يستهدف مصدرو الغاز الطبيعي المسال تنفيذ مشروعات بمليارات الدولارات وإحياء نمو القطاع في أستراليا، مؤكدين أن تحول الطاقة في آسيا يتطلب إمدادات أكثر من الوقود الأحفوري.
تدرس شركات، بينها “بي بي" (BP Plc) و"وودسايد إنرجي غروب" (Woodside Energy Group)، مشروعات تطوير رئيسية من شأنها زيادة استثمارات القطاع البالغة 300 مليار دولار أسترالي (200 مليار دولار) خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، وهو برنامج حوّل الدولة إلى أكبر مصدِّر للوقود في العالم.
الغاز الطبيعي المسال المخزن على متن السفن يسجل مستويات قياسية
تأتي المداولات حول المشروعات الجديدة في وقت يُتوقع أن تتراجع أرباح التصدير السنوية لأستراليا من الغاز الطبيعي المسال على خلفية التنبؤات باستقرار مستوى الإنتاج، وهذا بعد أن وصلت لذروتها عند 91 مليار دولار أسترالي بفضل أزمة الطاقة العام الماضي، متجاوزة الولايات المتحدة لتحتل مركز أكبر مُصدِّر في القطاع، مع توقعات بتراجعها خلف قطر.
توقع سامانثا ماكيلوتش، الرئيس التنفيذي لرابطة إنتاج واستكشاف النفط الأسترالية، في مقابلة أن يلعب الغاز دوراً حاسماً في عملية انتقال الطاقة.
تعقد المجموعة التي تمثل القطاع مؤتمراً سنوياً حالياً يمتد حتى يوم الخميس، ومن المقرر أن يتحدث به مديرون تنفيذيون من "إكسون موبيل"، و"شيفرون"، و"شل".
حجة قوية لمواصلة استخدام الغاز
قالت ميغ أونيل، الرئيس التنفيذي لـ"وودسايد" اليوم الثلاثاء: "قطاع النفط والغاز ليس مجرد موصل على طريق الوصول لصافي انبعاثات صفرية"، مطالبة باستمرار الدعم السياسي للمشروعات الجديدة.
أضافت: "عند استخدامه في توليد الكهرباء، ينبعث من الغاز الطبيعي نحو نصف انبعاثات دورة حياة الفحم، وهذه حجة قوية إلى حد كبير لاستخدام المزيد من الغاز".
تضاعفت أرباح الشركة ثلاث مرات إلى مستوى قياسي في 2022، كما أنها تمضي قدماً في تنفيذ مشروع سكاربورو بقيمة 12 مليار دولار، وتدرس خططاً لتطوير حقل "براوز"، وهو واحد من أكبر حقول الغاز الطبيعي غير المستغلة في أستراليا، مع شركاء بينهم "بتروتشاينا" (PetroChina).
الشهر الماضي، وافقت "بي بي" على شراء حصة "شل" في حقل "براوز"، مشيرة إلى قدرته على تعزيز أمن الطاقة في المنطقة. سيتطلب استكمال المشروع، بجانب توسعة المشروع المرتبط به "نورث ويست شيلف" (North West Shelf)، إنفاقاً رأسمالياً يناهز 36 مليار دولار أسترالي حتى ستينيات القرن الجاري، وفق "وودسايد".
"شل" تبيع حصتها في مشروع غاز بأستراليا لـ"بريتش بتروليوم"
قالت أونيل في اجتماع في سيدني أوائل الشهر الجاري: "عملاؤنا في اليابان يقولون إنهم بحاجة للغاز لذا فإن المشروع سيكون مربحاً لكن يتعين علينا القيام بالكثير من العمل".
السوق تتحول من الاكتفاء لفجوة في الإمدادات
قلبت الحرب في أوكرانيا سوق الغاز الطبيعي رأساً على عقب، ما أجبر العملاء الأوروبيين على التحول للغاز الطبيعي المسال ليحل محل صادرات الوقود عبر خطوط الأنابيب من روسيا وبذلك زادوا المنافسة على المشترين في آسيا.
وقّع مشترو الغاز الطبيعي المسال نحو 70 عقداً مع مشروعات أميركية منذ بداية 2021، ومن بين المستهلكين تأتي ألمانيا والصين واليابان، كما وقعوا 12 عقداً آخر مع قطر، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ إن إي إف".
يُتوقع أن ترتفع صادرات الغاز الطبيعي الأميركية 75% حتى 2026 بينما تستهدف قطر زيادة الأحجام 60% بحلول 2027.
تراجع مشتريات الغاز في أوروبا انتظاراً لهبوطٍ أكبر في الأسعار
أظهرت البيانات أن أستراليا وقّعت 6 عقود مشابهة لكنها لم تخطط حالياً سوى لزيادات هامشية في قدرة تصدير الغاز الطبيعي المسال.
قال سول كافونيتش، محلل طاقة لدى "كريدي سويس" ومقيم في سيدني: "قبل كل ذلك بدت السوق مكتفية إلى حد كبير، لكن تغير ذلك الآن، فهناك فجوة كبيرة خلال بقية العقد وينبغي ملؤها".
تحديات تضعف تنافسية المشروعات الأسترالية
تواجه المشروعات في أستراليا تحديات تضعف تنافسيتها مع الولايات المتحدة وقطر واستفادتها من هذه التوقعات، منها تكاليف الشحن التي تعني أن شحنات البلاد نادراً ما تُرسل لخارج آسيا، علاوة على ذلك تسبب تبني الحكومة الأسترالية لزيادة الضرائب على المشروعات وتشديد القواعد التي تقيد صادرات الغاز الطبيعي المسال في إثارة مخاوف بعض المشترين الأجانب.
يُتوقع أن ينخفض الطلب في اليابان وكوريا الجنوبية، وهما من أكبر عملاء أستراليا، خلال العقد المقبل حيث تضيف الدولتان مزيداً من مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية. كما توجد شكوك أيضاً حول توقعات زيادة استهلاك الغاز عبر جنوب شرق آسيا حيث تسعى بعض الدول إلى التحول أسرع إلى توليد الكهرباء من طاقتي الشمس والرياح.
"المتجددة" تتفوق على الطاقة النووية والغاز المسال في معدلات النمو
علاوة على ذلك، ستواجه المشروعات المستقبلية تدقيقاً مناخياً أقوى من بعض مشرعي المعارضة، مثل حزب الخضر الأسترالي، الذين يطالبون بحظر تطوير أي بنية تحتية جديدة للوقود الأحفوري.
يُتوقع أن تنبعث عن حقل "براوز" وحده 70 مليون طن على الأقل من ثاني أكسيد الكربون خلال 30 عاماً من التشغيل، وهو قدر أعلى من مشروعات الغاز الطبيعي المسال الأخرى.