انخفضت قيمة ثاني أكبر عملة مستقرة مربوطة بالدولار في قطاع التشفير، اليوم السبت، لتُتداول عند مستوى منخفض يصل إلى 81.5 سنت، متأثرة بتعرض الشركة المُصدرة "سيركل إنترنت" (Circle Internet Financial)، على "سيليكون فالي بنك" المنهار.
تُعد عملة "يو إس دي كوين" (USD)، أو "يو إس دي سي" (USDC)، من العملات الرئيسية في أسواق التشفير، ومن المفترض أنها تعادل قيمة ثابتة قدرها دولار واحد، مدعومة بالكامل باحتياطيات النقدية وسندات الخزانة قصيرة الأجل، لكن 3.3 مليار دولار من هذا المخزون البالغ 40 مليار دولار تقريباً يوجد في "سيليكون فالي بنك"، الذي أصبح لتوه أحد أكبر إخفاقات البنوك الأميركية في التاريخ الحديث.
صادرت الجهات التنظيمية البنك، أمس الجمعة، بينما ينتظر المستثمرون مزيداً من الوضوح بشأن عودة الودائع، في الوقت الذي انخفضت عملة "يو إس دي كوين" إلى أقل من دولار واحد، حيث تم تداولها عند نحو 90 سنتاً اعتباراً من الساعة 3:28 مساءً في سنغافورة اليوم السبت، كما انخفضت العملات المستقرة الأصغر مثل "دي إيه آي" (DAI) و"باكس دولار" (Pax Dollar) وهي عملات مربوطة بالدولار، ما يُعد علامة على تزايد التوتر.
لم تنتشر المخاوف حتى الآن إلى أكبر عملة مستقرة ممثلة "تيذر" Tether، والتي بلغت دولاراً واحداً. واجهت شركة "تيذر" في السابق تدقيقًا بشأن احتياطياتها. وتمر أسواق التشفير الأوسع بأسبوع مؤلم، ولكنها كانت ثابتة اليوم السبت، مع تغيير سعر "بتكوين" بشكل طفيف.
"فشل البجعة السوداء"
وصف دانتي ديسبارت، كبير مسؤولي الاستراتيجية في "سيركل"، سقوط في "سيليكون فالي بنك" بأنه "فشل البجعة السوداء" في النظام المالي الأميركي، قائلاً في تغريدة إنه من دون خطة إنقاذ فيدرالية، ستكون هناك "تداعيات أوسع على الأعمال التجارية والمصرفية ورجال الأعمال".
تظهر بيانات "كوين جيكو" أن هناك معروضاً متداولاً لعملة "يو إس دي كوين" يبلغ نحو 41 مليار رمز مشفر بقيمة سوقية تبلغ نحو 36 مليار دولار. وتم استرداد ملياري دولار من العملة المستقرة خلال الـ24 ساعة الماضية، وفقاً لشركة أبحاث "بلوكتشين نانسين" (blockchain Nansen). وأشارت البيانات التي جمعتها "بلومبرغ" إلى تداول "يو إس دي كوين" عند مستوى منخفض يصل إلى 81.5 سنتاً.
تهدف العملات المستقرة مثل "يو إس دي كوين" إلى الاحتفاظ بقيمة محددة مقابل أصل آخر عالي السيولة مثل الدولار الأميركي. وتأتي تلك العملات في أشكال متنوعة وبعضها، مثل "سيركل" يكون مدعوماً باحتياطيات من النقد والسندات. وغالباً ما يوقف المستثمرون الأموال في العملات المستقرة في أثناء تنقلهم بين تداولات العملات المشفرة.
مع تفاقم عمليات البيع في "يو إس دي كوين"، قالت شركة "كوين بيس غلوبال" (Coinbase Global Inc)، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها إنها "ستوقف مؤقتاً" تحويل "يو إس دي كوين" إلى الدولار الأميركي خلال عطلة نهاية الأسبوع، وستستأنف يوم الإثنين عندما تفتح البنوك أبوابها.
مخاوف عدم السيطرة
كان للانخفاض في "يو إس دي كوين" تأثير غير مباشر على تطبيقات التمويل اللامركزية التي تسمح للمستخدمين بالتداول والاقتراض وإقراض العملات المعدنية، والتي تميل إلى الاعتماد بشكل كبير على أزواج التداول التي تنطوي على العملة المستقرة.
قال تيونغ هنغ، الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار في العملات المشفرة ساتوري ريسيرش، حول فشل "سيليكون فالي بنك": "ما لم تكن هناك خطة إنقاذ ملموسة في نهاية هذا الأسبوع، أعتقد أن الأسواق ستكون شنيعة مرة أخرى الأسبوع المقبل".
كان قطاع التشفير يعاني بالفعل من هزيمة مطولة، أدت إلى خفض تريليوني دولار من قيمة الأصول الرقمية منذ نوفمبر 2021، ما أدى إلى سلسلة من الانهيارات الداخلية مثل العملة المستقرة "تيرا يو إس دي"، وصندوق التحوط "ثري آراوز كابيتال" (Three Arrows Capital)، وبورصة "إف تي إكس" (FTX).
حاول رمز "تيرا يو إس دي" -المعروف باسم "يو إس دي تي" (USDT)- استخدام مزيج من الخوارزميات وحوافز التداول التي تتضمن رمزاً شقيقاً، وهو "لونا" (Luna)، للاحتفاظ بقيمته. وأدى محو 60 مليار دولار من خلال هذا النظام إلى تكثيف التدقيق التنظيمي العالمي للعملات المستقرة.
قال هاوهان شو، الرئيس التنفيذي لشركة "أبيفيني" (Apifiny)، وهي منصة تداول مؤسسية: "أعتقد أن الذعر في السوق" أدى إلى تسعير يو إس دي سي" كما لو كان يُسعر "يو إي دي تي" خلال انهيار "لونا"، وأضاف": "ما يحدث جاء مدفوعاً بتعرض سيركل لـ"سيليكون فالي بنك"، وقيام كوين بيس بإغلاق عمليات تحويل يو إس دي كوين".
محاولة طمأنة العملاء
استخدمت شركات التشفير بما في ذلك "بينانس" و"تيذر"، أمس الجمعة، موقع "تويتر" لمحاولة طمأنة عملائها بشأن أي مخاطر يشكلها البنك الفاشل.
غرّد "تشانغ بينغ زهاو" الرئيس التنفيذي في "بينانس" أكبر بورصة للأصول الرقمية، بأن الشركة ليس لديها تعرض على البنك، وأن أموالها آمنة.
قالت شركة باكوس تراست" (Paxos Trust Co)، الجهة المصدرة لعملة "باكس دولار"، وبورصة التشفير "جيميناي" (Gemini)، إنهما لا تربطهما علاقة بالبنك، وفقاً لبيانات على حساباتهما الرسمية على "تويتر".
وذكر باولو أردوينو، كبير مسؤولي التكنولوجيا في "تيذر" عبر تغريدة أخرى أن أكبر عملة مستقرة لا تتعرض لـ"سيليكون فالي بنك". وعلى النقيض من ذلك، يمتلك بنك التشفير المفلس "بلوك فاي" (BlockFi) نحو 227 مليون دولار في حساب بالبنك المنهار، وفقاً لأوراق المحكمة.