حماس وول ستريت إزاء احتمال أن يقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي وقفة قصيرة في حملته العنيفة للتقشف النقدي لم يكن كافياً للحفاظ على صعود الأسهم، إذ استبعد جيروم باول فكرة خفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي.
لم تقتنع سوق السندات بذلك. فاستمرت عقود المقايضة في الإشارة إلى تيسير كبير في السياسة النقدية قبل نهاية عام 2023. وهبطت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين بما يصل إلى 16 نقطة أساس إلى حوالي 3.8%، في حين شهد الدولار انخفاضاً متوالياً.
قال جيسون برايد، رئيس استراتيجية الاستثمار والأبحاث في شركة "غلينميد" (Glenmede): "هناك احتمال لوقفة مؤقتة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، لكن لا تحول في سياسته حتى الآن. بث البنك المركزي رسالة تلغرافية مؤداها أنه ربما يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى أو لا يفعل، غير أن تخفيضها لا يبدو مطروحاً على الطاولة حتى الآن".
بعد تقلب الجلسات المرتبطة بالاحتياطي الفيدرالي المعتادة للأمام وإلى الخلف، خسر مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" صعوداً اقترب من 1%. وفي نهاية الجلسة، تقلبت حركة صندوق مؤشرات متداول في البورصة قيمته 370 مليار دولار يتتبع مؤشر الأسهم الأميركية (SPY)، حيث عادت إلى السطح مخاوف عدم استقرار النظام المالي بعد أن نشرت "بلومبرغ نيوز" أن مصرف "باك ويست بانكورب" (PacWest Bancorp) يدرس مجموعة من الخيارات الاستراتيجية، بما في ذلك خيار البيع.
يمهد ذلك الطريق أمام مزيد من التقلبات يوم الخميس. وقال باول إن أوضاع البنوك "تحسنت على نطاق واسع" منذ أوائل مارس، لكنه أضاف: يبدو أن الضغوط في القطاع "تؤدي إلى تشديد شروط الائتمان على الأسر والشركات"، بعد تشديد الائتمان خلال العام الماضي.
باول: الطريق لا يزال طويلاً أمام جهود خفض التضخم
رفع أسعار الفائدة
رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة أخرى يوم الأربعاء إلى نطاق مستهدف من 5% إلى 5.25% ، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007. وجاء التصويت بالإجماع، وحذفت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سطراً من بيانها السابق في مارس قالت فيه إنها "تتصور أن بعض التشديد الإضافي في السياسة النقدية قد يكون ملائماً".
كما كان متوقعاً.. رفع الفائدة الأميركية ربع نقطة مئوية إلى أعلى مستوى منذ 2007
حتى توقعات باول بنمو متواضع للاقتصاد، بدلاً من الركود، لم تستطع تشجيع مشتري الأسهم لفترة طويلة يوم الأربعاء.
يعود ذلك إلى توقع المتعاملين أن يشير بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى وقفة مؤقتة بعد رفع أسعار الفائدة في مايو. ثم هناك حقيقة أنه حتى لو حدث ذلك مبكراً في يونيو القادم، فإن تكاليف الاقتراض ستظل مرتفعة - مما يحد من الائتمان في مجالات حيوية للاقتصاد الأميركي. وذلك بالإضافة إلى المشكلة الجوهرية – وهي التضخم.
يظهر التاريخ أن شراء الأسهم في نهاية دورة رفع لأسعار الفائدة قد أثبت أنه استراتيجية رابحة في بيئات منخفضة التضخم نسبياً، مثلما حدث في تسعينيات القرن العشرين. ولكن في أعقاب الضغوط التضخمية في سبعينيات القرن العشرين وما بعدها، انخفضت الأسهم في الأشهر الثلاثة بعد كل رفع للفائدة، وفقاً لحسابات "بنك أوف أميركا".
تعقيبات إضافية
كالي كوكس من شركة "إي تورو" (eToro):
"يلمح بنك الاحتياطي الفيدرالي بأننا نقترب من نهاية دورة رفع سعر الفائدة، على الرغم من أنه يريد الحفاظ على مساحة للمناورة في حالة توقف التضخم عن التباطؤ. وهو أمر معقول. أما النبأ السعيد فهو أنه إذا كانت هذه هي الزيادة الأخيرة لأسعار الفائدة، يكون مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" قد ارتفع عاماً بعد ست من آخر تسع جولات لرفع أسعار الفائدة. غير أنه في المرات الثلاث التي لم ترتفع فيها الأسهم بعد زيادة الفائدة، فإن ذلك كان بسبب ركود الاقتصاد أو أزمة في السوق. إن التاريخ لا يخبرنا بالكثير، بخلاف أن بنك الاحتياطي الفيدرالي من الأفضل ألا يفسد الأمور".
ديفيد راسل من شركة "تريدستيشن" (TradeStation):
"اتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي خطوة أخرى إلى الوراء من موقفه المتشدد للغاية بقوله إنه بحاجة إلى تحديد السياسة المستقبلية. إن مسؤولي البنك المركزي يقومون بالإعداد لاحتمال تحول السياسة النقدية من خلال تحديد سلسلة من الأسباب للتوقف المؤقت. وبالنظر إلى التطورات في القطاع المصرفي وتباطؤ التضخم، هناك فرصة أكبر لأن تكون هذه هي الزيادة الأخيرة لأسعار الفائدة".
رونالد تمبل من شركة "لازارد" (Lazard):
"لا مفاجآت هنا. حققت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة توازناً مناسباً بين ترويض التضخم مع تجنب تفاقم الضغوط في النظام المصرفي. وبافتراض انحسار مشاكل القطاع المصرفي، فقد تنشأ ضرورة لزيادة إضافية في أسعار الفائدة، ولكن حان الوقت للتوقف للسماح للآثار الكاملة للتقشف النقدي أن تمتد وتنتشر عبر الاقتصاد".