تيمر: التضخم قد يثبت عند 3% أو 4% فقط دون الهبوط أكثر رغم سيطرة "الفيدرالي" عليه

"فيدليتي": عدم تراجع التضخم لـ2% يدق ناقوس الخطر

جون تيمر، مدير الاقتصاد الكلي العالمي في "فيدليتي إنفستمنتس" - المصدر: بلومبرغ
جون تيمر، مدير الاقتصاد الكلي العالمي في "فيدليتي إنفستمنتس" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كانت النصيحة الأبرز الموجهة للمستثمرين لعدة عقود هي تقسيمهم لمحافظهم الاستثمارية بحيث تكون 60% منها للأسهم و40% للسندات بهدف توليد أفضل العوائد المعدلة حسب المخاطر. ورغم أن تلك الاستراتيجية خلفت نتائج كارثية في 2022 بعدما انخفضت الأسهم والسندات بشكل متزامن، يقول كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في مؤسسة "فيدليتي" إن هذا العام سيكون مختلفاً، ويجب أن يعود الدخل الثابت مرة أخرى كوسيلة للتحوّط إذا استمرت سوق الأسهم الهابطة في خضم التباطؤ الاقتصادي. لكن هناك خطراً كبيراً في هذا الصدد، وهو الفشل في كبح التضخم بالكامل حتى يعود إلى مستوياته المعتادة كما يأمل كثيرون.

لمناقشة هذا الموضوع، انضم جورين تيمر، مدير الاقتصاد الكلي العالمي في "فيدليتي إنفستمنتس" (Fidelity Investments) إلى بودكاست "ماذا يصعد؟" (What Goes Up)، كما طرح توقعاته لهذا العام. وفيما يلي بعض النقاط البارزة على هامش تلك المحادثة التي تم تلخيصها وتحريرها بشكل طفيف لضمان وضوحها:

س: هناك الكثير من التفاؤل حيال السندات حالياً. لدرجة أن البعض يقولون إنك تعكس استراتيجية تقسيم السندات والأسهم بنسبة 60/40 بحيث تصبح 60 أو حتى 70% للسندات، مقابل 30% فقط للأسهم. لكن أحد الأمور الرئيسية التي يقوم عليها ذلك هو الاعتقاد أن التضخم وصل لذروته بالفعل. إلى أي مدى ترى أن هناك خطراً من تصديق فكرة أن التضخم ليس تحت السيطرة بالفعل كما يتمنى الجميع؟ وهل هناك خوف من أننا لا نقدر حجمه بالصورة الصحيحة؟

ج: أعتقد أن هذا الأمر صحيح. وسيتضح هذا الأمر بما لا يدع مجالاً للشك إذا عانينا من ضعف اقتصادي، كما يواصل التضخم انخفاضه حالياً–حيث وصل مؤشر أسعار المستهلكين لذروته عند 9% على أساس سنوي في يونيو الماضي، وابتعد الآن كثيراً عن تلك المستويات- ومعظم الاقتصاديين الذين أتابعهم، وحتى زملائي في "فيدليتي"، يقولون إنه من المرجح استمرار تراجع التضخم حتى يصل على الأقل إلى 4% تقريباً.

لكن الخطر الحقيقي هنا هو احتمال توقف التضخم عند هذا الحد، دون تراجعه إلى مستوى 2%. والشيء الوحيد الذي كان بنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً بشدة بشأنه مؤخراً هو أنه لن يكتفي بأي انخفاض محدود في التضخم- وإنما يجب أن يتراجع إلى مستهدفه البالغ 2%، أو ما يعادل 2% على مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، بينما تكون الأرقام عادة أعلى قليلاً على مؤشر أسعار المستهلكين بسبب التكوين المختلف، ما يعني أن وصول مؤشر أسعار المستهلك إلى 2.5% يعادل هدف الفيدرالي.

ويوجد مصدر تهديد آخر يتمثل في أن أسعار الفائدة الأميركية سترتفع إلى 5% تقريباً في الأشهر الثلاثة المقبلة أو نحو ذلك. لكن هناك تناقضاً بين ما يشير إليه المنحنى الآجل–المقصود به: منحنى معدل التمويل المضمون لليلة واحدة (SOFR) أو تحركات أسعار فائدة التمويل لدى الفيدرالي- وما يقول البنك المركزي إنه عازم على فعله.

