تباطأت حركة الأسهم الأميركية في الدقائق الأخيرة من يوم التداول بعد أن أظهرت الأرقام اعتدال مستوى التضخم، غير أن ذلك لم يكن كافياً على الأرجح حتي يمنع مجلس الاحتياطي الفيدرالي من رفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام.
أنهى مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" تعاملات الأربعاء منخفضاً بنسبة 0.4%، وتراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.9% مع اختفاء علامات الانتعاش في الصباح الباكر. وقد خسر المؤشر الذي يعطي وزناً نسبياً أعلى لأسهم التكنولوجيا في ست من الجلسات السبع الماضية.
تراجع عائد سندات الخزانة لأجل عامين، وهي التي تتسم بحساسية خاصة للسياسة النقدية، بما يصل إلى 15 نقطة أساس قبل تعويض جزء من هبوطه إلى مستوى 3.96%. وأظهرت أسواق عقود المقايضة أن الاحتمالات ماتزال في صالح رفع سعر الفائدة على الأرصدة الفيدرالية في مايو، بينما كثف المتعاملون رهانهم على أن البنك المركزي سيخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.
ارتفعت السوق في بداية تعاملات الأربعاء، بعد أن أظهرت الأرقام زيادة مؤشر أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة بنسبة 0.1% في مارس، أي أقل قليلا من توقعات الاقتصاديين عند 0.2%. وارتفع رقم مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي الذي يحظى بمراقبة وثيقة - ويستثني أسعار الغذاء والطاقة - بنسبة 0.4%، موافقاً متوسط تقديرات المحللين، وذلك في أعقاب زيادته في شهر فبراير الأسبق بنسبة 0.5%.
في حين ظلت حركة الأسهم عالقة في نطاق ضيق، فإن البيانات التي تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي قد تدفع هذه الأسهم إلى الانخفاض، وفقاً لإريك جونستون، رئيس مشتقات الأسهم والأصول في شركة "كانتور فيتزجيرالد" (Cantor Fitzgerald)، الذي قال إن الاقتصاد يتباطأ بالفعل، و"ستبدأ الأسهم في التأثر بذلك التباطؤ قريباً جدا".
وفي إشارة إلى مستشاري تداول السلع الأساسية الذين يقومون بمراهنات قائمة على القواعد في أسواق العقود الآجلة، أضاف جونستون: "لقد ساعد مستشارو تداول السلع (CTA) حركة الأسهم خلال الشهر الماضي عبر شرائهم للأسهم الأميركية وبسبب تدفقات السيولة العالمية، ونعتقد أن هذين العاملين على وشك التوقف أو التراجع".. سيقوم المستثمرون بتشريح تقرير مؤشر أسعار المنتجين يوم الخميس.
رسائل متضاربة
في نفس الوقت، قلص صناع السياسة النقدية توقعاتهم بشأن ذروة أسعار الفائدة في إطار سعيهم إلى الموازنة بين السيطرة على التضخم وضمان استقرار القطاع المصرفي، وفقاً لمحضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في مارس الذي صدر يوم الأربعاء. وتوقع مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يحدث "ركود خفيف" في وقت لاحق من هذا العام.
يبث المسؤولون رسائل متضاربة حول معركة تهدئة ارتفاع الأسعار. ففي وقت سابق، قالت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، قد لا نضطر إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة، بينما قال توماس باركين من بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند "مايزال أمامنا ما يجب عمله".
من المتوقع أن تعلن بعض أكبر البنوك في الولايات المتحدة عن أرباحها يوم الجمعة.
توقعت ليز يونغ، رئيسة استراتيجية الاستثمار في شركة "سوفي" (SoFi)، أن تتأرجح الأسواق اليوم، فلم تسجل بيانات مؤشر أسعار المستهلكين "مستوى يقل عن التوقعات بنسبة كبيرة". وتتوقع أن يوفر تقرير مؤشر أسعار المنتجين مزيداً من الوضوح.
قالت يونغ: "إن ما يغلق الثغرة في بيانات التضخم في الواقع هي أرقام مؤشر أسعار المنتجين. سجل مؤشر أسعار المستهلكين اعتدالاً في أدائه، وهو خبر جيد بالتأكيد، غير أنه إذا ظل مؤشر أسعار المنتجين ثابتاً أو ارتفع قليلاً عن التوقعات، فعند ذاك سوف نرى تأثيراً ضاراً على هوامش أرباح الشركات".
على صعيد آخر، انخفض الدولار مقابل سلة من عملات أقرانه في مجموعة الدول العشر، بينما تراجعت عملة بتكوين إلى ما دون 30 ألف دولار بعد أن سجلت أعلى مستوياتها منذ يونيو يوم الثلاثاء. وصعد النفط إلى أعلى مستوى هذا العام حيث تجاوزت العقود الآجلة للخام الأميركي 83 دولاراً للبرميل، واستأنف الذهب تقدمه.
تعليقات من وول ستريت:
لورين جودوين، استراتيجية إدارة المحافظ في شركة "نيويورك لايف انفستمنتس" (New York Life Investments):
"تؤكد أرقام التضخم عن شهر مارس أن عملية تخفيض مستوى ارتفاع الأسعار تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها تتحرك ببطء شديد. فما يزال مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي يتجاوز المستهدف بنسبة كبيرة . وينبغي أن يرى بنك الاحتياطي الفيدرالي تباطؤاً في أداء هذا المؤشر حتى يقتنع بأن السياسة النقدية قد بلغت من التقشف درجة كافية. ولأن ذلك لم يحدث اليوم، نتوقع أن نشهد زيادة أخرى في أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مايو قبل توقف البنك المركزي لفترة من الوقت ".
ألكسندرا ويلسون إليزوندو، الرئيسة المشاركة لإدارة المحافظ لحلول الأصول المتعددة في شركة "غولدمان ساكس أسيت مانجمنت" (Goldman Sachs Asset Management):
«من المرجح أن تستقبل السوق أرقام التضخم اليوم بالترحاب، لأن مؤشر أسعار المستهلكين العام جاء أقل قليلاً مقارنة مع التوقعات في حين جاء المؤشر الأساسي متماشياً معها. ارتفاع أرقام المؤشر الأساسي لا تتفق مع هدف الاحتياطي الفيدرالي طويل الأجل للتضخم الذي يبلغ 2%، ولذلك ستبقى زيادة أسعار الفائدة 25 نقطة أساس مطروحة على الطاولة لاجتماع البنك في مايو. ومع ذلك، فإن التقرير لم يعكس بعد معلومات ما بعد أزمة البنوك وما يترتب عليها من تشديد شروط الائتمان".
جيك جولي، رئيس تحليل الاستثمار في شركة "بي إن واي ميلون إنفستمنت مانجمنت" (BNY Mellon Investment Management):
"في النهاية، لا يمكنك حقاً تبرير هذه التحركات القوية في سوق الأسهم إلا إذا كنت تصدق أن احتمال هبوط الاقتصاد هبوطاً سلساً يزداد بنسبة كبيرة. إنه أمر جيد عندما تتماشى قراءة التضخم مع التوقعات، فهذا أفضل بكثير من ارتفاعه فجأة. لكن بالنسبة لي، ما يزال هذا التقرير يدل على زيادة كبيرة جداً في الضغوط التضخمية، لذلك فهو بالتأكيد لا يشير إلى أننا تجاوزنا مرحلة الخطر".