تراجع تخصيص المستثمرين للأموال لاستثمارها في الأسهم مقارنةً بالسندات، إلى أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية، في الوقت الذي تترسخ فيه المخاوف من حدوث ركود اقتصادي، وفقاً لمسح شمل مديري الصناديق العالمية أجراه "بنك أوف أميركا".
في أكثر المسوح تشاؤماً هذا العام، وهو الأول منذ أن أثارت أزمة القطاع المصرفي اضطرابات في الأسواق الشهر الماضي، أشار المستثمرون إلى أن مخاوف حدوث أزمة ائتمانية، رفعت الوزن النسبي للأموال المخصصة للسندات بصافي 10%، وهي أعلى نسبة منذ مارس 2009. ويتوقع الآن 63% من المشاركين في المسح أن يتراجع أداء الاقتصاد، ما يمثل أكثر القراءات تشاؤماً منذ ديسمبر 2022.
كتب مايكل هارتنت، في المذكرة التي نُشرت يوم الثلاثاء، أن هذا التحول في المعنويات إلى التشاؤم بمثابة إشارة معاكسة للأصول ذات المخاطر. وقال إنه إذا لم تُلبَّ "شهية الإجماع على الركود" في الربع الثاني، ستكون النتيجة المؤلمة موجة صاعدة في عوائد السندات وأسهم البنوك. وكان هارتنت مصيباً في تشاؤمه خلال العام الماضي، عندما حذّر من أن مخاوف النمو قد تؤجج التخارج من الأسهم.
توقعات حذرة بشأن النظرة المستقبلية
تعافت الأسهم الأميركية من مستويات الشهر الماضي المنخفضة، التي حفزها انهيار بعض البنوك المحلية الأميركية بما فيها مصرف "سيليكون فالي بنك"، لتصل مكاسب مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" منذ بداية العام إلى نحو 8.5%.
رغم ذلك، لا يزال بعض المحللين الاستراتيجيين، بمن فيهم ماركو كولانوفيتش الذي يعمل في "جيه بي مورغان"، حذرين بشأن الآفاق المستقبلية لأسهم شركات التكنولوجيا التي شهدت إقبالاً شديداً وساهمت في دفع مكاسب هذا العام.
لكن وتيرة الارتفاع هدأت هذا الشهر، إذ تُظهر البيانات تراخياً في سوق العمل، ما يثير المخاوف من احتمال انكماش الاقتصاد في وقت لاحق من العام الجاري.
أبدى هارتنت، الذي يعمل في "بنك أوف أميركا"، تشاؤمه تجاه أسهم شركات التكنولوجيا أيضاً، إذ فضّل اختيار الأسهم العالمية الأرخص ثمناً، كأسهم البنوك، عوضاً عنها. كما أوصى هارتنت ببيع أسهم مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في نطاق 4,100 إلى 4,200 نقطة، وهو نطاق تداول المؤشر المعياري يوم الثلاثاء.
صفقات مزدحمة
كتب هارتنت، الثلاثاء، في المسح الذي شمل مديري الصناديق العالمية، أن الصفقات "الأكثر ازدحاماً" في أبريل (حسبما رأى مديرو الصناديق)، كانت شراء أسهم شركات التكنولوجيا (30%)، وبيع أسهم البنوك الأميركية (18%)، وشراء الأسهم الصينية (13%)، وبيع أسهم صناديق الاستثمار العقاري (12%)، وشراء الأسهم الأوروبية (11%)، وشراء الدولار الأميركي (5%).
إضافة إلى ذلك، فإن الفئة التي كان مديرو الصناديق أكثر إقبالاً على الاستثمار فيها دون غيرها، هي الأسهم الدفاعية مقارنةً بالأسهم المرتبطة بالدورات الاقتصادية، منذ وصول الأسهم الأميركية إلى أدنى مستوياتها في أكتوبر الماضي.
قال هارتنت إن أزمة ائتمانية وركوداً على المستوى العالمي، يُعتبران أكبر مخاطر طرف المنحنى للأسواق، يليهما التضخم المرتفع الذي يدفع البنوك المركزية إلى الإبقاء على سياساتها النقدية المتشددة.
تشمل المخاطر أيضاً وقوع حدث ائتماني على مستوى السوق، وسوء الأوضاع الجيوسياسية، وفقاً للمسح، الذي أُجري بين 6 و13 أبريل، وشمل 249 مشاركاً تبلغ قيمة أصولهم المُدارة الإجمالية 641 مليار دولار.
تكهنات تخفيف السياسة النقدية
إضافة إلى ذلك، فإن 35% ممن شملهم المسح يتوقعون بدء الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في الربع الأول من 2024، فيما يتوقع 28% هذه الخطوة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023.
يتماشى ذلك مع سوق عقود المبادلة، التي تراهن على أن البنك المركزي الأميركي سينهي دورة التشديد في منتصف العام تقريباً ويخفض أسعار الفائدة بحلول نهاية العام.
الأسهم والسندات الأميركية عالقة في نطاق محدود مع استمرار ارتفاع التضخم
يتوقع ما يقرب من نصف مديري الصناديق، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الأخيرة بمقدار ربع نقطة في نهاية اجتماعه المقبل يومي 2 و3 مايو، قبل أن يتوقف صنّاع السياسات عن مزيد من رفع أسعار الفائدة، ما قد يصل بسعر الفائدة الحالي على الأرصدة الفيدرالية إلى نطاق 5% إلى 5.25%.
إليكم بعض أبرز البيانات المذكورة في المسح:
- يتوقع نحو 84% من المشاركين تراجعاً في تضخم أسعار المستهلكين على المستوى العالمي، فيما يتكهن 58% بأسعار فائدة أقل على المدى القصير، وهي أعلى نسبة منذ نوفمبر 2008.
- ظل تخصيص السيولة فوق 5% لـ17 شهراً متتالية، ولا يسبق ذلك سوى السوق النزولية لأسهم شركات التكنولوجيا التي استمرت على مدى 32 شهراً.
- يتوقع نحو 80% رفع سقف الدَّين الأميركي بحلول شهر سبتمبر المقبل.
- يتوقع 49% من المستثمرين تفوق أداء السندات من الدرجة الاستثمارية على السندات مرتفعة العائد على مدى الأشهر الـ12 المقبلة – وهي أعلى نسبة مسجلة.
- يُعد قطاع العقارات التجاري الأميركي والأوروبي أكثر المصادر ترجيحاً لـ"حدث ائتماني"، يليه نظام الظل المصرفي، وديون الشركات الأميركية، وخفض تصنيف سندات الخزانة الأميركية.