ساعدت التكهنات بأن شركة "شل" ستحوِّل ما قيمته أكثر من مليار دولار من الأرباح المحققة بالروبل، الناجمة عن بيع مشروع في الشرق الأقصى وإعادته إلى موطنها الأصلي، على دفع العملة الروسية إلى أضعف مستوى لها خلال عام.
الصفقة المحتملة، التي تعادل ما لا يقل عن خُمس حجم تداول الروبل يومياً قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، ساهمت في دفع العملة إلى ما دون المستوى النفسي المهم البالغ 80 روبلاً لكل دولار اليوم الخميس، للمرة الأولى منذ أبريل 2022.
تدفع العقوبات الدولية السوق الروسية إلى حالة ركود، وفصلها عن النظام المالي العالمي، ومواجهة شح السيولة. في مواجهة العقوبات، منع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشركات الأجنبية من بيع أصولها في روسيا دون موافقة لجنة حكومية خاصة.
قال دميتري بوليفوي المحلل لدى شركة "لوكو إنفست" (Locko-Invest) في موسكو: "تتسم عملية الموافقة على بيع الأجانب للأصول بالغموض.. مع انخفاض السيولة في سوق العملات، يؤدي ذلك إلى زيادة تقلب الروبل".
على مدار عام، انخفضت أحجام التداول الشهرية في زوج الروبل/الدولار إلى نحو ربع مستوياتها ما قبل نشوب الحرب.
في الوقت ذاته، تضاعف تداول اليوان الصيني أربع مرات تقريباً، إذ تجنبت الشركات العملات "السامة" لصالح عملات الدول التي تعتبر "صديقة".
ذكرت صحيفة "كوميرسانت" الأسبوع الجاري أن "شل تلقت" موافقة رئاسية بإرسال ما قيمته 94.8 مليار روبل (1.2 مليار دولار) إلى الخارج من بيع حصتها في مشروع "سخالين-2" إلى شركة "نوفاتيك" الروسية.
امتنع ممثلو شركة "شل" والمتحدث باسم بوتين، دميتري بيسكوف، عن التعليق على التقرير.
وصل إجمالي مبيعات أصول الشركات الأجنبية التي انسحبت من روسيا إلى ما بين 15 مليار دولار و20 مليار دولار في العام الماضي، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس".
منذ بداية 2023، تضمنت الصفقات بيع مجموعة فنادق "ويناس روسيا" (Wenaas Russia) النرويجية لشركة "سيستيما" (Sistema) مقابل 200 مليون يورو (218 مليون دولار) وبيع 11 مصنعاً تابعة لشركة "هينكل إيه جي آند كو"، والعمليات الروسية لشركة "نوكيان تايرز" (Nokian Tyres).
تقلبات روبل
فرضت روسيا قيوداً على العملة بعد غزوها أوكرانيا خلال فبراير 2022، في محاولة لمنع هروب رؤوس الأموال السريع ووقف انهيار الروبل.
بعد أن تراجعت في البداية إلى نحو 120 روبلاً أمام الدولار، انتعشت العملة الروسية بسرعة مع بقاء عائدات الطاقة قوية وتقلص الواردات، وهو ارتفاع قوّض تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن بأن العقوبات حولت الروبل إلى "حطام".
انخفض طلب المصدرين على الروبل في الوقت الراهن، إذ قلصت العقوبات الدولية أرباح روسيا الناجمة عن مبيعات النفط والغاز.
في غضون ذلك، تشهد الواردات انتعاشاً، كما أدى تخفيف بعض القيود على حركة رأس المال إلى تغذية الطلب على الدولار، الذي يصعب الحصول عليه بشكل متزايد.
منذ أن سجل أعلى مستوى له بالقرب من 50 روبلاً مقابل الدولار في يونيو 2022، انخفض الروبل 40% تقريباً إلى 80.29 روبل مقابل الدولار في الساعة 11:26 صباحاً في موسكو اليوم الخميس.
بلغت خسارة الروبل في الجلسات الخمس الماضية 3.7%، ليكون بذاك الأسوأ أداء بين عملات الأسواق الناشئة.
حظر الفرع الروسي لـ"رايفايزن بنك إنترناشيونال" (Raiffeisen Bank International AG)، وهو إحدى القنوات الرئيسية المتبقية للمدفوعات الدولية في البلاد، التحويلات بالدولار من غالبية حسابات العملاء الأفراد الأسبوع الماضي. وأبقى الخيار متاحاً فقط للعملاء المتميزين، ورفع الحد الأدنى لمبلغ التحويل إلى 20 ألف دولار.
قال ديمتري سكريابين، مدير محفظة لدى "ألفا كابيتال" (Alfa Capital AM)، إن تقلبات السوق سابقاً "تراجعت بفضل عدد كبير من المؤسسات الاستثمارية، بينها مؤسسات غير مقيمة.. لكن الحال لم تعُد كذلك".