندا، والمملكة المتحدة، فما السلطة التي ستمكّن مدير صندوق خاصّ من إزاحة طبقات من شركات الواجهة ليصل إلى المُلّاك الفعليين ويقنعهم بالتنازل عن حقوقهم في الخصوصية؟

إن خطر المبالغة في الامتثال هو أمر لا يمكن لأي شخص على دراية بالحماسة الشديدة للبيروقراطية في الهند تجاهله. مع ذلك يستحقّ المجلس فرصة في الفترة الحالية، وفكرة أنه يوشك أن يثير مشكلات لا حصر لها هي بلا أساس من الصحة. يشير تقرير المشاورات الصادر عن الجهة الرقابية إلى أنها تتوقع أن تكون 6% من الاستثمارات الأجنبية، أو ما يقل عن 1% من إجمالي القيمة السوقية، ذات مخاطر مرتفعة محتمَلة. فضلاً عن ذلك، فإن المجلس مستعدّ لمنح الصناديق التي تزيد حجم استثماراتها أو تصفّيها فترة سماح مدتها 6 أشهر، ما يعني أنها ستكون قادرة على خرق قاعدة 50% مؤقتاً بلا حاجة إلى إفصاحات أخرى.

بالمثل، سيكون أي صندوق رأسمالي يستثمر في التقنيات النظيفة في أنحاء العالم يملك محفظة استثمارية صغيرة مسجلة لدى المجلس منخفض أو متوسط الخطر ما دامت حيازاته تقلّ في مجموعة هندية واحدة عن 25% من استثماراته العالمية.

مهمة إصلاح مهددة

بالنسبة إليّ، النتائج السلبية الزائفة هي مصدر أكبر للقلق، فبدلاً من صندوق غامض قيمته مليار دولار خصّص 51% من أصوله لشركة هندية، سيواجه المجلس كيانين مشابهين، خصّص كل منهما 49% من رأسماله البالغ 500 مليون دولار لمجموعة الشركات ذاتها. فالاتجاه إلى القضاء على "المستثمرين المضاربين" أو الأموال المراوغة المُخفاة في الصناديق الواقعة في موريشيوس، قد يأتي بنتائج عكسية. لذا، قد يُبرَّر بعض التكتم في تصنيف كيان استثماري على أنه مرتفع المخاطر لمنع التلاعب بالقوانين المقترحة.

الجزء القاسي الوحيد في اقتراح المجلس الهندي هو متطلبات الإفصاح عن الصناديق مرتفعة المخاطر التي تستثمر أكثر من 3 مليارات دولار محلياً، بغض النظر عن تركز استثماراتها، فالهدف هنا ليس الكشف عن مخالفات قواعد الحد الأدنى للمساهمة العامة، بل تحديد المالك الفعلي من دولة "تشارك الهند حدودها البرية"، في إشارة إلى الصين. لا تريد حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أن تستحوذ الشركات الصينية على حصص في الشركات الهندية بلا تصريح، إذ يمكن استخدام الكيانات التي يصعب اختراقها في دولة ثالثة للالتفاف على تلك القوانين، التي يقتصر تفسيرها حتى الآن على الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

لا إشارة إلى أن أيّاً من المالكين الفعليين لأسهم "أداني غروب" صينيّ، وبالتالي فإن الحديث عن مسألة الدولة ذات الحدود المشتركة في المشاورة العامة يشتّت الانتباه عن مهمَّة المجلس لتحسين سمعته، ويُتيح فرصة أكبر لاعتراض رافضي نظام الإفصاح الجديد.

"أداني غروب" تتعافى وتستعيد الثقة

تعافت أسهم "أداني غروب" من مستوياتها المتدنية عقب تقرير "هيندنبرغ ريسيرش"، مع ذلك فقيمتها السوقية أقلّ بمقدار 100 مليار دولار مما كانت عليه قبل أن يجبر هجوم الشركة الاستشارية قطب الأعمال غوتام أداني على إلغاء طرح الأسهم. أداني، الذي تجاوزت ثروته مئات المليارات سابقاً، والذي تنحدر أصوله من ولاية غوجارات، مسقط رأس مودي، فاز بتمويل شركة "جي كيو جي بارتنرز" (GQG Partners)، ومقرها في الولايات المتحدة، ويستعدّ مرة أخرى لإقناع المساهمين من المؤسسات بالتصديق على جمع تمويل بمليارات الدولارات. وفي تحديث ائتماني يوم الاثنين، أعلنت المجموعة انتهاء برنامج سداد ديون على المجموعة بقيمة 2.65 مليار دولار. بلغ صافي الدين في مارس 3.27 ضعف للأرباح قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك واستهلاك الديون، في انخفاض عن 3.81 ضعف قبل عام. وقالت المجموعة إن أرصدة السيولة والتدفقات النقدية من العمليات ستتجاوز بفارق مريح الديون المستحَقَّة على مدى العام المالي الحالي والسنتين الماليتين المقبلتين.

بينما يشير أداني إلى نيته، وقدرته المالية على إنهاء الخلاف والمضيّ قدماً، يواجه مجلس الأوراق المالية والبورصات خطر مواجهته وحيداً أسئلة كثيرة عمَّن يملك الشركات الهندية. وبما أن لديه الآن خطة، فعليه أن يمضي قدماً ويُظهِر أنه متى وصل الأمر إلى إدارة سوق نظيفة، فرحلته التي كانت بلا هدف حتى الآن، ستتجه إلى مكان ما في نهاية المطاف.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك