انعدام الشفافية وافتقاد الناس لتناول الطعام في الخارج وراء تراجع الطلب على المطاعم المتخصصة في توصيل الطعام

"المطابخ الشبحية" تتلاشى دون أن يلاحظ أحد

أشخاص يتناول الطعام في الهواء الطلق - المصدر: بلومبرغ
أشخاص يتناول الطعام في الهواء الطلق - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

دخلت إلى حياتنا الواقعية بعض العادات الجديدة التي فرضتها الجائحة علينا، مثل الاجتماعات عبر تطبيق "زووم"، ورموز الاستجابة السريعة، واستخدام مطهر الأيدي. بالإضافة إلى ما يعرف باسم "المطبخ الشبحي"، وهو ابتكار وعد بتغيير العالم، لكنَّه تحول إلى إحدى عادات العزل الصحي بدلاً من أن يصبح عملاً موثوقاً.

لاقت "المطابخ الشبحية"، وهي مطاعم لا تقدّم الطعام إلا باستخدام خدمة التوصيل، رواجاً وأصبحت وسيلة معقولة التكلفة للمطاعم الناشئة لتبدأ عملها بالاعتماد على ميزانية ضئيلة، وللشركات القائمة لتحقيق المزيد من الإيرادات خلال الجائحة.

مع تراجع سوق ومبيعات المطاعم الكبرى؛ انضمت المطابخ الشبحية إلى التوجه الرائج، ففي 2021، أعلنت شركة "وينديز" (Wendy’s) عن خطط لافتتاح 700 مطبخ شبحي في أنحاء الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة. وقالت شركة "ريغو رستورانت" (Rego Restaurant) إنَّ علامتَي "كوزينوس" (Quiznos)، و"تاكو ديل مار" (Taco Del Mar) التجاريتين اللتين تملكهما الشركة تستعدان لافتتاح 100 مطبخ شبحي في العام التالي.

برغم تراجع الاستثمار العام الماضي؛ لكنَّ التوجه الرائج أدى لارتفاع كبير في تمويل الشركات الناشئة، فسرعان ما حصلت عشرات الشركات على ملايين الدولارات لإدارة المطابخ الشبحية لبعض كبريات الشركات في عالم الأغذية، وتوقَّعت شركة "سي بي آر إي غروب" للعقارات التجارية أن تشكل المطابخ الشبحية 21% من قطاع المطاعم الأميركي بحلول 2025.

فشل وإغلاق

فشلت غالبية تلك الخطط بعد عودة العالم إلى طبيعته، فأعلنت "وينديز" في الأسبوع الماضي أنَّها ستغلق عمل المطبخ الشبحي في الولايات المتحدة نهائياً، التي كانت قد بدأته بالتعاون مع شركة "ريف تكنولوجي" (Reef Technology).

"ريف"و "أمريكانا" تؤسسان مشروعاً للمطابخ السحابية في المنطقة

توقَّع تود بينيغور، الرئيس التنفيذي لشركة "وينديز"، الأسبوع الماضي أن تتسبب الإغلاقات في تأخير هدف الشركة الخاص برفع معدل نمو الوحدة الصافي من 2% إلى 3% حتى النصف الثاني من العام الجاري.

أما شركة "بتلر هوسبيتاليتي" (Butler Hospitality)، التي أدارت مطاعم شبحية لصالح الفنادق، فقد أغلقت أبوابها في صمت، وتركت العملاء دون خدمات الطعام والموردين دون مدفوعات. أما شركة "كلاود كيتشنز" (Cloud Kitchens)، التي يعد ترافيس كالانيك، الشريك المؤسس لشركة "أوبر تكنولوجيز"، من ضمن أوائل مستثمريها؛ فإنَّها خسرت سلسلة من شركائها من المطاعم في العام الماضي.

كما أنَّ "ريف تكنولوجي" تحوّلت للتركيز على تقديم تقنيتها للملاعب والمطارات، ومن ضمنها مطار رالي دورهام الدولي، حيث تدير نظام تشغيل قاعة الطعام الذي يسمح للمسافرين بالطلب مسبقاً من أي من مطاعمها التسعة باستخدام الأكشاك أو هواتفهم.

