بنوك في "وول ستريت" تحذّر من أن الضغوط المتنامية ستدفع البنك المركزي قريباً لتخفيض قيمة العملة مرة أخرى

توقعات خفض الجنيه المصري تزداد مع احتدام الأزمة

مستهلك يمسك بأوراق بنكنوت مصري أثناء عملية شراء في سوق مواد غذائية بالمنيرة بمنطقة إمبابة في محافظة الجيزة، مصر  - المصدر: بلومبرغ
مستهلك يمسك بأوراق بنكنوت مصري أثناء عملية شراء في سوق مواد غذائية بالمنيرة بمنطقة إمبابة في محافظة الجيزة، مصر - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يدخل المتداولون في أطول موجة تحوط من انخفاض الجنيه المصري، إذ تحذّر بعض بنوك "وول ستريت" من أن الضغوط المتنامية على العملة قد تضطر البنك المركزي المصري قريباً إلى السماح بتخفيض جديد لقيمة العملة.

قد لا يسعف الوقت الدولة، إذ تواجه ما أسماه بنك "سيتي غروب" طلباً مكبوتاً متنامياً على الدولار الذي لن يتراجع دون تحلّي العملة بالمزيد من المرونة وزيادة التدفقات الاستثمارية. لم تكن أنصاف الحلول كافية، إذ تعطلت الصفقات ونتج عنها أداء ضعيف للسندات المصرية.

ويعكس حكم السوق أيضاً تدقيقاً في التعهد الذي قدمته مصر في أكتوبر الماضي بالتحرك تجاه سعر صرف مرن، الذي ساعدها على إتمام صفقة مع صندوق النقد الدولي حجمها 3 مليارات دولار. لكن حركة الجنيه كانت مقيّدة لأسابيع، إذ أصبحت الآفاق المستقبلية المتردية للتضخم في البلاد محور تركيز السلطات، خصوصاً بعد رفع أسعار الوقود وقبل أيام قليلة من حلول شهر رمضان.

كتب فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في "غولدمان ساكس"، في مذكرة أن التضخم المتسارع يضيف للضغوط على العملة، التي جرى تداولها "عند مستويات ثابتة نسبياً" منذ خفض قيمة العملة في يناير الماضي، "رغم المؤشرات الواضحة على النقص المستمر في سيولة العملة الأجنبية".

توترات السوق

قبيل المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي المقررة خلال الشهر الجاري، تشير سوق المشتقات إلى تراجع أكبر للجنيه، حتى بعدما أدى تخفيض العملة 3 مرات في العام الماضي إلى تراجع قيمتها بما يقارب النصف.

سجلت سوق عقود الجنيه المصري غير القابلة للتسليم لأجل شهر وتلك لأجل 12 شهراً خسائر للأسبوع الـ10 على التوالي خلال تعاملات الأسبوع الماضي، وهي أطول موجة خسائر لها في البيانات التي تعود إلى عام 2007.

وفي مقياس آخر للتوقعات بخفض قيمة العملة، يجري تداول شهادات إيداع البنك التجاري الدولي- مصر (CIB) في بورصة لندن بانخفاض 14% عن قيمة أسهم البنك في البورصة المصرية.

قال إدوين غوتيريز، رئيس قسم تحليلات الديون السيادية للأسواق الناشئة في "أبردن" (abrdn)، ومقرها لندن، إن مصر ستحتاج لتخفيف قبضتها على الجنيه "عاجلاً وليس آجلاً".

أضاف غوتيريز: "لا تزال العملة محكومة مدارة على نحو كبير، وهو ما لا يود صندوق (النقد الدولي) رؤيته– ولا مديرو ديون الأسواق الناشئة أيضاً. تشير هذه العوامل إلى مزيد من الانخفاض في العملة، وهو ما سيتسبب في ارتفاع التضخم، إذ لا تحصل (البلاد) على أي تدفقات مالية داخلة".

الطلب المتراكم على الدولار

تواجه أكبر الدول العربية من حيث التعداد السكاني، صعوبات من جديد للإفراج عن واردات بمليارات الدولارات ظلت محجوزة في موانئها. وأدى ذلك إلى تراكم الطلب على العملة الصعبة، كما فاقم تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على إحدى أكبر مشتري السلع الأولية، مثل القمح، في العالم.

يُقدر الطلب المتراكم في الوقت الحالي بنحو 4 مليارات دولار، بعدما كان يبلغ 2.5 مليار دولار في يناير، وفقاً لـ"سيتي غروب". وأضاف البنك، في تقرير صدر الأسبوع الماضي، أن الودائع بالعملة الأجنبية سجّلت أكبر زيادة في يناير منذ يوليو الماضي، ما يعكس تدهوراً في الثقة.

وفي مواجهة نفاد صبر المستثمرين، إلى جانب الشكوك بشأن التقدم الذي أحرزته في مسعى بيع الأصول، قالت الحكومة إنها ستبدأ عملية طرح شركتين تابعتين للجيش خلال الأسبوع الجاري، كما تخطط لطرح 4 شركات ضخمة أخرى.

قد يضطر البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 300 نقطة أساس خلال اجتماعه في وقت لاحق من الشهر الجاري، بعدما فاقت بيانات التضخم لشهر فبراير التوقعات بكثير، حسبما أفاد "غولدمان ساكس".

في فبراير، تحدى صُناع السياسات أغلب توقعات المحللين بالإبقاء على تكاليف الاقتراض دون تغيير للمرة الأولى منذ سبتمبر الماضي، قائلين إنهم كانوا يقيِّمون تأثير رفع الفائدة بـ800 نقطة أساس خلال عام 2022.

حل أزمة الجنيه

من شأن انخفاض الجنيه المصري تخفيف الضغوط على ميزان المدفوعات في مصر ويجعل التعامل مع فجوة التمويل أكثر سهولة، رغم ما يصاحبه من مخاطر ارتفاع التضخم.

تراجعت العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لأجل شهر قرابة 4% منذ نهاية فبراير لتصل إلى 32.6 جنيه للدولار، فيما وصلت العقود لأجل 12 شهراً إلى نحو 38 جنيه للدولار.

العقود الآجلة غير القابلة للتسليم أو (NDFs) هي اتفاقيات بين أطراف متقابلة على شراء أو بيع عملة، ويتم خلالها تحديد سعر محدد مسبقاً للعملة في المستقبل، ولكن دون تبادل العملة فعلياً. عند الاستحقاق، يتم تحصيل الأرباح أو الخسائر عن طريق حساب الفرق بين سعر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم وفق ما تم الاتفاق عليه وسعر السوق (الفورية) في ذلك الوقت.

وجرى تداول العملة عند نحو 31 جنيهاً مقابل الدولار، اليوم الإثنين. كما أنها تراجعت نحو 2% منذ نهاية يناير، أي أقل من التراجع الذي شهده الروبل الروسي والبيزو الأرجنتيني والكواشا الزامبي والوون الكوري الجنوبي.

سعر الصرف الفعلي الحقيقي للعملة المصرية أقل بنسبة 23% من متوسط سعره خلال 10 سنوات، وفقاً لـ"سيتي غروب".

كتب محللو "سيتي غروب"، بمن فيهم ليديا رانغابانايكن، التي تعمل في لندن، في تقرير: "يبدو المستثمرون في الخارج مستعدين للرهان على تخفيض آخر للعملة– مرة أخرى".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك