في بعض الأحيان، قد يكون إرسال رؤساء تنفيذيين غير مهيئين أو غير مختبرين للحديث إلى وسائل الإعلام أمراً كارثياً ومضحكاً.
ومن الأمثلة على ذلك ما حدث من "فلاد تينيف"، وهو الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة "روبن هوود فاينانشال" Robinhood Financial) )، تلك الشركة الصغيرة التي لديها تطبيق تداول محبوب من قبل المستثمرين الصغار الذين استبعدوا عمالقة صناديق التحوط في ملحمة "غيم ستوب" (GameStop).
إن "تينيف" يبدو شابا حسن النية، حيث إنه نجح في تخطي عدة تقييمات وهو في طريقه إلى النجومية. ففي عام 2016، وضعته مجلة "فوربس" على قائمة "الثلاثين شخصية دون الثلاثين عاماً"، وفي العام الماضي أضافته مجلة "فورتشن" إلى قائمتها لـ"الأربعين شخصية دون الأربعين عاماً". فلقد جعله نجاح "روبن هوود" ثرياً، وقد تمت دعوته لكي يشارك حكمته مع طلاب المدارس الثانوية والجامعات.
ولكن وسط هوس "غيم ستوب"، قام بإجراء سلسلة من المقابلات البلهاء - والمضحكة أحياناً عن غير قصد - والتي فشلت في إخماد الغضب الناجم عن قراره بمنع عملاء "روبن هوود" من شراء أسهم "غيم ستوب".
وعلى سبيل المثال قال "تينيف": "هناك الكثير من المعلومات المضللة، فهناك أشخاص يقولون إننا أُجبرنا على القيام بذلك من قبل صناع السوق أو أي مشارك آخر في السوق. وأريد فقط أن أخرج وأقول إن هذا عارٍ عن الصحة ... لقد كان هذا قراراً تقنياً وتشغيلياً اتخذناه، لأننا كوسيط لدينا متطلبات مالية بما في ذلك ودائع غرفة المقاصة التي يتعين علينا تقديمها، لذا حمايةً للشركة وحماية عملائنا، قمنا بتعطيل الشراء بشكل مؤقت".
ولكن قوله هذا الذي كان بملء الفم، بعضه يصعب ابتلاعه، لأن ارتفاع أسهم "غيم ستوب"، يرجع جزئياً إلى أن عملاء "روبن هوود" كانوا يشترون هذه الأسهم، فقد انهارت عمليات بيع على المكشوف في صناديق التحوط التي كانت تبيع الأسهم. وبعد ذلك، فجأة، أغلق "تينيف" صنبور الشراء من خلال منصته. من كان يحمي من؟ هو يقول إنه كان يحمي زبائنه. حيث أنه قال: لقد وقفت "روبن هوود" وستظل تقف دائماً مع المستثمر الأفراد - وقدرته على الوصول إلى شراء وبيع الأسهم".
وخلال هذه المقابلة، تجول "تينيف" في كافة الأمور، بينما كان يظهر الدفء والشفافية كروبوت الدردشة. حيث إنه قارن الطلب على خدمات "روبن هوود" بالطلب على مطهرات "كلوركس" و"ليزول" خلال جائحة كورونا، مما يشير إلى أن منصته كانت مربكة بشكل مشابه بسبب الأزمة غير المتوقعة.
وعند سؤاله عن شعوره حول وجود انتقاد مشترك من طرفي النائبة الديمقراطية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز والجمهوري البارز السناتور تيد كروز، قدم رداً كمجنون لأن رده لم يكن سخرية: "نحن سعداء لأن كلا الحزبين قد اتفقا بخصوصنا".
ربما يكون "تينيف" قد أوضح ببساطة أن مشكلة "روبن هوود" مع "ودائع غرفة المقاصة" وهو ما كان يجب عليه إقناع مستثمريه به. لكنه بدلاً من ذلك، كان غير مرتب ومشوشا، وترك شركته غارقة في نظريات المؤامرة حول حقيقة ما جرى فعلاً.
إن غرف المقاصة تساعد شركات السمسرة مثل "روبن هوود" في تسوية الصفقات. ولكن إذا كانت غرفة المقاصة قلقة من أن شركة السمسرة لا تملك المال الكافي لدعم طلبات بمليارات الدولارات - على سبيل المثال، السيولة التي تشتريها "غيم ستوب" –فقد تطلب من شركة السمسرة أن تضخ الأموال الإضافية لحماية غرفة المقاصة من الخسائر.
وإذا لم تتمكن شركة السمسرة من ضخ الأموال، فقد لا تتمكن من البقاء في العمل. وهذا هو المكان الذي وجد فيه "تينيف" نفسه: محاصراً باَليات السوق.
