يترقَّب العالم، تفاقم تضخم أسعار الغداء الذي ساد كوكب الأرض خلال 2020، ورفع أسعار كل السلع بما في ذلك الجبن المبشور، و زبدة الفول السوداني.
وأدَّت جائحة كوفيد-19 إلى إحداث تغييرات في سلاسل الإمداد الغذائي، وإعاقة عمليات الشحن، وإصابة العمال الذين يعملون على توفير مواد الغذاء للسكان، وفي النهاية رفع تكاليف البقالة الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم في 2020.
ويتعرَّض المزارعون -خاصة أولئك الذين يربُّون الماشية والدواجن، للضغوط بسبب ارتفاع أسعار الذرة، وفول الصويا منذ سبع سنوات، مما أدَّى لرفع تكاليف إطعام قطعانهم بنسبة 30% أو أكثر.
ولكي يظل المزارعون يحققون أرباحاً، قامت الشركات المنتجة بما في ذلك شركة "تايسون فودز" (Tyson Foods Inc)، بزيادة الأسعار، التي يجري تمريرها عبر سلاسل التوريد، التي ستظهر في الأشهر المقبلة، في ارتفاع أسعار لحوم البقر، ولحم الخنزير، والدجاج في جميع أنحاء العالم.
تأثير الأعلاف على أسعار اللحوم
وقال مارك جورتون ، العضو المنتدب في شركة "تراديشونال نورفولك بولتري" (Traditional Norfolk Poultry) البريطانية المنتجة للدجاج والديك الرومي، إنَّ أسعار الأعلاف "ترتفع وتنخفض، ويتعيَّن على العالم قبول الأمر برمَّته على حدٍّ سواء.. ولكن عندما ترتفع الأسعار، فإنَّها تبدأ في التأثير بشكل كبير على النشاط".
وارتفعت أسعار الحبوب بشكل باهظ بعد الجفاف الذي ضرب الولايات المتحدة عام 2012، وشهدت أسعار اللحوم ارتفاعاً كبيراً.
وحالياً، تتأهب اللحوم مرة أخرى لأن تدفع تضخم الغذاء العالمي لأعلى، وأن تكون جانباً من الجدل المكثَّف حول مسار التضخم الكلي، وما يجب على البنوك المركزية، وصنَّاع السياسات اتخاذه لمساعدة الاقتصادات التي لا تزال تكافح للتعافي من تداعيات وباء كوورنا.
ومن المتوقَّع أن يعمل نشر لقاحات كورونا الذي يبشر بالعودة إلى الحياة الطبيعية، وبرامج التحفيز المالي التي تصل إلى تريليونات الدولارات، على إطلاق العنان للطلب المكبوت، وبالتالي ارتفاع أسعار المستهلك.
وترسل أسواق السندات الأمريكية والأوروبية إشارات لعودة التضخم، وارتفعت توقُّعات التضخم الأمريكي لعام واحد الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى منذ 2014.
أما الدافع وراء ارتفاع أسعار الأعلاف، فيرجع ذلك إلى سوء الأحوال الجوية، وتأثيره على المحاصيل مما يؤدي إلى تقليص إنتاجها عالمياً، في حين يتزايد الطلب.
وتجمع الصين، أكبر دولة تشتري سلعاً في العالم، كميات قياسية من مواد العلف المتاحة لإطعام أعداد قطعان الخنازير المتزايدة.
ويشعر منتجو اللحوم عبر البلدان المصدِّرة الرئيسية بتأثير ارتفاع تكاليف الحبوب.
وفي البرازيل، أكبر دولة مصدِّرة للدواجن، قفزت تكلفة تربية الدجاج بنسبة 39% في 2020، بسبب الأعلاف، وفقاً لوكالة " إمبرابا" (Embrapa)، وهي وكالة أبحاث زراعية مملوكة للدولة.
وقال بنك "إيتاو بي بي أيه" (Itau BBA)، إنَّ التكاليف ارتفعت مرة أخرى في يناير 2021 بنحو 6%.
وفي أوروبا، تراجعت ربحية عمليات الثروة الحيوانية بسبب مزيج من ارتفاع نفقات الأعلاف، وخنق الطلب الناتج عن عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19.
وقد يضطر بعض مزارعي الخنازير الصغار إلى الخروج من السوق، وفقاً لما ذكره "تشينجون بان" كبير المحللين في مصرف " رابوبانك".
وقالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، إنَّ أسعار اللحوم العالمية في يناير 2021 ارتفعت للشهر الرابع على التوالي.
ومنذ مطلع ديسمبر 2020، ارتفعت العقود الآجلة للذرة في شيكاغو بنسبة 28%، وفول الصويا بنسبة 18%.
ويمكن أن يؤدي تفشي الأمراض الحيوانية أيضاً إلى ارتفاع أسعار اللحوم، إذ تشهد أجزاءً من أوروبا وآسيا تفشي إنفلونزا الطيور.
ولا يزال فيروس الخنازير القاتل المسمَّى حمى الخنازير الأفريقية ينتشر في بعض البلدان بعد القضاء على القطعان الصينية، وتسبَّب مؤخراً في خروج شركة خنازير فلبينية من السوق.
تقلص القطعان
وترتفع أسعار اللحوم في محلات البقالة بالتجزئة بشكل أكبر بعد أن قلَّص المزارعون عدد قطعانهم بسبب انخفاض الأرباح.
وقال "ويل سوير"، المحلل المعني بشؤون اقتصادات البروتين الحيواني في المصرف التعاوني "كو بنك أيه سي بي" (CoBank ACB)، إنَّ هذه عملية تستغرق وقتاً مما يعني أنَّ هناك فجوة بين تضخم تكلفة العلف، وارتفاع أسعار المستهلك (التضخم).
وفي الولايات المتحدة، بدأت عمليات تربية الماشية، والدواجن بالفعل في الانكماش بسبب الأرباح الضئيلة وسط الوباء.
وانخفض قطيع الخنازير الأمريكية في ديسمبر 2020 بنسبة 0.9% على أساس سنوي، وقطعان الماشية في يناير 2021 بنسبة 0.2%، وفقاً لبيانات حكومية.
وتراجعت أرباح الماشية بالفعل. وقال المالك المشارك "سكوت أندرسون" إنَّ أرباح "سي أر أي فيدرز" (CRI Feeders) في أوكلاهوما- وهي عبارة عن حقول تسمين بها 42 ألف من الحيوانات، وتعتمد على الذرة في العلف -تتجه للتعادل.
ويؤدي اتساع نطاق الجفاف إلى إبادة المراعي، وارتفاع أسعار الأعلاف بنسبة 30%.
ومن المرجَّح أن تدفع تحديات السوق والطقس أصحاب مزارع تربية الماشية إلى تقليص حجمها، وفقاً لِـ كلايتون هوسمان، المدير التنفيذي لـِ " كانساس لايفستوك أسوسييشن" (Kansas Livestock Association)، مضيفاً: "خلال العامين المقبلين، نتوقَّع تراجعاً أشد في المعروض".