تتردد مجموعة من المتفائلين بشأن الأسواق الناشئة في "وول ستريت" في توقع فجر جديد للأصول الأكثر خطورة، حيث يميل هؤلاء إلى نهج أكثر حذراً تجاه عملات الأسواق النامية.
بالنظر إلى أن أغلب الزيادات الحادة على أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي قد أُقرّت بالفعل، يتوقع بعض من أكبر المستثمرين في العالم أن يسلك الدولار قريباً اتجاهاً هابطاً يمتد لسنوات عديدة. مثل هذا التحوّل، من شأنه أن يدعم الأسواق الناشئة، وبالفعل، فقد حفزت هذه التوقعات مكاسب ناهزت 9% في عملات الأسواق النامية منذ أواخر أكتوبر وحتى أوائل فبراير.
تقلبات تردع المشترين المحتملين
لكن التقلبات التي شهدتها الأسواق خلال الشهر الجاري مع صعود العملة الخضراء، دفعت بعض المشترين المحتملين إلى التريث.
بعد بلوغه ذروته.. معاناة العالم بسبب الدولار قد تنتهي أخيراً
يقلق مديرو الأموال بدءاً من "أبردن" (abrdn Plc) إلى "فيديليتي انفستمنت" (Fidelity Investment)، من ألا تكون رهاناتهم صحيحة في ظل أحدث ارتفاعٍ للدولار، خصوصاً بعدما فقد مؤشر لشركة "إم إس سي آي" لعملات الأسواق النامية تقريباً، كل مكاسبه منذ بداية العام وحتى اليوم.
قال جيمس أثاي، مدير الاستثمار في إدارة الفائدة لدى "أبردن" في لندن: "من منظور منهجي أكثر عمقاً، نحن قلقون من تحرك عملات الأسواق الناشئة بشكل كبير جداً وسريع جداً.. لم ينه الاحتياطي الفيدرالي بعد مسار رفع الفائدة، وهناك حالة واسعة من عدم اليقين بشأن آفاق التضخم. ومن دون مبالغة، نحن نتوقع ركوداً أميركياً وعالمياً خلال الأشهر الستة إلى الإثني عشر شهراً المقبلة".
حالة عدم اليقين تلك، ظهرت جلية يوم الجمعة بعد تسجيل مؤشر الأسعار المفضل للفيدرالي زيادة مفاجئة، الأمر الذي عزّز احتمال الإبقاء على أسعار فائدة أعلى في الولايات المتحدة لفترة أطول، وبالتالي، دعم الدولار.
مؤشر لشهية المخاطر يتراجع
ثم تفاقمت التراجعات في مؤشر عملات الأسواق النامية الذي يُرجّح أن يسجل أسوأ شهر له منذ سبتمبر، كما شهد الشهر الجاري هبوط مؤشر صادر عن "جيه بي مورغان تشيس آند كو" يقيس الإقبال على مخاطر عملات الأسواق الناشئة، ليتحوّل إلى المنطقة السلبية في منتصف فبراير للمرة الأولى خلال العام الجاري.
آسيا الناشئة ترفع احتياطياتها النقدية بعد استنزافٍ كبير في 2022
تخلى البات التايلندي بالفعل عن كل مكاسبه التي حققها في بداية 2023 بفضل التفاؤل بعودة السياح الصينيين، كما عاد الراند الجنوب أفريقي -الذي يُنظر إليه كمؤشر على شهية المخاطر- إلى المستويات التي سجّلها للمرة الأخيرة في أواخر 2022.
حتى قبل ارتفاع الدولار يوم الجمعة، اتخذت "أبردن" موقفاً محايداً تجاه فئة الأصول، متوقعة تراجع التقييمات حتى تعكس الركود. وحالياً يشتري المستثمرون في "فيديليتي إنترناشونال" الدولار مقابل البيزو الفلبيني والزلوتي البولندي.
في غضون ذلك، يحذر "غولدمان ساكس" من المصاعب مستقبلاً للراند الجنوب أفريقي الذي يتأثر بشدة بأسعار الفائدة الأميركية.
أجزاء مرنة من السوق
مع ذلك، لا يزال هناك ما يدعو إلى الانتقائية مع صمود عملات اقتصادات ناشئة معينة في وجه الصعود الأحدث للدولار.
بفضل دورات التضخم المحلية والسلع، خالف البيزو المكسيكي والسول البيروفي الاتجاه، وصعدا أمام الدولار في فبراير.
قال بول غرير، مدير أموال مقيم في لندن لدى "فيديليتي": "تبدو اقتصادات أميركا اللاتينية متقدمة كثيراً في ما يخص التضخم ودورة تشديد السياسة النقدية مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى.. أدّى ذلك إلى تقديم المنطقة عائداً حقيقياً قبل احتساب التضخم، ما يدعم تدفقات المحافظ الاستثمارية الداخلة إلى أسواق السندات والصرف المحلية".
"وول ستريت" ترى الرهان على سقوط الدولار الملك سابقا لأوانه
يرى ألفين تان، مدير استراتيجية أسعار العملات الآسيوية لدى "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets) في سنغافورة، أن هناك عملات معينة في آسيا يتوقع أن تصمد خلال فترة مقابل قوة الدولار، خصوصاً إذا تسببت السياسة النقدية المتشددة للغاية في ركود في الاقتصادات الرئيسية.
قال تان: "لا يزال الوون الكوري والبات التايلندي رخيصين نسبياً بحسب ما أرى.. وبالتأكيد إذا تمكنت آسيا من تجنّب الركود خلال العام الجاري، أتوقع المزيد من الصعود للأصول والعملات الإقليمية".