يُظهر الاقتصاد الصيني علامات على انتعاش أقوى بعد التخلي عن القيود المفروضة لمواجهة كوفيد، مع تسجيل قطاع التصنيع أكبر تحسن له منذ أكثر من 10 سنوات، ونمو نشاط الخدمات، واستقرار سوق الإسكان.
قال المكتب الوطني للإحصاء في الصين يوم الأربعاء، إن مؤشر مديري المشتريات في قطاع التصنيع ارتفع إلى 52.6 في يناير، وهي أعلى قراءة له منذ أبريل 2012، فيما ارتفع مؤشر آخر غير صناعي لقياس النشاط في قطاعي الخدمات والبناء إلى 56.3. وقد جاءت قراءة المؤشرين أعلى من توقعات الاقتصاديين.
تُقدم مؤشرات مديري المشتريات، أول بيانات شاملة عن تعافي الاقتصاد بعد إلغاء قيود كوفيد في أواخر 2022، حيث بدأت تنحسر موجات الإصابة بالوباء، وعادت الشركات للعمل بشكل طبيعي بعد عطلة رأس السنة القمرية الجديدة.
تضاف هذه الأرقام إلى علامات أخرى على الانتعاش الاقتصادي الحاصل، ما يضع المسؤولين في وضع جيد قبل انعقاد الدورة السنوية للمجلس الوطنى لنواب الشعب الصيني الأسبوع المقبل، والتي ستشهد الكشف عن هدف جديد للنمو.
سياسات جديدة لتعزيز الانتعاش
قال "تشو هاو"، كبير الاقتصاديين لدى "غوتاي جونان إنترناشيونال" (Guotai Junan International)، إنه رغم وجود "عوامل موسمية وأحداث مهمة" أثرت في أرقام مؤشر مديري المشتريات، إلا أن "الاتجاه العام لا يزال يشير إلى انتعاش قوي في بداية عام 2023".
أضاف: "قراءات مؤشر مديري المشتريات الجيدة بمثابة أنباء سارة قبيل الدورة السنوية المرتقبة للمجلس الوطنى لنواب الشعب الصيني"، حيث من المتوقع أن تكشف الحكومة عن المزيد من السياسات الداعمة لتعزيز الانتعاش.
عززت البيانات الأسهم، ودفعت أسعار السلع إلى الارتفاع، حيث ارتفع مؤشر هانغ سنغ الذي يتتبع أداء الشركات الصينية المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 3%، في حين بلغت مكاسب اليوان في التعاملات الخارجية 0.3%.
في أسواق النفط، تأرجح خام غرب تكساس الوسيط من انخفاض سابق، وارتفع 0.5% عند الساعة 11:09 صباحاً في سنغافورة. كما ارتفع النحاس 0.5% في بورصة لندن للمعادن، وكذلك خام الألمنيوم والحديد.
يشير تحسن بيانات التصنيع إلى أن الانتعاش يصبح أكثر توازناً أيضاً، وذلك بعدما تباطأ القطاع الصناعي في البداية بسبب تراجع الصادرات وضعف ثقة الشركات وإجازات العام القمري الجديد، مع الإشارة إلى أن الاقتصاديين يواصلون تحذيرهم من استمرار الضعف في الطلب العالمي، ويرجحون انكماش الصادرات خلال 2023.
[object Promise]إجراءات تحقيق استقرار النمو تؤتي ثمارها
أشارت بيانات أخرى إلى انتعاش الطلب المحلي. فقد زادت مبيعات المنازل في الصين خلال فبراير على أساس سنوي، وهي أول زيادة منذ يونيو 2021، بعدما عزز المسؤولون الدعم الموجّه للقطاع.
كذلك، تزايد الازدحام على الطرق في المدن الكبرى، وعاد عدد ركاب مترو الأنفاق إلى مستويات ما قبل الوباء، فيما ارتفع الإنفاق في المطاعم ومراكز التسوق.
تراجعت الآن موجة كوفيد الأولية التي أعقبت إنهاء العمل بالقيود لمواجهة الوباء، ما أدى إلى تحسن أرقام مؤشر مديري المشتريات لشهر فبراير، وفقاً لما قاله تشاو تشينغ، خبير الإحصاء البارز لدى المكتب الوطني الصيني للإحصاء، والذي قال إن إجراءات تحقيق استقرار النمو في البلاد بدأت تؤتي ثمارها.
كذلك، أظهر استطلاع منفصل خاص لمؤشر مديري المشتريات ركز على الشركات الأصغر، تحسناً في فبراير، حيث ارتفع إلى 51.6 من 49.2 في يناير.
قالت "كايكسن ميديا" و"ستاندرد آند بورز غلوبال" في بيان يوم الأربعاء، إن الزيادة في مؤشر "كايكسن" لمديري المشتريات التصنيعي، كانت مدفوعة بالانتعاش في كل من العرض والطلب، حيث عاد الإنتاج تدريجياً إلى طبيعته.
تركيز على الطلب المحلي
يعطي انتعاش الصين دفعة قوية للتصنيع في أجزاء أخرى من آسيا أيضاً، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات في تايلندا وفيتنام وغيرهما من المنتجين في جنوب شرق آسيا خلال يناير.
في شمال آسيا، كانت الصورة أكثر تفاوتاً، حيث انخفض نشاط المصانع في اليابان، بينما انتعش مؤشر مديري المشتريات في تايوان، لكنه ظل أقل من 50.
تعهد كبار المسؤولين في الصين بإعطاء الأولوية للنمو خلال 2023، مع التركيز على دور الطلب المحلي في دفع الانتعاش، وقال بنك الشعب الصيني في تقريره الأخير بشأن السياسة النقدية، إنه سيوفر دعماً "مستمراً" للاقتصاد الحقيقي، ويتوقف عن "المبالغة" في استخدام التحفيز.
قال نيكولاس وانغ، كبير مستشاري الأسهم لدى "يونيون بانكير بريفي" (Union Bancaire Privée): "تشير أحدث البيانات الاقتصادية إلى أن إعادة فتح الصين لاقتصادها، تسير بشكلٍ جيد".
مع ذلك، أضاف: "في ما يتعلق بنتائج الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، يبدو أن السوق تخفّض التوقعات بشأن خطة التحفيز التي احتسبتها سوق الأسهم إلى حد ما في أسعارها".
تفاصيل أخرى عن مؤشر مديري المشتريات:
- تحسن الإنتاج الصناعي إلى 56.7 في فبراير من 49.8.
- زادت الطلبيات الجديدة إلى 54.1، وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر 2017.
- بلغ مؤشر فرعي لطلبيات التصدير الجديدة 52.4، في أعلى مستوى له منذ مارس 2011.
- بلغ مؤشر يقيس أوقات التسليم من الموردين 52، ليعود بذلك إلى الارتفاع للمرة الأولى منذ يوليو، ويسجل أعلى مستوى منذ ديسمبر 2007.
- ارتفع مؤشر لقياس العمالة في القطاع الصناعي إلى 50.2، وهو أول ارتفاع في عامين.
- سجّل المؤشر الفرعي للعمالة في القطاع غير التصنيعي أفضل قراءاته منذ أغسطس 2018.
- القراءة فوق 50 تمثل التوسع على أساس شهري، في حين أي قراءة ما دون ذلك تشير إلى الانكماش.