مؤشر المصارف الكبرى يتراجع مع انهيار شركة إقراض الشركات الناشئة 60%

سقوط "سيليكون فالي بنك " ينبغي أن يخيفنا جميعاً

متداولون يعملون في قاعة تداول بورصة نيويورك التجارية بتاريخ 27 فبراير 2023 في مدينة نيويورك - المصدر: بلومبرغ
متداولون يعملون في قاعة تداول بورصة نيويورك التجارية بتاريخ 27 فبراير 2023 في مدينة نيويورك - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

كان الخميس الماضي يوماً عصيباً على قطاع الصيرفة. تراجع مؤشر "كيه بي دبليو بنك إنديكس" القياسي 8.1% في أكبر هبوط له خلال يوم واحد منذ يونيو 2020. كان الخاسر الأكبر في المؤشر مجموعة "إس في بي فاينانشال غروب"، الشركة الأم لـ "سيليكون فالي بنك" (Silicon Valley Bank)، التي هوت 60%.

لا يعود ذلك إلى أن "سيليكون فالي بنك" كان يشارك مصارف "جيه بي مورغان تشيس أند كو" "سيتي غروب" و"بنك أوف أميركا" أزمة لديهم؛ بل يرجع إلى أن أسهم تلك المؤسسات المصرفية العملاقة - يمكن القول إن الأمر كذلك في سوق الأسهم بأكملها – هي التي هبطت بسبب البنك. تمهل! ما هو "بنك سيليكون فالي"؟

لا يعد المصرف الذي يقع مقره في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا اسماً معروفاً بدرجة كبيرة، لا يعتبر مؤسسة كبيرة بما فيه الكفاية لكي يُحدث أزمة مصرفية على المستوى الوطني. مع إدارته لنحو 212 مليار دولار من الأصول، فإن حجمه أقل من عُشر "جيه بي مورغان". عملياً، يركز المصرف على أنشطة متخصصة تماماً، حيث يمول بصفة أساسية الشركات الناشئة ذات الصلة بأنشطة التكنولوجيا.

مفأجاة "سيليكون فالي" للأسواق

تكمن المشكلة في هذه النقطة. فقد فاجأت الشركة الأم لـ"سيليكون فالي بنك" السوق بوقت متأخر من الأربعاء الماضي بالإعلان عن بيعها 21 مليار دولار تقريباً من الأوراق المالية في محفظتها الاستثمارية، ما يجعلها تتكبد خسارة 1.8 مليار دولار بعد خصم الضرائب خلال الربع الأول من العام الجاري. كما باعت "إس في بي" أسهماً عادية بـ1.25 مليار دولار و500 مليون دولار، وأوراقاً مالية بـ500 مليار دولار التي تشكل أسهماً ممتازة قابلة للتحويل. علاوة على ذلك، تعهدت "جنرال أتلانتيك" (General Atlantic) بشراء أسهم عادية بقيمة 500 مليون دولار، ما زاد إجمالي المبلغ بـ 2.25 مليار دولار تقريباً.

"بنك سيليكون فالي" يسابق الزمن لمواجهة سحب العملاء لودائعهم

لكي أكون واضحاً، فإن الاضطرار لجمع الأموال خلال مدة زمينة قصيرة لا يعبر إطلاقاً بصورة جيدة عن موقف المصرف. لكن ما ظهر باعتباره مفاجئة للجميع هو السبب الذي طرحته "إس في بي" كمبرر لاحتياجها لرفع رأس المال والمتمثل في أن تلك الشركات الناشئة صاحبة الودائع بالمصرف بدأت تسحب الأموال. يبدو هذا معقولاً. جف تمويل رأس المال المغامر إذ تجعل الزيادات الضخمة لأسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المستثمرين أشد حذراً، خاصة في ظل مخاوف من دخول حتمي للاقتصاد في الركود. تراجع هذا التمويل 35% السنة الماضية، بحسب شركة رأس المال الجريء "بارتك بارتنرز" (Partech Partners).

بحسب "بلومبرغ نيوز"، ترتبط "إس في بي" بأعمال مع نصف كافة الشركات الناشئة الممولة برأس مال جريء تقريباً في الولايات المتحدة الأميركية، و44% من شركات التكنولوجيا والرعاية الصحية الأميركية الممولة برأس مال جريء والتي طرحت للتداول في البورصة السنة الماضية. تعرضت هذه القطاعات للدمار جراء زيادة أسعار الفائدة لمكافحة التضخم في الولايات المتحدة التي أدت لانهيار التقييمات واضطرت الشركات للبحث عن السيولة النقدية، حسبما ذكرت "بلومبرغ نيوز". أشار غريغ بيكر الرئيس التنفيذي لشركة "إس في بي" عبر رسالة إلى حاملي الأسهم الأربعاء الماضي: "نلجأ لهذه التدابير نظراً لأننا نتوقع أن تواصل أسعار الفائدة ارتفاعها، والضغط على الأسواق العامة والخاصة، وتصاعد مستويات استنفاد النقد من عملائنا أثناء استثمارهم في أنشتطهم الخاصة".

ما أهمية الشركات الناشئة لأميركا؟

من الصعوبة بمكان أن أبالغ في تقدير أهمية التكنولوجيا وقطاعات الشركات الناشئة بالنسبة للاقتصاد الأميركي. قبل الأزمة الأخيرة بالأسواق، كانت القيمة التي ولدتها الشركات الناشئة عالمياً تعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، وتخطت قيمة عمليات تمويل الشركات الناشئة خلال 2021 البالغة 600 مليار دولار في كافة أنحاء العالم، بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الصادر السنة الماضية.

صعد مؤشر "أف أيه إن جي بلس" (+FANG) لشركات التكنولوجيا الكبري ببورصة نيويورك التجارية، الذي يتعقب أداء شركات التكنولوجيا الرائدة على غرار شركات "ميتا بلاتفورمز" و"أبل" و"أمازون" و"نتفلكس" و"ألفابت" الشركة الأم لـ"غوغل" بما يفوق 700% في الفترة بين 2016 وأواخر 2021، ما جعل مكاسب مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" 150% ضئيلة بالمقارنة معها. منذ ذلك الوقت، تراجع مؤشر "أف أيه إن جي بلس" بنحو 32%.

تتفاقم عمليات خفض الوظائف بالقطاع. أكدت شركات "تشالنجر غاري أند كريسماس" (Challenger, Gray & Christmas) يوم الخميس أن مجموع العمليات المعلنة لتقليص حجم القوى العاملة بقطاع التكنولوجيا بلغ 20442 وظيفة في فبراير الماضي، ما يتخطى بكثير قطاع التجزئة الذي جاء بالمرتبة الثانية بـ8544 وظيفة.

رغم صعود أسعار الفائدة القياسي من مستوى قرب الصفر في مارس الماضي إلى 4.75% حالياً، فقد استطاع الاقتصاد تفادي السقوط في ركود كما كان متوقعاً من قبل الغالبية. ربما تكون مشكلات "سيليكون فالي بنك" هي العلامة الأولى لبدء حدوث ركود اقتصادي. بهذا المنطق، لا غرابة في أن هذا المصرف أثار ذعر جميع الناس.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة