دفعت زيادة أسعار الغذاء، وانخفاض الجنيه مقابل الدولار، إلى تسارع التضخم في مدن مصر خلال فبراير لأعلى مستوى منذ أكثر من 5 سنوات، ليواصل بذلك مساره الصعودي متفوقاً على توقُّعات المحللين، في ظل الارتفاع المتواصل لكل أسعار السلع والخدمات في أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان.
بحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قفزت أسعار المستهلكين في مصر 31.9% خلال فبراير، على أساس سنوي، مقابل 25.8% في يناير، متجاوزةً بذلك توقُّعات المحللين، بتسجيلها أعلى مستوى منذ أغسطس 2017 عندما بلغت حينها 31.9%. أمّا على أساس شهري؛ فبلغ التضخم 6.5% وهو الأعلى منذ مارس 2007.
معدل التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار السلع الأكثر تقلباً قفز إلى 40.3% في فبراير من 31.2% في يناير، وفق بيانات البنك المركزي الصادرة الخميس، ليسجل أعلى مستوى له على الإطلاق.
حرّرت مصر سعر عملتها المحلية 3 مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، مما دفع سعر الجنيه المصري للانخفاض مقابل الدولار بنحو 25% خلال الشهرين الأخيرين، وبأكثر من 95% منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية في مارس الماضي، ليُتداول حالياً عند حدود 30.91 جنيه لكل دولار.
أسعار الغذاء
يوسف البنا، المحلل المالي في "نعيم المالية"، أرجع استمرار ارتفاع التضخم إلى "الزيادات المطّردة في أسعار الطعام بسبب تفاقم تكاليف الإنتاج تحت ضغط من استمرار تراجع قيمة العملة المحلية".
تعاني الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر خلال السنوات الماضية من ارتفاع حادّ في الأسعار طال كل السلع والخدمات، وتحاول الحكومة التخفيف عن كاهلهم عبر انتشار منافذ ثابتة تابعة لجهاز الخدمة الوطنية ووزارة الداخلية لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة.
السيسي يعلن زيادة الحد الأدنى للأجور ومعاشات التقاعد في مصر
أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في وقت سابق من هذا الأسبوع زيادة الحد الأدنى للأجور بمقدار 1000 جنيه على الأقل، بجانب زيادة معاشات التقاعد والمستفيدين منهم بنسبة 15% اعتباراً من أول أبريل المقبل، ورفع حدّ الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي من 24 ألف جنيه (800 دولار أميركي) إلى 30 ألف جنيه (نحو ألف دولار أميركي) سنوياً، اعتباراً من أول أبريل أيضاً.
"الكشري" لم يعُد بمتناول الفقراء في مصر
التوقعات لسعر الفائدة
من شأن ارتفاع التضخم بهذه الدرجة الكبيرة أن يضغط على لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة في اجتماعها التالي في 30 مارس المقبل، بعد أن أبقى خلال آخر اجتماع في 2 فبراير أسعار الفائدة دون تغيير، علماً أنَّ "المركزي" رفع الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس على مدى العام الماضي للتصدّي للضغوط التضخمية.
وفي إفادة بالبريد الإلكتروني، قالت "اس أند بي غلوبال إنتلجينس": نلتزم برأينا القائل بأن المزيد من التشديد له ما يبرره، ولا يُرجّح أن يستمر التوقف المؤقت في رفع الفائدة الذي تبناه البنك المركزي المصري في اجتماع فبراير. إن هدف التضخم الذي ينشده البنك والرغبة في تحقيق سعر فائدة حقيقي إيجابي يُرجح أن يتركا البنك بلا خيار سوى رفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس في اجتماعه المقبل.
وتتوقع "اس أند بي غلوبال إنتلجينس" "بلوغ ذروة دورة التضخم الحالية في منتصف عام 2023 قبل أن تتراجع ببطء في النصف الثاني من عام 2023".
أما رضوى السويفي، رئيسة البحوث في "فاروس المالية"، فترى أنَّ التضخم "أعلى من متوسط التوقُّعات، مما قد يؤدي لرفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس في الاجتماع المقبل".
ويتماشى ذلك مع توقُّعات "نعيم المالية" بأن يتجه "المركزي" لرفع الفائدة في الاجتماع المقبل ما بين 100 و200 نقطة.
يبلغ سعر الفائدة الحقيقي في مصر سالب 15.65% وفقاً لآخر بيانات للتضخم. سعر الفائدة الحقيقية هو معدل الفائدة الاسمي مطروحاً منه معدل التضخم.