لاغارد تستنكر موقف المستثمرين من الزيادات وتستعدّ لإثبات الحاجة إلى كبح التضخم في الاجتماع المقبل

"المركزي الأوروبي" يتهيأ لدحض رهانات المتداولين برفع الفائدة 0.5%

كريستين لاغارد - المصدر: بلومبرغ
كريستين لاغارد - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تهيأت الساحة لاندلاع صدام بين المتداولين الذين يراهنون على تخفيضات أسعار الفائدة من جهة، وكريستين لاغارد، المستعدة مجدّداً لإثبات الحاجة إلى كبح التضخم من جهة أخرى.

استنكرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي موقف المستثمرين قبل 6 أسابيع لاستهانتهم بحجم الزيادات المطلوبة للسيطرة على الأسعار الآخذة في التزايد، ثم كرّرت الرسالة نفسها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا الشهر.

ارتفعت سندات منطقة اليورو في يناير، إذ عاند المستثمرون التحذيرات من تشديد بالغ في الأشهر المقبلة وواصلوا الأخذ في الحسبان مسألة خفض أسعار الفائدة بنهاية العام الجاري.

تقرر أن يعقد كل من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي اجتماعاتهم لتحديد أسعار الفائدة الأسبوع الجاري.

لا يساور الخبراءَ الاستراتيجيين في "نومورا هولدينغز" (.Nomura Holdings Inc) و"سوسيتيه جنرال" (Societe Generale SA) أدنى شكّ في تحديد صاحب المسار الأكثر تشدّداً. هناك أيضاً خطر أن تضفي لاغارد مزيداً من الجمود على تصريحاتها لتحفيز تصحيح السوق إذا جاءت بيانات التضخم الأوروبية أقل اعتدالاً من المتوقع.

توقع أندرزيج شيزيبانياك، الخبير الاقتصادي في "نومورا"، مواجهة بين البنك المركزي الأوروبي والأسواق. فمن الواضح أن الأسواق تبدو حريصة على تحدي شعار البنك المركزي الأوروبي "ارتفاعات متعددة بـ50 نقطة أساس".

زيادة محسومة لأسعار الفائدة

تشير عقود المقايضة إلى أن زيادة الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية يوم الخميس المقبل أمر محسوم، مما سيرفع معدل الإيداع إلى أعلى مستوى في 15 عاماً عند 2.5%. مع ذلك، يرى المتداولون أن هناك فرصة بنسبة 70% فقط لرفع 50 نقطة أساس أخرى في مارس المقبل، ثم الأخذ في الحسبان إجراء تخفيضات على السعر الرئيسي اعتباراً من سبتمبر تقريباً.

هذا على الرغم من الجهود الحثيثة لمسؤولي البنك المركزي الأوروبي. دعت لاغارد في دافوس المتداولين الذين اتخذوا رهانات خفض الفائدة إلى مراجعة موقفهم، فمن الأفضل لهم ذلك حسب قولها. يسعى زملاؤها، بمن فيهم رئيس البنك المركزي الهولندي كلاس نوت، إلى زيادتين إضافيتين على الأقل في سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة.

كتب الخبراء الاستراتيجيون في "سوسيتيه جنرال"، بمن فيهم نينون باتشي، في مذكرة يوم الخميس: "التسعير الحالي في السوق ليس متماسكاً. الاقتصاديون لدينا يتوقعون أن يتوقف البنك المركزي الأوروبي عند 3.75%، مع وجود مخاطر صعودية، مما يعني أن السوق يمكن أن تأخذ في الحسبان زيادات أكثر".

ترى باتشي أن عوائد السندات لأجل 10 سنوات تُتداول من 2.5% إلى 3% في النصف الأول، وتوصي باستخدام الخيارات لتفادي التسعير المفرط لخفض أسعار الفائدة. حتى بعد عمليات البيع الأخيرة، فإن عائدات السندات الألمانية لأجل 10 سنوات دون 30 نقطة أساس من ذروة 30 ديسمبر عند 2.25%. قالت إنه بينما تعوّل السوق على نحو 30 نقطة أساس لتخفيضات أسعار الفائدة بين سبتمبر 2023 ومارس 2024، فإن هذه الرهانات مُبالَغ فيها.

بيانات التضخم لشهر يناير

في الوقت الحالي على الأقل، يبدو الاقتصاد الأوروبي قادراً على تحمل مزيد من الزيادات.

