ارتفعت أسعار السكر الذي يُستهلك في كافة المنتجات الغذائية بدءاً من الشوكولاتة وصولاً إلى المشروبات الغازية والمخبوزات، أكثر من أي وقت مضى، ما يزيد من تكاليف الصناعة والضغوط التضخمية على أسعار الغذاء العالمي.
ارتفعت أسعار السكر المكرر لتُسجل أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد خلال هذا الأسبوع، في حين يقترب السكر الخام من تسجيل أعلى مستوى يشهده منذ أكثر من 6 سنوات. كما تشهد الإمدادات العالمية ضيقاً لأسباب شتى أهمها أن الهند، وهي واحدة من أكبر البلدان الموردة للسكر، خفضت صادراتها بعد أن أضرت الأمطار بمحصول قصب السكر وفي ظل تحويل المزيد من السكر إلى إنتاج الوقود الحيوي.
تراجع صادرات الهند من السكر
يُتوقع أن تتراجع صادرات الهند إلى النصف تقريباً لتصل إلى 6 ملايين طن في العام المنتهي في سبتمبر، بعد أن بلغت 11 مليون طن في العام السابق، وقد تواصل تراجعها لتصل إلى 4 ملايين طن في الموسم المقبل، وفقاً لمسح "بلومبرغ" للتجار والمحللين، وهو ما يُقلل من الامدادات المتوفرة في السوق التي قد تشهد نقصاً حاداً خلال العام المقبل وفقاً لشركات "غرين بوول" (Green Pool) و"كوفريغ أناليتيكس" (Covrig Analytics).
أسعار السكر العالمية ترتفع رغم فائض الإمدادات
إذا صدرت البلاد كميات من المحليات تقل عن ما كان متوقعاً في الموسم المقبل، ستشهد الأسعار ارتفاعاً ملحوظاً لاستخراج السكر من أي بلد آخر في العالم"، كما قال هنريكي أكامين، رئيس قسم السكر والإيثانول في "تروبيكال ريسيرش سرفيس" Tropical) Research Services) .
أشار أكامين إلى أن الهند مسؤولة عن تصدير 6 ملايين طن من ميزانيتنا العمومية لتدفقات تجارة السكر الدولية لعامي 2023 و2024. مُضيفاً: "إذا قمت ببساطة بإزالة نصف ما نتوقعه، سيقع التدفق التجاري في عجز".
أدت القفزة الكبيرة في أسعار السكر بالفعل إلى تفاقم تأثير التضخم في المملكة المتحدة حيث يدفع المتسوقون المزيد لشراء المخبوزات والحلويات والمشروبات الغازية.
التضخم في المملكة المتحدة يتسارع بشكل مفاجئ في فبراير
الأمطار تؤخر حصاد قصب السكر
رغم أن البرازيل، أكبر دولة مصدرة للسكر، تتوقع إنتاجاً وفيراً لقصب السكر، إلاّ أن الأمطار أخرت فترة الحصاد كما تُعيق قدرة الموانئ المحدودة وصول الإمدادات إلى السوق العالمية، حيث تجمع البلاد أيضاً محصولاً قياسياً من فول الصويا. يُرجح أيضاً أن يشهد الإنتاج تراجعاً في تايلندا، وهي مصدر رئيسي آخر، عن ما كان متوقعاً لهذا العام.
أدت الزيادة المستمرة في الاستهلاك العالمي وتراجع المخزونات إلى جعل إمدادات السكر من الهند أكثر أهمية للسوق العالمية. في إشارة إلى مدى أهمية الهند، سجلت أسعار السكر أعلى مستوى لها منذ ست سنوات في يناير بسبب المخاوف التي تنذر من أن البلاد لن توافق على شحن المزيد من الصادرات هذا الموسم. إلا أن هذه الأسعار شهدت تراجعاً ملحوظاً عقب إعلان الحكومة في مارس عن سماحها بتصدير المزيد من الشحنات.
الهند تتجه لتقييد صادراتها من السكر لحماية إمداداتها الغذائية
يعزى التراجع في صادرات الهند إلى انخفاض الإنتاج في البلاد وزيادة استهلاك قصب السكر وتحويله لإنتاج الوقود الحيوي. كما أدت الأمطار الغزيرة إلى خفض محاصيل قصب السكر في ولاية ماهاراشترا التي تمثل أكثر من ثلث إنتاج السكر في البلاد. تتوقع وزارة الغذاء تراجع الإنتاج الوطني إلى 33.6 مليون طن في الموسم الجاري، وهو ما يمثل انخفاضاً عن التوقعات السابقة التي تراوحت بين 35.2 و35.9 مليون طن قبل عام.
الوقود الحيوي يستهلك مزيداً من السكر
ذكر عدد من التجار والمحللين أنه في حين لا يزال تقييم إنتاج الهند في الموسم الذي يبدأ في أكتوبر مبكراً، تتراوح توقعات الإنتاج بين 32 و34 مليون طن، مع احتمال تراجع المحصول إذا تسببت ظاهرة "النينو" بطقس جاف. قال رحيل شيخ، العضو المنتدب لشركة "مير كوموديتيز إنديا" (Meir Commodities India): "يوفر إنتاج 32 مليون طن من السكر فائضاً قابلاً للتصدير يتراوح بين 4 إلى 4.5 مليون طن".
الوقود الأخضر يثير المخاوف من تضخم أسعار الغذاء
في الوقت نفسه، يُتابع رئيس الوزراء ناريندرا مودي برنامجاً قوياً لإنتاج الوقود الحيوي، حيث سيتطلب استهلاك المزيد من قصب السكر وتحويله لإنتاج الإيثانول. تُشير الحكومة إلى فوائد هذه العملية، حيث تقلل من تلوث الهواء وخفض فواتير استيراد النفط والاستفادة من زيادة الإنتاج المحلي وتعزيز دخل المزارعين.
يُرجح أن يستهلك البرنامج كمية القصب المستخدمة لإنتاج السكر. تخطط الحكومة لتحويل 5 ملايين طن من السكر لصنع الإيثانول خلال هذا الموسم، ارتفاعاً من 3.6 مليون طن في العام السابق. يتمثل الهدف النهائي للهند بتحويل 6 ملايين طن سنوياً من قصب السكر نحو إنتاج الوقود الحيوي بحلول عام 2025.
