نما اقتصاد الفلبين بأسرع وتيرة منذ فترة السبعينيات من القرن الماضي، حيث يشكّل الحفاظ على وتيرة النمو هذه تحدياً وسط ظروف قاتمة.
أظهرت البيانات الصادرة الخميس الماضي أن اقتصاد الفلبين نما بـ7.6% في عام 2022، وهو أفضل أداء يسجّله منذ عام 1976.
يراهن الرئيس فرديناند ماركوس جونيور على أن اقتصاد بلاده يمكن أن يستمر في التوسع بالقرب من مستوى 7% العام الجاري.
مع ذلك، تلوح في الأفق علامات اقتصادية قاتمة في جميع أنحاء العالم، ما يؤدي إلى تفاقم معدلات التضخم المرتفعة منذ 14 عاماً والضغوط المحلية الأخرى، التي يمكن أن تبقي معدل النمو ضعيفاً.
فيما يلي بعض العوامل الجديرة بالمتابعة بشأن اقتصاد الفلبين:
تباطؤ الاستهلاك الشخصي
من خلال القراءة عن كثب في البيانات، نلاحظ أن الاستهلاك الشخصي زاد بـ7% على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة حتى ديسمبر، وهي أبطأ وتيرة له منذ الانكماش الذي شهده في الربع الأول من عام 2021، عندما لم يُعَد فتح البلاد بالكامل. يشير ذلك إلى أن التضخم السريع وتشدّد البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة منذ عقدين من الزمن قد بدآ فعلاً في تقليص النمو.
قال ماكوتو تسوتشيا، الخبير من "أكسفورد إيكونوميكس" (.Oxford Economics Ltd): "ستشهد الدفعة الأولية من الطلب المحصور خلال الأرباع القادمة". أضاف: "سيستمر التضخم المرتفع في الضغط على القوة الشرائية الحقيقية".
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
لا تزال الفلبين تواجه أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تضعف الميزانيات اليومية في البلاد، حيث زادت أسعار البصل والسكر خلال الأشهر الماضية.
كما سيواصل تشديد السياسة النقدية لكبح ارتفاع الأسعار -بمقدار 350 نقطة أساس مع استمرار الزيادة- في الإضرار وتقييد الإنفاق ليطال أجزاء أخرى من الاقتصاد هذا العام. يُعدّ معدل الفائدة الرئيسي عند 5.5% الأعلى منذ عام 2008.
استقبال زوار الصين
يُرجّح أن تسهم إعادة فتح الصين، ثاني اقتصاد في العالم في انتعاش الدول المجاورة، حيث تُعدّ الفلبين من بين الدول المستعدة لاستقبال وافدين من الصين. باعتبارها أكبر شريك تجاري للمنطقة، يُتوقع أيضاً أن تبعث الصين المزيد من الحياة إلى اقتصادات جنوب شرق آسيا التي شهدت تباطؤ الطلب في مصانعها وتراجع معنوياتها. كما شهدت صادرات الفلبين انكماشاً في ديسمبر.
لكن بعيداً عن الصين، فإن صورة نمو الاقتصاد العالمي لا تزال قاتمة. من جهته، يحذر صندوق النقد الدولي، من بين جهات أخرى، من الركود الذي يجتاح العالم هذا العام، ولا يزال الانكماش يشكل نقاشاً ساخناً في الولايات المتحدة.
تحويلات مرنة
عادةً ما تكون التحويلات مرنة خلال الأزمات، حيث يجب أن يستمر تدفق الأموال المرسلة من الخارج إلى الفلبين هذا العام لمواصلة تحفيز معدلات الاستهلاك. في حين يتوقع البنك المركزي زيادة التحويلات النقدية بنسبة 4% هذا العام، فإن تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض البلدان لا يزال يشكّل خطراً رئيسياً يهدد الطلب على العمالة.
مع ذلك، فإن الأموال المرسلة من الفلبينيين من خارج البلاد، إلى جانب ازدهار صناعة التعهيد والبنية التحتية الحكومية، تشكّل نقاطاً اقتصادية مضيئة ومهمة في عام 2023، كما قال مايكل ريكافورت، خبير اقتصادي في "ريزال كوميرشال بانكينغ" (Rizal Commercial Banking Corp).
سيكون الالتزام بتعزيز الحوكمة والأنظمة والشفافية أمراً أساسياً لتحسن المعنويات في البلاد، حسبما قال أرسينيو باليساكان، رئيس الهيئة الوطنية للاقتصاد والتنمية، يوم الخميس.