هناك خطر أيضاً يتمثل في أن "الفيدرالي" عازم على كبح التضخم حتى يصل إلى هدفه، لأنه إذا لم يفعل ذلك الآن- حتى مع وجود خطر الركود- فقد لا يتمكن من فعل ذلك أبداً ما لم يتخذ إجراءات أكثر صرامة.

وإذا افترضنا أننا دخلنا في ركود اقتصادي خلال النصف الثاني من هذا العام، وتراجع التضخم إلى 4%، وهو مستوى أفضل بكثير بالطبع من 9%، لكنه ليس الانخفاض الذي يسعى الفيدرالي له، ومن ثم تسارع التضخم بعد ذلك في مرحلة النمو الاقتصادي التالية، فسيرتفع حينها من مستوى 3% أو 4% بدلاً من المستويات التي تتراوح عادة بين صفر أو 1%.

كل هذا سيلغي فاعلية السندات كملاذ تحوط في الأزمات، لأنك إذا فكرت في علاوات المخاطر التي تناهز الصفر أو نحو ذلك حالياً، مع افتراض أن التضخم أصبح أكثر ثبوتاً عند المستويات الأعلى- حتى لو كانت تلك المستويات 3% أو 4% فقط- وقتها قد نشهد فترة من وصول أسعار الفائدة الفعلية والاسمية إلى معدلات أعلى بصورة أساسية.

لكن بالنسبة لعام 2023، سيكون التركيز أكثر على مخاطر الركود، وستنقلب استراتجية بناء المحافظ الاستثمارية مرة أخرى بشكل عكسي إلى 40% للأسهم مقابل 60% للسندات، وهو ما حدث بالفعل خلال الأشهر القليلة الماضية، رغم أنها فترة قصيرة نسبياً.

س: هل أنت متأكد من أننا انتقلنا بشكل نهائي من مرحلة القلق بشأن التضخم إلى الخوف على النمو؟

ج: نعم. أعتقد أن هذا صحيح بالنسبة لعام 2023. ربما سنقلق مرة أخرى بشأن التضخم في 2024. لكن خلال الوقت الراهن، من الواضح أن التضخم يتجه نحو التباطؤ. وبالطبع، فإن "الفيدرالي" يركز على سوق العمل، التي ما تزال تعاني من ضيق شديد.

خلال العام الماضي أُنجزت المهمة الأولى التي تمثلت في إعادة ضبط أسعار الفائدة بقيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما نتج عنه صعود تكلفة رأس المال لكل شيء. ويجب أن نشير هنا إلى أن جميع الأصول ما هي إلا القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية. بالتالي؛ عندما تصعد أسعار الفائدة المتدنية في نموذج خصم التدفقات النقدية المنخفض هذا؛ تتدنى القيمة الحالية لتلك التدفقات النقدية، حتى لو واصلت مبالغ تلك التدفقات الارتفاع ظاهرياً.

يفسر هذا ما حدث العام الماضي، ويعبّر عن المرحلة التي انتهينا منها للتو. وفوق كل هذا، أتوقع أن ينخفض مكرر ربحية الأسهم أكثر مما هو حاصل الآن بالفعل، بعدما تراجع من 25 أو نحو ذلك إلى 15، حيث يكون مكرر الربحية جيداً فقط عندما تكون معدلات الربحية قوية، وهذه الربحية هي مصدر الشك الأكبر في 2023.

لكن عندما تفكر في التناقضات الأخرى، تجد أن هناك تناقضاً آخر يبرز على السطح، وهو أن كثيراً من الناس على ما يبدو قلقون بشأن الركود، رغم أن تقديرات الأرباح المجمعة ما تزال تشير إلى النمو الإيجابي المتوقع في 2023. وسأشعر بسعادة أكبر بكثير –وأرتدي قبعتي ذات الألوان المتناقضة- إذا كانت تقديرات الأرباح منخفضة جداً حالياً، لأن ذلك يعني أن هناك مفاجأة سعيدة تنتظر المستثمرين إذا انتهى بنا الأمر إلى عدم حدوث ركود أو المرور بركود طفيف فقط. وعن نفسي لا أشعر بخوف كبير تجاه هذا التناقض.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك