سجل التضخم في الولايات المتحدة مستوى ثابتاً إلى حد كبير في مارس، فيما يتوقع اقتصاديون زيادة شهرية في أسعار المستهلكين تعادل الزيادة المُسجّلة خلال نصف العام السابق، ما سيختبر قوة تحمّل "الاحتياطي الفيدرالي".
من المتوقع أن تُظهِر الأرقام الحكومية المقرر صدورها الأربعاء ارتفاعاً شهرياً بـ0.4% في مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، والذي يستثني الغذاء والطاقة، ويعكس بشكل أفضل نطاق التضخم الأساسي الذي تواجهه الأسر الأميركية.
في حين أن هذه الزيادة أقل من 0.5% المسجلة في الشهر السابق، إلا أنها ستُطابق متوسط فترة سبتمبر إلى فبراير، وتحافظ على ارتفاع الأرقام على أساس سنوي. ربما يساعد ذلك في إحداث فارق جوهري نحو رفع أسعار الفائدة مجدداً في اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في مايو المقبل، على الرغم من الضغط الذي يشهده النظام المصرفي وعلامات تباطؤ الاقتصاد.
في الوقت نفسه، قد يوفر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في 21-22 مارس، والذي يصدر أيضاً يوم الأربعاء، أدلة تشير للحاجة إلى المزيد من تشديد السياسة بالإضافة إلى التحليلات بشأن وضعية النظام المصرفي والإقراض.
أجندة مزدحمة
تزدحم أجندة خطابات "الاحتياطي الفيدرالي" في الأسبوع المقبل، وتتضمن كلمات يلقيها الرؤساء الإقليميون للبنك، وهم جون ويليامز وباتريك هاركر وأوستان جولسبي ونيل كاشكاري وتوماس باركين.
من المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي في الولايات المتحدة بـ5.6% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما سيشكّل تسارعاً من الزيادات السنوية في فبراير. يُتوقع ارتفاع مؤشر الأسعار الذي يشمل الغذاء والوقود، بنسبة 5.1%، وهي أقل زيادة فيما يقرب من عامين. ويتمثل هدف البنك المركزي في الوصول إلى نسبة 2%، بناءً على مقياس تضخم مختلف.
تراجع المؤشر العام لأسعار المستهلكين بالتزامن مع انخفاض أسعار الطاقة، وذلك بعد أن ارتفع إلى أعلى مستوى في أربعة عقود عند 9.1%. ومع ذلك، قد ترتفع هذه التكاليف مرة أخرى بعد إعلان "أوبك+" في 2 أبريل عن خفض مفاجئ في إنتاج النفط الخام. ربما ينتقل ارتفاع أسعار النفط الخام إلى البنزين ووقود الطائرات في الوقت الذي يبدأ فيه الأميركيون التخطيط لعطلتهم الصيفية.
من بين التقارير الاقتصادية الأميركية الأخرى، ستصدر الحكومة بيانات مبيعات التجزئة لشهر مارس. وتراجعت توقعات الاقتصاديين بشأن المبيعات للمرة الرابعة في الأشهر الخمسة الماضية، حيث أدى ارتفاع التضخم إلى تقييد مشتريات السلع وتخصيص المستهلكين المزيد من دخولهم التقديرية للخدمات.
[object Promise]في مكان آخر، سوف تخطف واشنطن الأضواء عندما يتوافد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية إلى هناك لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. سيتم نشر التوقعات الاقتصادية الجديدة لصندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء، بينما يبدأ اجتماع مجموعة العشرين لوزراء ومسؤولي الشؤون المالية في اليوم التالي.
بالتزامن مع ذلك، ربما تُبقي البنوك المركزية في كندا وكوريا الجنوبية وبيرو أسعار الفائدة دون تغيير في الأيام المقبلة.
كندا
من المُرجح أن يظل محافظ بنك كندا تيف ماكليم بعيداً عن الأضواء للمرة الثانية يوم الأربعاء، فقد أبقى سعر الفائدة الرئيسي لليلة واحدة عند أعلى مستوى لها في 15 عاماً مسجّلاً 4.5%، على الرغم من المؤشرات المحدودة على أن الاقتصاد يتجه نحو التباطؤ.
خالفت مستويات التوظيف التوقعات السابقة للشهر الرابع على التوالي في مارس، حيث تجاوزت زيادات الأجور مرة أخرى المستوى الذي يراه صانعو السياسة متسقاً مع إعادة التضخم إلى المستوى المستهدف. كما أن النمو الاقتصادي في الربع الأول يتخطى توقعات البنك المركزي.
سيبحث المتداولون عن أي تحول في التصريحات بشأن الرغبة في الزيادة مرة أخرى إذا لزم الأمر، نظراً لمخاوف الاستقرار المالي التي من المحتمل أن تكون قد غيّرت ميزان المخاطر. وترى أسواق المقايضات أن الخطوة التالية المحتملة لبنك كندا هي خفض الفائدة في وقت لاحق من العام الجاري.
سيصدر قرار "ماكليم" بالتزامن مع مجموعة جديدة من التوقعات التي من المحتمل أن تؤجّل توقيت التوقف المتوقع، مع استمرار انخفاض التضخم إلى 2% في وقت ما من العام المقبل. بعد إلقاء المحافظ كلمته سيجيب على أسئلة من الصحفيين.
آسيا
بدأ محافظ بنك اليابان الجديد، كازو أويدا، فترة ولايته، حيث آلت إليه تركة عقد من سياسة التحفيز الهائلة التي كان قد اتبعها هاروهيكو كورودا. ومن المتوقع أن يتوجه إلى اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي مع وزير المالية شونيتشي سوزوكي، للمشاركة في أول مؤتمر دولي رفيع المستوى له كرئيس للبنك المركزي.
يوم الثلاثاء المقبل، يعقد بنك كوريا اجتماعاً للإعلان عن أحدث قراراته المتعلقة بالسياسة النقدية. ووسط مخاوف بشأن النمو الاقتصادي والتضخم، قد يُبقي البنك المركزي الكوري سعر الفائدة القياسي ثابتاً دون تغيير مرة أخرى، بعد أن أبقى عليها دون تغيير في فبراير للمرة الأولى منذ أكثر من عام.
من المُرجّح أن تُظهِر بيانات التضخم بالصين يوم الثلاثاء ضغوطاً ضعيفة على الأسعار مع انتعاش النمو ببطء، بينما يُتوقع أن تُظهِر أرقام التجارة يوم الخميس استمرار انكماش الصادرات وسط تراجع الطلب العالمي.
ستتم متابعة بيانات الوظائف الأسترالية عن كثب يوم الخميس، بعد أن أوقف محافظ البنك المركزي فيليب لوي حملة التشديد التي اتبعها على مدار عام.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
وسط أسبوع مقتضب بسبب الاحتفال بعيد الفصح يوم الاثنين في معظم أنحاء المنطقة، من المرجّح أن يكون التركيز على واشنطن. فمن المقرر أن يلقي العديد من محافظي البنوك المركزية خطابات في كلٍ من إسبانيا وفرنسا وألمانيا، بالإضافة إلى رئيس بنك إنجلترا أندرو بيلي.
ستكون البيانات مختصرة بالتزامن مع ذلك. بالنسبة إلى منطقة اليورو، قد يكون أبرز الأحداث هو بيانات الإنتاج الصناعي المقرر صدورها يوم الأربعاء، والتي قد تعطي مؤشراً على قوة النمو خلال الربع الثاني. ومن المتوقع أيضاً صدور التقديرات النهائية للتضخم في الاقتصادات الكبرى.
في غضون ذلك، ستعلن المملكة المتحدة عن الناتج المحلي الإجمالي الشهري عن شهر فبراير، مما سيعطي مؤشراً آخر على ما إذا كان يتم تجنب الركود.
بالتحول إلى شمال الكرة الأرضية، ستصدر بيانات التضخم في جميع أنحاء الدول الإسكندنافية. قد تحظى البيانات الصادرة من السويد يوم الخميس بتركيز خاص، مع توقع انخفاض سعر الفائدة الرئيسي، ومع ذلك قد لا يكون ذلك كافياً لتحديد المزيد من الزيادات في تكاليف الاقتراض من قبل "ريكس بانك" (Riksbank).
جنوباً، من المرجح أن تظهر بيانات التضخم في مصر والمقرر صدورها يوم الإثنين تسارعاً آخر، ولكن من المحتمل أن يكون بوتيرة أبطأ بعد تدخل الدولة في إمدادات الغذاء وخفض الأسعار.
قد تظهر بيانات التضخم عن شهر مارس في غانا، المقرر صدورها يوم الأربعاء، انخفاضاً إلى أقل من 50% للمرة الأولى في خمسة أشهر على خلفية استقرار العملة والتأثيرات الأساسية.
من المحتمل أن تظهر بيانات أسعار عن مارس في نيجيريا يوم الجمعة تراجعاً، بسبب النقص النقدي الذي يؤثر على القدرة على الإنفاق من قبل الشركات والمستهلكين على حد سواء.
أميركا اللاتينية
إذا كان الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا غاضباً من البنك المركزي بسبب أسعار الفائدة المرتفعة عندما اقترب التضخم من مستوى 6%، فماذا سيحدث عندما يتراجع إلى النطاق المستهدف 1.75% إلى 4.75%، وفق توقعات بعض الاقتصاديين مع صدور بيانات مارس؟
يتعذر التنبؤ بذلك، لكن "لولا" ركّز على إطلاق العنان لاقتصاد خامل للدولة العملاقة في أميركا اللاتينية، وبالتالي قد يكون أقل حرصاً على معرفة كيف تؤدي التأثيرات الأساسية إلى نوبة قصيرة، وواضحة من التضخم الذي يُعد رهاناً جيداً عندما يصل إلى 6% بنهاية العام.
قد لا يكون محضر اجتماع "بانكسيكو" (Banxico) في مارس أكثر تأكيداً على الموقف المستند إلى البيانات الذي اعتمده صانعو السياسة في بيانهم بعد القرار، والذي صدر بعد زيادة بربع نقطة إلى 11.25%.
من المُرجّح أن يُبقي البنك المركزي في بيرو يوم الخميس على سعر الفائدة الرئيسي عند 7.75% للشهر الثالث. كان خوليو فيلاردي، رئيس البنك المركزي الأطول بقاءً في هذا المنصب على مستوى أميركا اللاتينية، قد صرّح في مارس الماضي بأن التضخم في الدولة الواقعة في جبال الأنديز قد يتراجع إلى أعلى النطاق المستهدف بنسبة 1% إلى 3% بحلول نهاية العام.
في ختام الأسبوع، من المتوقع على نطاق واسع أن يكون التضخم الأرجنتيني قد تسارع للشهر الرابع عشر من قراءة فبراير البالغة 102.5%، مما أدى إلى التخلص من ضوابط العملة، وتعدد أسعار الصرف وتجميد الأسعار لآلاف السلع.
يشير متوسط تقديرات 17 محللاً شملهم استطلاع "بلومبرغ" إلى بلوغ المعدل 100% بنهاية العام، وهو الرقم السادس عشر المكون من ثلاثة أرقام منذ عام 1974.