لقاء مع إيلون ماسك
لقد كان "تينيف" قلقاً بشأن بقاء "روبن هوود"، وإنني أشك أنه في تلك اللحظة كان بقاء "روبن هوود" مهماً بالنسبة له أكثر من مصالح المتداولين على منصته. حيث أصبح ذلك جلياً هذا الأسبوع عندما جلس "تينيف" لإجراء مقابلة أخرى – وبجانب من؟، بجانب "إيلون ماسك".
تحدث عملاق "تسلا"، ذلك الفيلسوف الذي نصب نفسه بنفسه، والمضلل بشأن كوفيد- 19 والقاتل غير المتوقع للبائعين على المكشوف، مع "تينيف" على تطبيق "كلوب هاوس" (Clubhouse) وهي منصة تواصل اجتماعي جديدة.
حيث قال "ماسك" مقدّماً "تينيف" بنكتة على طريقة دراكولا: "فلان، مخزوق الأسهم".
فأجاب "تينيف" بقوله: "مرحباً يا رفاق، شكراً لدعوتي، من الجيد الترفه معكم جميعاً"، كما لو كان في يوم آخر على الشاطئ. وأضاف قائلاً: "أحد الأشياء الرائعة هو أن جميع الناس خرجوا على العلن لتقديم الدعم للشركة، أو إن شئتم، تقديم المشورة".
لقد قضى "تينيف" للتو أياماً في مواجهة موجة انتقاد جراء حظره لعمليات شراء "غيم ستوب"، هل بدى له أن الناس يخرجون لدعم شركته؟ إن هذا الدعم لم يكن موجوداً لدى "ماسك"، عند قوله لـ"تينيف": أفشِ لنا السر يا رجل - ماذا حدث الأسبوع الماضي؟ لماذا لا يستطيع الناس شراء أسهم "غيم ستوب"؟ إن الناس يطلبون إجابة".
وللمرة الأولى، قدم "تينيف" إجابة كاملة، عندما أخبر "ماسك" أنه استيقظ في الساعات الأولى من الأسبوع الماضي بمكالمة من غرفة المقاصة في "روبن هوود" تقول: ضع 3 مليارات دولار إضافية لدعم جميع عمليات شراء أسهم "غيم ستوب". ولقد نجح بطريقة ما في بالتفاوض بهذا الشأن وأوصل المبلغ إلى 1.4 مليار دولار ثم بدأ في عمليات التقييد.
وكإجراء إضافي للحماية - لنفسه وشركته - أخبر "تينيف" عملاءه أنه لا يمكنهم شراء "غيم ستوب". ذاك الرجل نفسه الذي ظل يقول إن "روبن هوود" تعني "إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول" إلى الأسهم، هو من أراد وقف التداول بأكثر الطرق غير الديمقراطية.
ورد عليه "ماسك" قائلاً: "يبدو الأمر وكأن هذه الغرفة تتصل بك، وهي تضع مسدس في رأسك، إما تسليم هذا المال أو...."
فأجاب "تينيف": "نعم، أعتقد أن هذا أمر عادل، علينا الالتزام بهذه المتطلبات، فبعد أربع وعشرين ساعة، ضخت فرقنا أكثر من مليار دولار لرأس المال".
وهنا السؤال، إذا كان جمع الأموال سهل لهذه الدرجة، فربما لم يكن على "تينيف" حظر زبائنه. لكنني لست أنا من يدير أعماله.
وكما قال لـ"ماسك" أن شركة "سيتاديل" (Citadel LLC) – وهي شركة تدير صندوق تحوط كبير بالإضافة إلى ذراعها في صناعة السوق "سيتادل سيكيوريتيز" (Citadel Securities)، التي تقوم بالكثير من صفقات "روبن هوود" - لم تجبره على إيقاف عمليات شراء "غيم ستوب".
لذلك، إليكم ملاحظة علاقة الربحية بين "سيتادل سيكيوريتيز" و"روبن هوود".
علينا الانتظار لنرى أنماط التداول التي ستظهر بين عملاء "روبن هوود"، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل "روبن هوود" تقدم تداولات بدون عمولة لصغار المتداولين. لكن هذه قصة أخرى.
إن المغزى من هذه القصة، هو أن الوضوح والشفافية يمكن أن يكونا علاجين. لم يكن يجب أن يستغرق "تينيف" وقتاً طويلاً لشرح سبب قصه لأجنحة المستثمرين الأسبوع الماضي. ربما في المرة القادمة - عندما تكون هناك حتماً جولة أخرى من الإثارة الجنونية حول الأسهم الغامضة - سيساعد "تينيف" و"روبن هود" مستثمريهما، والجميع، على فهم ما يحدث.