ارتفاع أسهم التكنولوجيا الأميركية بوتيرة قوية، والمراكز الاستثمارية في عقود الخيارات، والرهان على توقف الاحتياطي الفيدرالي مؤقتاً عن رفع الفائدة بعد تقرير مختلط عن الوظائف وضعت سوق الأسهم على مشارف صعود مستدام.
تقدم مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 1.5% حتى يتواصل صعود المؤشر المعياري إلى 20% من أدنى مستوى له في أكتوبر.
شهد مؤشر على أداء الأسهم الكبرى، مثل "تسلا" و"أبل"، أسبوعاً سادساً على الترتيب من الارتفاع– أو أطول فترة صعود منذ ما يقرب من عامين.
قفز سهم "برودكوم" (Broadcom) بعد أن توقعت الشركة تضاعف مبيعاتها المرتبطة بالذكاء الاصطناعي هذا العام.
مع ارتفاع الأسهم، انخفض "مقياس الخوف" في وول ستريت إلى أدنى مستوى له منذ فبراير 2020، إذ تراجع مؤشر التقلب (Cboe)، أو (VIX)، إلى أقل من 15 نقطة من متوسط 23 نقطة في العام الماضي. وأدى مزاج الإقبال على المخاطرة إلى ارتفاع مؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة –التي تندرج عليه كثير من البنوك الإقليمية- بنحو 3.5%.
قال مارك هاكيت، رئيس أبحاث الاستثمار في شركة "نيشن وايد" (Nationwide): "يستمر صعود الأسهم المثير للإعجاب في دفع المستثمرين الأفراد إلى السوق. فقد قضى المستثمرون معظم الأعوام الثلاثة الماضية تحت سيطرة هوس بنك الاحتياطي الفيدرالي والتضخم وقوائم الأجور، رغم أن التقلبات التي تنتج بسبب هذه التقارير قد استقرت، مما يعكس سوقا أقل تأثراً بالأحوال المزاجية. ولذلك تأثير إيجابي، حيث إن التفاعل بدرجة أقل علامة على سوق صحية".
مراكز استثمارية في الخيارات
بالنسبة لأندرو برينر من شركة "نات أليانس سيكيوريتيز" (NatAlliance Securities)، صعود أسعار الأسهم له علاقة كبيرة بشيء واحد: تغيير المراكز الاستثمارية.
قال برينر: "إن المستثمرين في عقود الخيارات كانوا على الهامش. نعتقد أنهم سيعودون الأسبوع المقبل، وسيفقد الارتفاع قوته الدافعة".
في الواقع، لا يعني تقدم الأسهم أن السوق لا تواجه رياحاً معاكسة، وفقا لكوينسي كروسبي، رئيسة الاستراتيجية العالمية في شركة "إل بي إل فايننشال" (LPL Financial). ولاحظت أن من بين هذه المخاطر التداعيات المحتملة لطوفان سندات الخزانة –التي تبلغ نحو تريليون دولار– التي ستطرح في مزاد علني بينما تقوم حكومة الولايات المتحدة بتجديد حسابها العام بعد الاتفاق على سقف الديون.
أضافت كروسبي أن"قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي ببث رسالة مفادها أن 14 يونيو غير مطروح لرفع سعر الفائدة يعكس بلا شك مخاوفه من احتمال زيادة تقلبات السوق الناجمة عن تبديد السيولة. ومع ذلك، فإن الارتفاع الشامل اليوم في سوق الأسهم يؤكد أنها لا تتوقع ركوداً وشيكاً رغم الحديث الزائد حوله".
علامات تباطؤ سوق العمل في مايو رغم ارتفاع التوظيف ربما يدعم حجة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ومسؤولين آخرين بأنهم يجب أن يستغرقوا المزيد من الوقت لتقييم البيانات الواردة والتوقعات المتطورة قبل رفع أسعار الفائدة مرة أخرى.
رهانات أسعار الفائدة
أظهر رد فعل وول ستريت على أحدث تقرير للوظائف رهاناً على احتمال أن يحدث رفع آخر لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي -لكن هذا لن يحدث بالضرورة في يونيو.
قفزت عوائد السندات لأجل عامين، وهي أكثر حساسية لتحركات البنك المركزي الوشيكة، 15 نقطة أساس إلى 4.5%. وتراهن عقود المقايضة على رفع الفائدة بما يقرب من ربع نقطة خلال الاجتماعين المقبلين لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. لكن بما يشير إلى فرصة أقل من 50% لحدوث ذلك هذا الشهر.
قالت سيما شاه، رئيسة الاستراتيجية العالمية في شركة "برينسيبال أسيت مانجمنت" (Principal Asset Management): "السؤال الرئيسي الآن هو: هل يستطيعون الانتظار حتى شهر يوليو أم أن رقم قوائم الأجور الهائل يؤدي مرة أخرى إلى حالة تستدعي تدخلاً عاجلاً. ربما تفاصيل التقرير، مع ارتفاع معدل البطالة وتباطؤ نمو متوسط الدخل في الساعة، يؤخر القرار إلى يوليو".
يجب أن يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي منفتحاً على رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في يوليو إذا اختار الامتناع عن رفعها هذا الشهر، حسبما قال وزير الخزانة السابق لورانس سامرز.
قال الأستاذ بجامعة هارفارد في مقابلة مع ديفيد ويستن من تلفزيون بلومبرغ يوم الجمعة: "نحن مرة أخرى في وضع تكون فيه مخاطر الزيادة المفرطة في نشاط الاقتصاد هي المخاطر الأساسية التي يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى وضعها في الاعتبار".