العودة للحياة الطبيعية

إذا كنت تسأل عن سبب اختفاء هذه المطاعم، فيتمثل في أنَّ الناس لم يتوقفوا فعلاً عن ارتياد الأماكن التي توفر الطلبات عبر السيارة، وافتقدوا تناول الطعام في الخارج خلال فترة العزل الصحي. كما عادت الحركة في مطاعم الخدمة السريعة إلى وتيرتها قبل الجائحة، وتتعافى أماكن تناول الطعام، لكنَّها

ما زالت أقل من مستويات 2019، وفقاً لتقرير شركة "جونز لانغ لاسال" (JLL) الذي صدر الشهر الماضي.

مطاعم "صب واي " تدرس صفقة بيع محتملة بتقييم 10 مليارات دولار

تدفع أسعار مواد البقالة المرتفعة الناس إلى الوجبات السريعة. قال بينيغور إنَّ "وينديز" ستستثمر في قوائم الوجبات الليلية في الصيف القادم، وتتوقَّع زيادة في الحركة، إذ عاد الزبائن الليليون إلى مستويات ما قبل الجائحة، كما توجد فرصة لأن يؤدي نموذج الأعمال الخفيفة إلى ارتفاع كبير في المبيعات.

الخلاصة توضح أنَّ تكلفة إدارة مطعم خالٍ يقوم بالتوصيل فقط أعلى بكثير مقارنة بنموذج الوجبات السريعة التقليدي.

مشكلات الشفافية

كحال معظم الابتكارات؛ زادت خدمات المطابخ الشبحية بوتيرة أسرع من قدرة منصات طلب الوجبات على مواكبتها، مما سبّب مشكلات في الشفافية أدت إلى عزوف العملاء في نهاية المطاف. فلا يمكن لمستخدمي تطبيقات توصيل الوجبات أن يعرفوا ما إذا كانت شطائر أحد المطاعم تشبه شطائر مطعم آخر، الذي يقدّم خدمة التوصيل للوجبات ذاتها بسعر أعلى.

"لوي فيتون" تستقبل الموسم الصيفي بافتتاح مطعمها في فرنسا

تدير شركات المطاعم الكبرى، مثل "تشك إي تشيز" (Chuck E. Cheese)، مطابخ شبحية تحت مظلة مطاعم وهمية بأسماء مختلفة، لتقدّم للعملاء وهم الاختيار. أزالت خدمة "أوبر إيتس" (Uber Eats) التابعة لشركة "أوبر" من تطبيقها آلاف المطاعم التي تقدّم خيارات عديدة للتوصيل بأسماء مختلفة، لكنَّها تقدم قائمة الوجبات نفسها، كما فرضت حالياً على المطابخ الشبحية للمطاعم بأن تختلف قائمة وجباتها الافتراضية 50% على الأقل عن قائمة الشركة الأم.

كما يشكل انعدام الشفافية مشكلة للمدن، فغالباً ما يصعب تطبيق قوانين العمل أو الصحة عندما لا يتضح من يدير المطبخ، فضلاً عن أنَّ نموذج العمل الفريد من نوعه يخالف بعض قواعد الترخيص في المدن.

بالطبع؛ قدّمت المطابخ الشبحية بعض المنافع، وملأت فراغاً في قطاع المطاعم. فعادة ما تعمل في مناطق بيع التجزئة غير المرغوب فيها، وتساعد على استمرار عمل المطاعم. لكن مع خروجنا من الجائحة؛ أصبحت مكانتها هشة في ظل التعافي.

ذكّرتنا الجائحة بكثير من الأساسيات، مثل كيفية غسل أيدينا (اغسلها بالصابون لمدة 15 ثانية أو للفترة التي يستغرقها غناء أغنية "عيد ميلاد سعيد")، وأنَّ البشر مخلوقات اجتماعية.

ختاماً؛ فإنَّ السهولة والسرعة التي يجري بها توصيل شطيرة برغر لذيذة إلى منزلك، ليست دوماً أثمن من قضاء ليلة مع الأصدقاء أو العائلة في مقهى رياضي.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك