أصبح أنصار قطاع التشفير على وشك تلقي بعض الأنباء السارة، إذ من المتوقع صدور التحديث الكبير القادم لـتقنية "بلوكتشين" الخاصة بإيثريوم غداً الأربعاء، لكن مثلها مثل كل شيء تقريباً في عالم الأصول الرقمية هذه الأيام، فلن تخلو التعديلات المنتظرة منذ فترة طويلة من التعقيدات.
يأتي التطوير الجديد، المسمى بـ"شنغهاي"، بعد تطوير "الدمج" الصادر العام الماضي والذي غيّر قواعد اللعبة وحل محل أجهزة الكمبيوتر التي تستهلك الطاقة بكثافة من خلال عملية تشمل رموز "إيثريوم" مودعة أو مرهونة، وما يُسمى بمدققي طلب المعاملات على أنجح شبكات قطاع التشفير تجارياً.
يسمح تطوير "شنغهاي" الآن للمرة الأولى بعمليات السحب من جانب من يملكون عملة "إيثريوم" ممن أودعوا عملاتهم منذ ديسمبر 2020. ويحصل أصحاب العملات المشفرة الذين يودعون عملاتهم، على عائد مدفوع على هيئة رموز "إيثريوم" إضافية.
حجم عملات إيثريوم المودعة
توجد حالياً نحو 18 مليون عملة "إيثريوم" مودعة، بقيمة تبلغ قرابة 36 مليار دولار، وفقاً لـ"إيثرسكان" (Etherscan). ومن ذلك المبلغ، تشير تقديرات إلى إنه سيجري سحب 1.2 مليون عملة "إيثريوم" بقيمة 2.2 مليار دولار بالأسعار الحالية، في الأيام الخمسة التي تلي إصدار "شنغهاي، وفقاً لشركة الأبحاث "كوين متريكس" (Coin Metrics).
لماذا يترقب قطاع العملات المشفرة تطوير "شنغهاي" الخاص بـ"إيثريوم"؟
السؤال المهم هو ما إذا كان التحديث سيحفز تخارجاً أوسع نطاقاً من جانب أصحاب العملة المشفرة مع مرور الوقت، أو سيدفع موجة من الطلب الجديد عندما تُرفع القيود عن الرموز.
تضيف آفاق مستقبلية ضبابية من جانب القواعد التنظيمية مزيداً من عدم اليقين لمزيج المشكلات، إذ حذّرت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية خلال الأشهر الأخيرة من أن خدمات الإيداع التي تقدمها بعض منصات التداول تمثل بالأساس عملية بيع غير قانونية للأوراق المالية.
تأرجح السوق المحتمل
قال هنري إيلدر، رئيس قسم التمويل اللامركزي في "ويف ديجيتال أسيتس" (Wave Digital Assets): "ستتأرجح السوق أثناء محاولتها تحليل شكل الزيادة التي ستحدث في عمليات السحب. لا شك أننا سنرى العديد من عمليات السحب".
وأضاف "إيلدر" أن العديد من حاملي "إيثريوم" قد ينتقلون ببساطة من خدمة إيداع لأخرى، أو يتحولون من تشغيل معدات الإيداع الخاصة بهم إلى تعهيد هذه المهمة لخدمة إيداع بإمكانها تشغيل المعدات نيابة عنهم.
قد يتطلب الأمر أسابيع أو حتى أشهراً لسحب الرموز، وذلك لأن عمليات السحب ستكون محدودة للحفاظ على أمن "إيثريوم". واتسمت الاختبارات التي سبقت تطوير "شنغهاي" بسلاسة نسبية.
إصدار ترقية لـ"إيثريوم" في أبريل تسمح بعمليات السحب
قال تيم بيكو، الذي ينسق بين مطوري "إيثريوم"، في مقابلة: "أنا واثق للغاية في عمليات السحب. لا يوجد أمر واحد يقلق راحتي ليلاً".
عقبات أخرى
لكن إحدى العقبات تتمثل في أنه من غير المتوقع أن تبدأ مزودة خدمات الإيداع "ليدو" (Lido)، والتي تمثل نحو ثلث إجمالي عملات "إيثريوم" المودعة، في السماح بعمليات السحب قبل مايو.
وقد تشمل إحدى المشكلات المحتملة الأخرى بعض عُقد الحاسوب المتنوعة التي تدعم خدمات محافظ إيداع "إيثريوم".
بمجرد بدء عمليات السحب، سيحتاج مشغلو العُقد إلى استعادة المفاتيح اللازمة لرفع القيود عن ودائع المستخدمين. وقال "إيلدر" إنه إذا كانت الودائع في غير محلها أو لم يستطع المودعون تحديد مكانها لسبب ما، قد تجد خدمات الإيداع التي تنتمي إليها هذه العُقد نفسها تواجه الإعسار، وقد يضع ذلك ضغوطاً على الرموز المرتبطة بهذه الخدمات.
وأضاف: "لا أحد يعلم أن البنك يواجه الإعسار إلى أن يبدأ الناس بسحب أموالهم. وذلك يشبه قليلاً حدثاً غير متوقع في الأفق".
قال مايك سيلاغادز، الرئيس التنفيذي لـ"إيثر دوت فاي" (Ether.fi)، التي تسمح للمودعين بالتحكم في مفاتيحهم، إن هناك أيضاً خطر تعرض العُقد للاختراق أو التصرف على نحو خبيث، ومحاولة احتجاز أموال المستخدمين مقابل فدية.
مخاطر الإيداع لن تقلّ
أضاف "سيلاغادز": "أغلب الناس لديهم هذه الصورة غير الصحيحة أنه مع إطلاق (شنغهاي)، ستقل مخاطر الإيداع. سيحدث العكس تماماً في الواقع، إذ تنمو المخاطر باطراد عند هذه النقطة".
يشير مطورو "إيثريوم" إلى أنه كان هناك دوماً احتمال تعرض أحد مشغلي الخدمة أو العُقد للاختراق أو فقدان المفاتيح، و"شنغهاي" لا يرفع ذلك الخطر.
قال بن إدينغتون، مدير المنتج لـ"تيكو" (Teku) في "كونسنسيس" (ConsenSys)، الذي يعمل على البنية التحتية لـ"إيثريوم": "أحد التهديدات المحتملة موجود في حالة حصول طرف ثالث على مفاتيح السحب الخاصة بأحد المشغلين. على أي مشغل كبير الحجم أخذ أمن مفاتيحهم على محمل الجد، لذا سأتفاجأ للغاية إذا كانت هناك أي تسريبات واسعة النطاق".
استثمار أكثر جاذبية
بمجرد حل تلك المشكلات، قد تجعل خاصية السحب "إيثريوم" استثماراً أكثر جاذبية في نهاية المطاف، عبر شد انتباه المستثمرين الأفراد والمؤسسيين ممن يسعون للحصول على عائد. لكن الكثير سيعتمد أيضاً على وجهات نظر الجهات التنظيمية في العملات الرقمية وإيداعها.
قال دارين لانغلي، المدير العام لشركة تقديم خدمات الإيداع "روكيت بول" (Rocket Pool): "عنصر الخطر الذي يجري تحييده هو خطر التنفيذ. هناك الكثير من الخوف وعدم اليقين والشك و(مزاعم أن) إيثريوم لن تسمح أبداً بعمليات السحب. وذلك يضع حداً لهذه المسألة".