لم يعُد الاقتصاديون في "غولدمان ساكس" يتوقعون حدوث ركود هذا العام، بفضل مجموعة من العوامل الداعمة لهذا التفاؤل، بما في ذلك الشتاء الأكثر دفئاً من المعتاد في أوروبا التي تعاني من نقص الطاقة وتخفيف قيود سلسلة التوريد.

إذا ما قارنت ذلك بالوضع في المملكة المتحدة فإن التوقعات الاقتصادية تبدو أكثر صعوبة. المتداولون أقل يقيناً إزاء رفع بنك إنجلترا نصف نقطة الأسبوع المقبل، إذ تشير عقود المقايضة إلى احتمال حدوث ذلك بنسبة 90%. يبلغ المعدل الحالي 3.5%.

قال جوردون شانون، مدير محفظة في "توينتي فور أسيت مانجمنت" (TwentyFour Asset Management): "يبدو أن جميع الزيادات التي يحتاج البنك المركزي الأوروبي إلى إقرارها غير مأخوذة في الحسبان" أضاف بأن عوائد السندات الحكومية وسندات الخزانة تعكس بشكل أفضل بكثير التشديد الذي سيأتي من بنك إنجلترا وبنك الاحتياطي الفيدرالي.

مع ذلك فإن بيانات التضخم لشهر يناير، المقرر صدورها الأسبوع المقبل، قد تشجع المتداولين على مراجعة تقديراتهم لأسعار الفائدة بشكل أقل إذا كانت هناك علامات على مزيد من التباطؤ، مما يؤدي إلى مزيد من المكاسب للسندات.

انخفض معدل التضخم الرئيسي بالفعل من مستوى قياسي بلغ 10.6% إلى 9.2%، إذ يرى الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع "بلومبرغ" أن وتيرة نمو الأسعار تنخفض إلى 9%.

يتوقع أيضاً أن يتحسن مقياس يستبعد الطاقة والغذاء، وإن كان بشكل طفيف. شدّد مسؤولو البنك المركزي الأوروبي، بمن فيهم جيديميناس سيمكوس، على المخاطر المحيطة بإصرار التضخم الأساسي على البقاء، مشيرين هذا الأسبوع إلى أن زيادات أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس يجب أن تؤخذ في الحسبان.

معركة عالمية لكبح جماح التضخم

على الرغم من ذلك، حتى لو جاءت البيانات أفضل من المتوقع، فإن المعركة العالمية لكبح جماح زيادة الأسعار لا يمكن توقعها، وقد تكون في المستقبل مفاجآت . قد يحتاج المتداولون إلى أخذ أستراليا في الحسبان بوصفها مؤشراً تحذيرياً، فقد أظهرت البيانات هناك هذا الأسبوع أن التضخم زاد إلى أسرع وتيرة في 32 عاماً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022، متجاوزاً التوقعات، الأمر الذي دفع أسواق المال إلى الأخذ في الحسبان زيادة بأسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي الشهر المقبل.

قد يحصل البنك المركزي الأوروبي على مساعدة من "الاحتياطي الفيدرالي"، إذا أشار صانعو السياسة النقدية الأميركية، الذين يتوقع أيضاً أن يرفعوا أسعار الفائدة الأسبوع المقبل، إلى أن مكافحة التضخم لم تنتهِ بعد.

تشير المقايضات المرتبطة باجتماعات البنك المركزي الأميركي إلى أن المتداولين يتوقعون ما يقرب من 50 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة بحلول نهاية العام، فيما تتصاعد علامات التباطؤ، إذ قدّم بنك الاحتياطي الفيدرالي زيادات بـ425 نقطة أساس مقارنة بـ250 نقطة أساس من البنك المركزي الأوروبي، ونما الاقتصاد الأميركي بوتيرة صحية في الربع الرابع، فيما حذر "الاحتياطي الفيدرالي" مراراً وتكراراً من أنه سيترك أسعار الفائدة مرتفعة.

وفقاً لفلوريان إيلبو، رئيس قسم الماكرو في "لومبارد أوديير إنفستمنت مانجرز" (Lombard Odier Investment Managers)، يحتاج البنك المركزي الأوروبي و"الاحتياطي الفيدرالي" إلى الاستمرار في إرسال رسالة مفادها أن الحرب على التضخم لم تنتهِ بعد. أضاف: "عليهم إقناع الأسواق بأن التخفيضات التي أُخذت في الحسبان لا مجال لتطبيقها".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك