سجلت الأسهم الأميركية أداءً مختلطاً في تعاملات الخميس، وسط صعود سندات الخزانة بعد صدور بيانات تشير إلى تباطؤ سوق العمل، وتجدد المخاوف المتعلقة بسلامة البنوك الإقليمية التي دفعت المستثمرين إلى البحث عن الملاذات الآمنة.
هبط مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 0.2% يوم الخميس بعد بيانات الوظائف وأرقام التضخم، بينما أضاف مؤشر "ناسداك 100" 0.3% إلى قيمته.
عززت شركة "ألفابت" أداء المؤشر، الذي يعطي وزناً نسبياً أعلى لأسهم التكنولوجيا، بعد أن استعرضت مالكة محرك "غوغل" أدواتها لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
قفزت أسهم "نيوز كورب" (News Corp) بنسبة 4.7% في تعاملات بعد الإغلاق بعد أن تجاوزت نتائج أعمالها عن الربع الثالث من العام المالي تقديرات المحللين.
بيّنت الأرقام أنَّ طلبات إعانة البطالة الأولية في الولايات المتحدة وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ أكتوبر 2021، بينما ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.2% في شهر أبريل، بما يقل عن تقديرات الاقتصاديين التي بلغت 0.3%.
تشير هذه التقارير إلى أنَّ حملة التقشف النقدي التي ينتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما بدأت تؤثر أخيراً على مستوى التضخم، بينما يسير البنك المركزي على حبل مشدود بين محاولة السيطرة على زيادة الأسعار من جانب وتجنّب سقوط الاقتصاد في هاوية الركود من الجانب الآخر.
قال دون ريسميلر، كبير الاقتصاديين في شركة "ستراتيجاس" (Strategas): "قد بلغ التضخم ذروته ويتجه نحو الهبوط، بينما تضعف معدلات نمو الاقتصاد". وأضاف أنَّ هذه البيانات تدعم توقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع الفائدة مؤقتاً، برغم وجود مخاطر أخرى.
كتب ريسميلر: "برغم أنَّ الولايات المتحدة لا تبدو في ركود اقتصادي في الوقت الراهن؛ فإنَّ هناك بعض الشروخ التي بدأت تظهر مع استمرار الضغوط العالمية".
قوة الملاذات الآمنة
أصول الملاذ الآمن سجلت أداءً أقوى، مع ارتفاع الدولار وانخفاض عوائد سندات الخزانة. وانخفض عائد سندات الخزانة لأجل عامين، الذي يتسم بحساسية خاصة للسياسة النقدية، إلى 3.9%، في حين واصلت أسعار السندات لأجل 30 عاماً ارتفاعها بعد مزاد أقوى من المتوقَّع.
يراهن متداولو عقود المقايضة على تخفيض أسعار الفائدة أكثر من 75 نقطة أساس في عام 2023 بعد التقارير الاقتصادية التي صدرت هذا الأسبوع وتضمنت قراءة أفضل قليلاً من المتوقَّع لأسعار المستهلك يوم الأربعاء.
قالت كارا مورفي، رئيسة شؤون الاستثمار في شركة "كسترا إنفستمنت مانجمنت" (Kestra Investment Management)، في مقابلة: "بيانات اليوم تشير إلى خطوة في الاتجاه الصحيح من منظور بنك الاحتياطي الفيدرالي. غير أنَّ هذه الأرقام تتقلب كثيراً من أسبوع لآخر، ونحن نخرج من أرقام مرتفعة بصورة استثنائية. وهناك تغيّرات كثيرة يجب أن تحدث".
أضافت أنَّ المؤشرات الاقتصادية "تتحرك في الاتجاه الصحيح، لكن لا شيء من ذلك يكفي لأن نقول إنَّ مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي قد انتهت".
مخاوف الأزمة المصرفية
بدت المعنويات هشة مع استمرار قلق المستثمرين بشأن سقف الديون الأميركية واستقرار القطاع المصرفي. وقد تأجل اجتماع يوم الجمعة بين الرئيس جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي مع استمرار مفاوضات الموظفين.
في سوق الخيارات، تشهد عقود التحوط ضد التقلبات أكبر طلب في خمس سنوات.
وانخفض سهم "باك ويست بانكورب" بنسبة 23%، وكان أسوأ البنوك الإقليمية أداءً بعد هبوط الودائع 9.5% الأسبوع الماضي. وقال البنك في إفصاح يوم الخميس: "إنَّ عناوين الأخبار في الصحف أشعلت مخاوف عملائنا حول سلامة ودائعهم".
سجلت البنوك الكبرى أداءً ضعيفاً هي الأخرى، بعد أن قالت "المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع" إنَّ هذه البنوك ستدفع مليارات الدولارات من الرسوم الإضافية بهدف إعادة تمويل صندوق التأمين التابع للمؤسسة.
قال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان تشيز" في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "نحن بحاجة إلى إنهاء الأزمة المصرفية"، مضيفاً أنَّ الجهات التنظيمية يجب أن تفعل "كل ما يتعين عليها القيام به لتحسين الأوضاع". وتوقَّع ديمون فرض قواعد إضافية جديدة لتنظيم القطاع المصرفي.
على صعيد آخر؛ انخفضت أسعار المعادن الصناعية على خلفية البيانات الاقتصادية التي تشير إلى ضعف نشاط الاقتصاد في الصين. وتراجعت أسعار النحاس إلى أدنى مستوى لها منذ يناير.
رفع "بنك إنجلترا" سعر الإقراض المعياري إلى أعلى مستوى منذ عام 2008، وقال إنَّه قد يحتاج إلى زيادة الفائدة مرات أخرى إذا استمرت الضغوط التضخمية.